المشرق-العربي 29-05-2025 | 11:12

تعبوا من التشرّد... سوريون ينصبون خيماً قرب أنقاض منازلهم بعد معاناتهم من النزوح

يقول الرجل وهو يفترش الأرض أمام الخيمة المحاذية لحقله "أشعر بالراحة هنا ولو على ‏الركام"
تعبوا من التشرّد... سوريون ينصبون خيماً قرب أنقاض منازلهم بعد معاناتهم من النزوح
أطفال في سوريا مشردون في الخيام (أ ف ب)‏
Smaller Bigger

بعدما قاسى حياة النزوح لنحو 14 عاما، عاد عارف شمطان إلى قريته ‏المدمرة في شمال غرب سوريا بعد سقوط حكم بشار الأسد، مفضّلا خيار ‏العيش في خيمة على أطلال منزله المدمّر، عوض البقاء مشردا في ‏المخيمات.‏

 

فور إطاحة الأسد، عاد شمطان البالغ 73 عاما بلهفة مع ابنه الى قريته ‏الحواش الواقعة عند أطراف محافظة حماة، متفقدا ما تبقى من منزله ‏وأرضه الزراعية للمرة الأولى منذ نزوحه على وقع المعارك الى مخيّم ‏عشوائي قرب الحدود مع تركيا.‏


وبعدما تمكّن من تأمين بعض احتياجاته، قرر قبل نحو شهرين مغادرة ‏المخيم مع عائلته وأحفاده للاستقرار في خيمة متواضعة نصبها قرب ‏منزله الذي تصدّعت جدرانه وبات من دون سقف. وبدأ زرع بستانه ‏بالقمح والخضار.‏

 

ويقول الرجل وهو يفترش الأرض أمام الخيمة المحاذية لحقله، محتسيا ‏كوبا من الشاي، لوكالة "فرانس برس": "أشعر بالراحة هنا، ولو على ‏الركام".‏


ويضيف "العيش على الركام أفضل من العيش في المخيمات" التي بقي ‏فيها منذ عام 2011.‏

 

في قريته التي كانت تحت سيطرة الجيش السوري السابق، وشكّلت خطّ ‏مواجهة مع محافظة إدلب، التي كانت معقلا للفصائل المعارضة لا سيما ‏هيئة تحرير الشام، اختفت معالم الحياة تماما. ولم يبق من المنازل الا ‏هياكل متداعية موزعة بين حقول زراعية شاسعة.‏

ورغم انعدام مقومات الحياة والبنى التحتية الخدمية، وعجزه عن إعادة ‏بناء منزله لنقص الإمكانات المادية، يقول شمطان بينما تجمّع حوله ‏أحفاده الصغار "لا يمكننا البقاء في المخيمات وأماكن النزوح"، حتى لو ‏كانت "القرية كلها مدمرة... لا أبواب فيها ولا نوافد والحياة معدمة".‏

ويتابع "قررنا أن ننصب خيمة ونعيش فيها إلى حين أن تُفرج، ونحن ‏ننتظر من المنظمات والدولة أن تساعدنا" إذ أن "المعيشة قاسية ‏والخدمات غير مؤمنة".‏

 

 

نازحون سوريون يعيشون في الخيام قرب أنقاض منازلهم (أ ف ب)
نازحون سوريون يعيشون في الخيام قرب أنقاض منازلهم (أ ف ب)

 

 

‏"لا خدمات ولا مدارس" ‏
في العام 2019، حين اشتدّ قصف الجيش السوري السابق على القرية، ‏غادر المختار عبد الغفور الخطيب (72 عاما) على عجل مع زوجته ‏وأولاده، ليستقر في مخيم قريب من الحدود مع تركيا.‏


وبعد إطاحة الأسد في الثامن من كانون الاول/ديسمبر، عاد على عجل ‏أيضا. ويقول "كنت أود فقط الوصول إلى بيتي. ومن شدّة فرحتي ‏‏(...)عدت ووضعت خيمة مهترئة، المهم أن أعيش في قريتي".‏

 

ويكمل الرجل "يود الناس كلهم أن يعودوا"، لكن "كثرا لا يملكون حتى ‏أجرة سيارة" للعودة، في بلد يعيش تسعون في المئة من سكانه تحت خط ‏الفقر.‏

ويضيف بينما افترش الأرض في خيمة متواضعة قرب بقايا بيته "لا ‏شيء هنا، لا مدارس ولا مستوصفات، لا مياه ولا كهرباء"، ما يمنع ‏كثرا من العودة كذلك. لكنه يأمل "أن تبدأ إعادة الإعمار ويعود الناس ‏جميعا، وتفتح المدارس والمستوصفات" أبوابها.‏


