تعيين حسين الشيخ نائباً لعباس يثير جدلاً واسعاً: ماذا يمكن أن يقدّم وسط التحديات الجديدة؟

أثار تعيين الرئيس الفلسطيني محمود عباس للقيادي حسين الشيخ نائباً له في رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية جدلاً واسعاً. فقد عبّر أنصار حركة "فتح" والمقربون من سياسات أبو مازن عن تأييدهم لهذه الخطوة، في حين أبدى آخرون اعتراضهم على الطريقة التي تم بها استحداث المنصب وتعيين الشيخ.
ويرى معارضون أن هذا التعيين جاء "تلبيةً لمطالب أميركية"، ويعتبرونه جزءاً من خطة لضمان انتقال السلطة بسلاسة في ما يُعرف بـ"اليوم التالي" للقيادة الفلسطينية الحالية.
تأثير التعيين
ويعتبر أستاذ النزاعات الإقليمية والخبير في الشؤون الإسرائيلية علي الأعور أن تعيين نائب لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية "ربما جاء استجابةً للضغوط الأميركية والغربية على عباس، من أجل القيام بإصلاحات سياسية"، متسائلاً عن جدوى هذه الخطوة ومدى قدرتها على تحسين موقف السلطة الفلسطينية أمام الإدارة الأميركية والغرب بعد الحرب.
ويرى الأعور، في حديث لـ"النهار"، أن زمام المبادرة "لا يزال بيد أبو مازن"، مستبعداً أن يؤدي تعيين الشيخ إلى "تغيير ملموس" في وضع السلطة الفلسطينية على الصعيد الرسمي، إذ إن السلطة "تفتقر إلى القوة الفعلية على الأرض، في ظل سياسات الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو التي قوضت نفوذها، ما سمح لقوات الاحتلال والمستوطنين بالتحرك بحرية شبه كاملة في الضفة الغربية".
ورغم تعيين الشيخ - الذي يتمتع بعلاقات جيدة مع الإسرائيليين - إلا أن الخطوة لم تترك أثراً كبيراً على موقف الولايات المتحدة أو إسرائيل تجاه السلطة الفلسطينية. كما أن الشارع الفلسطيني لم يبدِ اهتماماً كبيراً بالتعيين، ما يجعله يبدو مجرد إجراء إداري ضمن سلسلة تعيينات أبو مازن، وفق الأعور.
تأجيل النزاع الداخلي؟
على صعيد الصراع الداخلي في "فتح"، يرى الأعور أن تعيين نائب لرئيس منظمة التحرير قد يكون "محاولة لتأجيل النزاعات بين القيادات"، إلا أنه لا يستبعد أن يكون تعيين الشيخ مقدمة لتوليه مناصب أكبر مستقبلاً، خصوصاً في حال حدوث شغور في منصب الرئيس.
ورغم ذلك، يشير الأعور إلى أن وضع الشيخ "يبقى معقداً"، إذ إن نجاحه يتطلب دعماً شعبياً حقيقياً، وهو ما يستلزم استفتاءً أو انتخابات تعكس إرادة الشارع الفلسطيني، لا سيّما مع التراجع المستمر في فرص تطبيق حلّ الدولتين مع إسرائيل.
ويتساءل الأعور عن ملامح المشهد بعد رحيل أبو مازن، ومدى تأثير هذه التحركات على تجديد الحوار الفلسطيني الداخلي، معتبراً أن الخطوة قد تكون بداية لتحولات سياسية أكبر لكنها لا تزال بحاجة إلى دعم شعبي وإجراءات حقيقية لتعزيز المؤسسات الفلسطينية.
ماذا يمكن أن يحقق؟
في السياق ذاته، يرجّح أستاذ العلوم السياسية محمد القطاطشة، في حديثه لـ"النهار"، أن "تعيين الشيخ جاء نتيجة ضغوط خارجية ومطالب متزايدة تواجه السلطة الفلسطينية"، معتبراً أن الشيخ من المؤيدين للسياسات المنبثقة عن اتفاق أوسلو.
غير أن القطاطشة يستبعد قدرة الشيخ - أو أي طرف آخر - على جمع شمل حركتي "فتح" و"حماس" في المرحلة المقبلة، بسبب التناقضات العميقة بين مشاريعهما السياسية.
وفي ما يتعلق بالوضع السياسي الراهن، يعتبر القطاطشة أن تعيين الشيخ "يمثل حاجة سياسية ملحة للسلطة الفلسطينية"، متوقعاً أن يتنحى عباس قبل نهاية العام الحالي، مع تولي الشيخ مسؤولية القيادة لاحقاً.
ويوضح أن التطورات الأخيرة تشير إلى أن إسرائيل، مدعومة بإدارة دونالد ترامب، ترفض فكرة حل الدولتين، ما يجعل الحفاظ على اتفاق أوسلو وحماية ما تبقى من الضفة الغربية أولوية فلسطينية.
ويختم القطاطشة بالقول إن "أقصى ما قد يحققه الشيخ هو إبقاء العلم الفلسطيني مرفوعاً فوق رام الله"، معتبراً ذلك إنجازاً بحد ذاته في ظل المعطيات الحالية.