المشرق-العربي 29-04-2025 | 08:03

مخلوف والحسن... مغامرة جديدة أم تمهيد لتسوية؟

خطوة مخلوف "لم تأتِ من فراغ"، بل بعد أسابيع من التحضير والتدريب العسكري.
مخلوف والحسن... مغامرة جديدة أم تمهيد لتسوية؟
رامي مخلوف.
Smaller Bigger

في أعقاب حراك إقليمي ودولي كثيف بشأن سوريا تُوّج بانعقاد جلسة لمجلس الأمن الأسبوع الماضي، وبالتزامن مع مشهد داخلي مقطع الأوصال أمنياً وسياسياً، ولا سيما في ظل المجزرة الجديدة التي وقعت في محافظة حمص وراح ضحيتها نحو 20 مدنياً وعسكرياً سابقاً، وكذلك في ظل المخرجات التي انتهى إليها المؤتمر الكردي الموحد متضمنةً المطالبة بالفيدرالية اللامركزية، وما أُعلن في السويداء عن تفعيل قوات لواء حرس الحدود، خرج رامي مخلوف، رجل الأعمال السوري البارز وابن خال الرئيس السوري السابق بشار الأسد، ببيان مكتوب معلناً عودته إلى المشهد السوري بمبادرة من شقين: الأول، التلويح بقوة عسكرية مؤلفة من 150,000 مقاتل موزعين على 15 فرقة، على أن يكون القائد العسكري لهم اللواء سهيل الحسن، المعروف بلقب "النمر". الثاني: مدّ يده إلى السلطات الانتقالية في دمشق للتعاون في إعادة الأمن والاستقرار إلى مناطق الساحل.

 

الأسد مصافحاً سهيل الحسن.
الأسد مصافحاً سهيل الحسن.

 

