غريتا ثونبرغ... من قيادة إضراب مدرسي إلى التضامن مع غزة على متن "مادلين"

حققت الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ خطوات مهمة منذ قادت دعوة إلى الإضراب من أجل المناخ بينما كانت في الخامسة عشرة من عمرها.

وعلى الرغم من تعرضها للضرب والاعتقال من قبل الشرطة مراراً، فإنها آثرت أن تكون في عداد الناشطين في السفينة مادلين- تحمل اسم فتاة من غزة - إلى القطاع، وإن عملت الشرطة الاسرائيلية على منعها من الوصول إلى شاطئ غزة. فمن هي ثونبرغ؟

غريتا ثونبرغ، الناشطة السويدية المولودة في استوكهولم عام 2003، اشتهرت عالمياً بعدما بدأت، وهي بعمر 15 عاماً، إضراباً مدرسياً من أجل المناخ في آب/أغسطس 2018. رفعت لافتة كُتب عليها "إضراب المدارس من أجل المناخ"، ودعت من أمام البرلمان السويدي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة ضد التغير المناخي. ألهمت مبادرتها آلاف الطلاب في أنحاء العالم لتنظيم احتجاجات أسبوعية تعرف باسم "أيام الجمعة من أجل المستقبل".

لم يكن طريقها سهلاً، فقد واجهت تحديات نفسية، إذ عانت من الاكتئاب قبل بداية نشاطها، لكنها حولت ذلك إلى قوة. واصلت ثونبرغ مسيرتها، متحدثة في أهم المنابر الدولية مثل مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ 2018، وعبّرت عن مواقفها بوسائل لافتة، منها عبورها المحيط الأطلسي عام 2019 على متن يخت يعمل بالطاقة المتجددة، لتؤكد رفضها للسفر الجوي بسبب انبعاثاته الكربونية.

توالت إنجازاتها وتكريماتها، حيث اختارتها مجلة تايم شخصية العام في 2019، وأُدرجت في قائمة فوربس لأكثر النساء تأثيراً. رغم تخرجها من المدرسة في 2023، استمرت في الاحتجاج، وأصبحت تكتيكاتها أكثر حزماً، ما أدى إلى اعتقالها في مناسبات عدة، مثل اعتقالها في لندن أكتوبر 2023 خلال احتجاج ضد "منتدى استخبارات الطاقة"، واحتجازها في لاهاي نيسان/أبريل 2024 بسبب تظاهرات بيئية.

تحوّل نشاط ثونبرغ في السنوات الأخيرة إلى نطاق أوسع يشمل قضايا العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، خصوصًاً في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية. عام 2023، نشرت دعماً لغزة خلال الحرب، ما أثار انتقادات لعدم إدانتها لهجوم حماس على إسرائيل. لاحقاً أكدت رفضها لهجمات حماس، مع دعوتها لوقف إطلاق النار ودعم حقوق المدنيين. أدى موقفها إلى حذف اسمها من مناهج التعليم الإسرائيلية.

السفينة مادلين

في كانون الأول/ديسمبر 2023، شاركت مع نشطاء في مقالة بصحيفة الغارديان تؤكد أن "لا عدالة مناخية بدون حقوق الإنسان"، مشددين على ضرورة التضامن مع المدنيين في غزة. ثم توالت مشاركاتها في تظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في مالمو، كوبنهاغن، واستوكهولم، حيث اعتُقلت أو أُبعدت قسراً من قبل الشرطة. وصفها بعض الإعلام الغربي بأنها "معادية للسامية"، خاصة بعد تصريحات مثيرة للجدل في ألمانيا مثل: "اللعنة على ألمانيا واللعنة على إسرائيل"، والتي قالتها خلال تجمع مؤيد لفلسطين في مانهايم.

أكدت ثونبرغ في مقابلة لاحقة أن نشاطها لم يعد فقط من أجل المناخ، بل من أجل العدالة عامةً، مضيفة: "جميع أشكال العدالة مشمولة ضمن العدالة المناخية".

غريتا ثونبرغ على متن السفينة مادلين (مواقع التواصل)

في أيار/مايو 2025، خططت للانضمام إلى "أسطول الحرية لغزة"، لكن إحدى السفن تعرّضت لهجوم بطائرة بدون طيار. لاحقاً، صعدت على متن السفينة مادلين التي تحمل مساعدات إنسانية، وكانت تهدف إلى كسر الحصار الإسرائيلي عن غزة. ضمّ الأسطول شخصيات دولية مثل الممثل ليام كانينغهام وعضوة البرلمان الأوروبي ريما حسن. فجر 9 حزيران/يونيو 2025، اقتحمت القوات الإسرائيلية السفينة مادلين في المياه الدولية ونقلتها إلى ميناء أشدود، في عملية أثارت انتقادات دولية.

من جهة أخرى، قاطعت ثونبرغ مؤتمر المناخ COP29 في أذربيجان احتجاجاً على انتهاكات حقوق الإنسان هناك، وزارت جورجيا وأرمينيا بدلاً منه، حيث شاركت في تظاهرات تطالب بالحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان، كما عبرت عن تضامنها مع الأقليات، بما في ذلك دعمها لحركة مجتمع الميم في أرمينيا.

تواصل غريتا ثونبرغ، رغم التحديات، حملتها العالمية من أجل مستقبل مستدام وعادل، مؤكدة أن النضال المناخي لا ينفصل عن باقي أشكال النضال من أجل الكرامة والحرية.