معظم النار من مستصغر الشرر
الوضع السوري برمّته لا يطمئن أحداً. فالانقسام الطائفي في الشام يأخذ منحًى أشدّ تعصّباً اليوم ممّا كان عليه في أقسى أيام الحرب الأهلية اللبنانية. وما يحصل منذ أيام بين الموحّدين في جبل العرب وريف دمشق، وحكومة الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، ليس إلا مستصغر الشرر الذي يشبّ منه معظم النار في المنطقة كلّها، ما دام للموحّدين خطوط خلفية في لبنان والأردن وفلسطين، وما داموا يتعاملون بوحدة نادرة، رغم تفرّقهم في أربع دول، من منطلق كلمتهم الدائمة: "الدروز سلسلة".
قليلٌ أن تجد موحّداً في لبنان بلا قرابة أو نسب يربطه بموحّد في سوريا أو الأردن. ومن لم يشهد يوماً عرساً بين سوريين في السويداء والجولان، حين تقف العروس خلف الشريط لتنتقل إلى عريسها في الجولان المحتل، لا يستطيع أن يفهم معنى هذه "السلسلة". فلا داعي للعجب إن كان لموحّدي سوريا خطٌّ خلفي أيضاً في الجولان المحتل، وليس ذنبهم أن يكون الدروز هناك جنوداً في جيش الاحتلال، ولا ذنبهم أن بعضاً منهم يستسهل السير في ركاب الشيخ موفق طريف.
المنطق والعقل — منطقٌ وعقلٌ حملهما وليد جنبلاط إلى الشرع أخيراً — يقولان إن لا فائدة لأحد من دفع الموحّدين إلى مواجهة لا تُحمَد عقباها. وإن كانت الحكومة الانتقالية السورية تظنّ أن تكرار المشهد الدموي العلوي في السويداء ممكن لتركيع من عجز بشار الأسد عن تركيعهم، فالمصيبة كبيرة. وإن كانت الحكومة عاجزة عن "عقلنة" الفصائل، وعن إقناعها بأن تخريب مقام "الخضر" هو السبيل الأقصر إلى خراب المنطقة كلّها، فالمصيبة أكبر.
أخيراً، لمن يسأل: "من يحمينا؟"... وحدها الدولة الفعلية هي الضامن؛ فلا إسرائيل تحمي الموحّدين، ولا تركيا تحمي النظام، وبالتأكيد، المسلّحون الشيشان لا يحمون أحداً.
نبض