وشرّد النزاع الذي بدأ العام 2011 بعد قمع السلطات لاحتجاجات شعبية ‏اندلعت ضدّ حكم عائلة الأسد، قرابة نصف عدد سكان سوريا داخل البلاد ‏وخارجها. ولجأ الجزء الأكبر من النازحين الى مخيمات في إدلب ‏ومحيطها.‏


وبعد إطاحة الأسد، عاد 1,87 مليون سوري فقط، من لاجئين ونازحين، ‏الى مناطقهم الأصلية، بحسب المنظمة الدولية للهجرة التي أشارت إلى ‏أن "نقص الفرص الاقتصادية والخدمات الأساسية يشكل التحدي الأبرز" ‏أمام عودتهم.‏


ولا يزال نحو 6,6 ملايين شخص نازحين داخليا، وفق المصدر ذاته.‏


ومع رفع العقوبات الغربية عن سوريا، لا سيما الأميركية، تعوّل ‏السلطات الجديدة على دعم الدول الصديقة والغربية لإطلاق مرحلة ‏الاعمار، والتي قدرت الأمم المتحدة كلفتها بأكثر من 400 مليار دولار.‏

 

 

 نصب خيام بالقرب من المنازل المدمرة في حماة (أ ف ب)‏
نصب خيام بالقرب من المنازل المدمرة في حماة (أ ف ب)‏

 

 

‏"تغيّر كل شيء" ‏
بعدما نزحت مرارا خلال السنوات الأخيرة، عادت سعاد عثمان (47 ‏عاما) مع بناتها الثلاث وابنها إلى قريتها الحواش منذ نحو أسبوع.‏


وتقول المرأة التي تؤمن قوتها اليومي من أعمال يدوية تؤمن لها أجرا ‏بسيطا "تغيّر كل شيء، البيوت تدمرت ولم يبق شيء في مكانه".‏


ومع أن سقف منزلها انهار وتصدعت جدرانه، لكنها اختارت العودة اليه. ‏على جدار متهالك، كدّست المرأة فرشا ووسائد للنوم على خزانة قديمة. ‏في العراء، وضعت سريرا صغيرا قرب لوحين شمسيين، لا يحميه شيء ‏سوى بطانيات علّقت على حبال غسيل.‏


في الجوار، وعلى ركام منزلها، أقامت المرأة موقدا لتطهو عليه الطعام.‏


وتوضح "استدنت ثمانين دولارا ثمن بطارية" لتوفير الإضاءة مع غياب ‏شبكات الكهرباء.‏


وتشرح السيدة التي فقدت زوجها خلال الحرب "نعرف أن المكان هنا ‏مليء بالأفاعي والحشرات. لا يمكننا أن نعيش من دون ضوء في الليل".‏


قرب قرية قاح المحاذية للحدود التركية في محافظة إدلب المجاورة، يخلو ‏أحد المخيمات تدريجا من قاطنيه في الأشهر الأخيرة. وتظهر صور ‏جوية التقطها مصور "فرانس برس" عشرات الخيم التي بقيت فقط ‏جدرانها المبنية من حجارة الطوب.‏


ويوضح جلال العمر (37 عاما) المسؤول عن جزء من المخيم المتهالك، ‏إن نحو مئة عائلة غادرت المخيم الى قريته التريمسة في ريف حماه، لكن ‏نحو 700 عائلة أخرى لم تتمكن  من العودة جراء ضعف إمكاناتها ‏المادية.‏


ويتحدث عن غياب البنى التحتية الضرورية، على غرار إمدادات المياه ‏والأفران. ويوضح "لشراء الخبز، يتوجّه الناس إلى محردة التي تبعد 15 ‏كليومترا أو إلى سقيلبية" المجاورة.‏


ويضيف "لا ترغب الناس بالبقاء في المخيمات، يريدون العودة إلى ‏قراهم، لكن فقدان أبسط مقومات الحياة من بنى تحتية وشبكات كهرباء ‏وصرف صحي.. يمنعها من العودة".‏

 

ويقول "يسألني كثر لماذا لم تعد؟ لا منزل لدي وأنتظر فرصة لتأمين ‏مكان يؤوني في القرية".‏




الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
سياسة 10/5/2025 3:09:00 PM
تابعت: "إن الدستور اللبناني يكفل المساواة بين اللبنانيين، مقيمين كانوا أم مغتربين. وتحقيق هذه المساواة يقتضي تعديل القانون الحالي بإلغاء المادة 112، بما يسمح لكل مغترب بالاقتراع في بلدته الأم".
مجتمع 10/4/2025 12:02:00 PM
من المتوقع أن تتأثر المنطقة اعتباراً من بعد ظهر الثلاثاء بمنخفض جوي متوسط الفعالية مركزه شمال غرب تركيا.
مجتمع 10/4/2025 3:23:00 PM
العملية تأتي في إطار الحملة الأمنية التي ينفذها الجيش في المنطقة لضبط المطلوبين ومواجهة التفلّت الأمني منذ ساعات الصباح الأولى.