من حيث الشكل، جاء البيان، الذي شكك كثيرون في نسبته إلى مخلوف، متوافقاً مع الأسلوب الذي طغى على بياناته السابقة، كما نُشر على ذات الصفحة في موقع فايسبوك التي اعتاد نشر بياناته عليها منذ تصاعد خلافه مع الأسد عام 2020.
وقد تكون الملاحظة الوحيدة الجديرة بالتوقف عندها هي: لماذا اكتفى مخلوف بإصدار بيان مكتوب وهو متواجد في منطقة آمنة، إذ تشير المعلومات إلى أنه يقيم في إحدى المدن الروسية؟ بينما سبق له، في 6 كانون الأول/ديسمبر (قبل يومين من سقوط النظام حيث كانت الأجواء شديدة التوتر)، أن نشر مقطع فيديو مدته 11 دقيقة لإقناع الناس بالقتال ضد المسلحين.
ويُذكّر ذلك بأن غياث دلا سبق له، في 5 آذار/ مارس، أن اكتفى بنشر بيان مكتوب للإعلان عن تأسيس المجلس العسكري لتحرير سوريا، دون أن يفضل الظهور عبر مقطع مصور.
وقال مصدران تواصلا مع مخلوف بعد نشر البيان، لصحيفة "النهار"، إنّه "صحيح، وهو من قام بنشره".
وأشار المصدران، وأحدهما في دولة عربية والآخر في دولة أوروبية، إلى أن خطوة مخلوف "لم تأتِ من فراغ، بل بعد أسابيع من التحضير والتدريب العسكري، وكذلك بعد اتصالات عدة أجراها مع دوائر سياسية واستخبارية في عدد من الدول العربية والغربية، بما في ذلك أشخاص مقربون من مسؤولين أميركيين توسطوا لنقل وجهة نظر مخلوف بشأن الملف السوري".
وأكد المصدران أن الاتصالات شملت الإدارة السورية الموقتة في مرحلة من المراحل، وذلك عبر وسطاء سوريين كانوا محسوبين على النظام السابق لكنهم يعملون حالياً مع الإدارة الجديدة.
ولم يحدد المصدران مآل المحادثات التي جرت بين مخلوف والإدارة الجديدة، لكن أحدهما أكد أنه "أثناء صدور بيان مخلوف كان خالد الأحمد، عضو لجنة السلم الأهلي والمسؤول الأول عن ملف العلويين في إدارة أحمد الشرع، يقوم بزيارة إلى إحدى الدول العربية".
وأعلنت روسيا عن اجتماع ضمّ رئيس الاستخبارات الروسية ومسؤولاً أمنياً سورياً رفيعاً الأسبوع الماضي.
وخلال الأسبوعين الفائتين، شكّلت قاعدة حميميم الروسية بؤرة لشائعات واتهامات وتحركات ذات دلالة؛ إذ تزايد عدد المسيرات التي قامت دفاعات القاعدة بإسقاطها، في مؤشر إلى سعي الإدارة الجديدة للاطلاع على ما يجري داخل القاعدة.
ورغم أن البعض يربط ذلك بملف النازحين في المنشأة، إلا أن ذلك لا يعني إغفال الجانب الأمني والعسكري.
كذلك، وجّهت صفحات موالية للإدارة الجديدة اتهامات إلى قاعدة حميميم بأنها تقوم باستدعاء ضباط سوريين سابقين لتوقيع عقود غير معروفة المضمون. وذكرت بعض الصفحات أن هذا الإجراء تم اتخاذه أيضاً في مطار القامشلي، غير أن هذه الاتهامات لم يتسنّ التأكد من صحتها من مصدر مستقل.
وبعد تصاعد العنف في حمص، فتحت قاعدة حميميم أبوابها لمئات النازحين الجدد الهاربين من قراهم ومدنهم، لتدحض بذلك الدعاية التي روجتها بعض وسائل الإعلام بشأن نية موسكو طرد النازحين من القاعدة بدعوى أنهم باتوا يشكلون عبئاً عليها.
وسط هذه الأجواء، اختار رامي مخلوف إصدار بيانه الأول بعد سقوط النظام، في خطوة يمكن أن تتحرك ضمن مسارين: الأول، استكمال المحادثات والوساطات لإيجاد حل لمناطق الساحل. الثاني، الانخراط في عمل عسكري إذا فشل المسار السياسي، بحسب المصدرين السابقين.
ورجح مراقبون سوريون أن تكون خطوة مخلوف مدروسة ومتفقاً عليها مع بعض الدول، بهدف تحريك ملف الساحل وإيجاد حل له، باعتباره بات يمثل بوابة شديدة الخطورة على المشهد السوري برمته.
ويؤكد هؤلاء أن بعض الدول باتت مقتنعة أنه في ظل عجز الإدارة الحالية عن التعامل مع ملف العلويين، ولا سيما بعد فقدان الثقة بين الطرفين جراء المجازر السابقة، أصبح من المتوقع أن تشكّل بوابة الساحل مدخلاً لمحاولات إيرانية بالتنسيق مع بعض الجهات للعبث بالمشهد السوري.
وبحسب المراقبين، فإن العميد دلا يعتبر من المقربين السابقين للمحور الإيراني، نظراً لانتمائه إلى الفرقة الرابعة التي كان يقودها ماهر الأسد.
أما مخلوف والحسن، فهما محسوبان على روسيا، التي قامت بتكريم "النمر" أكثر من مرة لجهوده العسكرية خلال السنوات الأخيرة.
ونتيجة الخشية من تحضير المحسوبين على إيران لمغامرة جديدة قد تؤدي إلى إدخال المنطقة في دوامة من العنف، يبدو أن التيار المحسوب على روسيا يريد توجيه رسالة إلى المجتمع الدولي بأنه سيكون الحاجز الذي يمنع إيران من العودة إلى سوريا.
وربما يفسر هذا النبرة الهادئة التي طغت على بيان مخلوف، إذ يتوقع ألا تبقى يده ممدودة في الهواء، بل سيكون هناك من يلتقطها في الوقت المناسب.

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
النهار تتحقق 10/6/2025 11:04:00 AM
ابتسامات عريضة أضاءت القسمات. فيديو للشيخ أحمد الأسير والمغني فضل شاكر انتشر في وسائل التواصل خلال الساعات الماضية، وتقصّت "النّهار" صحّته. 
لبنان 10/6/2025 11:37:00 PM
افادت معلومات أن الإشكال بدأ على خلفية تتعلق بـ "نزيل في فندق قيد الإنشاء تحت السن القانوني في المنطقة".