سند "الدولة" بوجه "تنظيم الدولة"

في صيف 2014، استعر الجهاد بين "النصرة" بزعامة الجولاني (الرئيس السوري أحمد الشرع لاحقاً) وبين "تنظيم الدولة الإسلامية" بزعامة الراحل البغدادي. رأيت فيديو فيه الكثير من الطرافة والخزي: كان أحد عناصر "تنظيم الدولة" يُزيل رايةً سوداء تحمل شهادة أن "لا إله الا الله محمد رسول الله" رفعتها النصرة، ليرفع مكانها راية سوداء أخرى تحمل شهادة أن "لا اله الا الله محمد رسول الله"، متذرّعاً في الفيديو بأن "سواد راية مولانا البغدادي أشدّ من سواد راية الجولاني، فهذه فيها بعضٌ من خضرة غير مرغوب فيه ومحرم بشريعتنا".
كان الفيديو الأبلغ تعبيراً عن حال جهاديي سوريا والعراق، وما بلغوه من تكفير، لم يعوّفوا منه جهاديين آخرين، ووضعوا السواد الأعظم من مسلمي سوريا والعراق على محك "الأشد تطرفاً".
اليوم، صار الشرع في القصر رئيساً، بتأهيل أميركي – بريطاني، وبمباركة عربية جامعة بعد مصافحته الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالرياض، وبتوجه نحو السلام مع جواره. وهذا يدعوه فعلياً إلى التخلي نهائياً عن "أسوَد" يلتزمه جِهاديّوه، ليختار ألواناً أشد بهجةً وزهاء، ومنها خمسة ألوان الموحدين الدروز، وزركشة ألوان النوروز، وألوان الأمل عند المسيحيين والعلويين وغيرهم من أقليات سورية، تريد أن تكون حجارةً ثابتةً في موزاييك سوريا الجديدة، ولا تطلب إلا أذناً تصغي لهواجسها، القديمة والمستجدة.
هذا لم يحصل في الساحل، ولا في السويداء، ولا بتفجير كنيسة مار الياس بدمشق، ولا بحرق الكنيسة في الصَّوَرة الكبيرة، والخشية كبيرة من الآتي إلى شمال شرق البلاد.
عاد "تنظيم الدولة"!... ولن يجد الشرع سنداً للدولة أشرس من أبناء هذه الأقليات، إذ بينهم وبين "داعش" ثأر كبير. فليُحاسب كل من اعتدى، وليرمِ الجميع التفرقة خلفه، ولتكن رايةً سوريةً واحدة أشد بهاءً لمستقبل بلا تطرف ولا إقصاء، لا يُبنى إلا بمشاركة السوريين "كلهم".