مدير أوقاف القدس لـ"النهار": "الستاتيكو" يتغيّر والاقتحامات بلغت ذروتها في عيد الفصح

في رابع أيام الفصح اليهودي، ارتفعت أعداد المستوطنين المتطرفين الذين اقتحموا المسجد الأقصى، ووصلت إلى 4608 حتى كتابة هذا التقرير، ومن المتوقع أن ترتفع أكثر حتى نهاية العيد يوم الأحد المقبل.
وتُظهر الأرقام هذا العام ارتفاعاً ملحوظاً مقارنة بالعام الماضي، إذ بلغ عدد المقتحمين حينها 2846 مستوطناً.
بدورها، تفرض الشرطة الإسرائيلية حصارها على الحرم القدسي الشريف، وتحوّل البلدة القديمة إلى ثكنة عسكرية، حيث أغلقت البوابات والمداخل المؤدية إليه، ومنعت دخول الفلسطينيين خلال فترة الاقتحامات الصباحية، وشدّدت من التضييقات والقيود على من كان فيه، وهو ما تحوّل إلى واقعٍ متلازمٍ خلال فترات الأعياد اليهودية.
تغيير "الستاتيكو"
ولتسليط الضوء أكثر على الأوضاع داخل الحرم القدسي، التقت "النهار" الشيخ عزام الخطيب، المدير العام لأوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى.
ويقول الخطيب إنّه "منذ 26 من نيسان/ أبريل 2003، اتخذت الحكومة الإسرائيلية قراراً من طرف واحد، بفتح باب السياحة عن طريق باب المغاربة دون تنسيق مع الأوقاف الإسلامية. وهكذا، تُدخل المتطرفين اليهود والسياح من هذا الباب، لكننا لا نسمح بدخول أحد إلى المساجد والمتاحف والمراكز الإسلامية الموجودة داخل ساحات الحرم".
ويتابع: "في ظل الوضع الحالي، بدأ تغيير الستاتيكو الديني والتاريخي والقانوني القائم بعد احتلال مدينة القدس في حزيران/ يونيو عام 1967، الذي ينص على أن دائرة الأوقاف الإسلامية هي السلطة الوحيدة المشرفة على شؤون المسجد الأقصى، ومنها الإدارة وأعمال الصيانة والترميم وتنظيم الدخول، مع التأكيد أن المسجد الأقصى للمسلمين وحدهم وليس لغير المسلمين أي حق فيه، وفق إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى التابعة لوزارة الأوقاف في الأردن" الوصيّ على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس منذ عام 1924.
ويوضح الخطيب أن المستوطنين المقتحمين لم يكونوا في السابق يؤدون الصلوات أو الانبطاحات أو أي مظهر من المظاهر التلمودية، أو المسيرات. لكن بعد صعود اليمين المتطرف في إسرائيل، بدأ الحاخامات بإصدار فتاوى بضرورة اقتحام المسجد الأقصى. كما بدأ أعضاء كنيست ووزراء بالتصريح علناً بأنهم لا يعترفون بوصاية الملك عبد الله الثاني أو بما تنص عليه اتفاقية وادي عربة، وبالترتيبات التي قام بها وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه دايان إبان حرب الأيام الستة، والتي قضت بمنح الأوقاف الإسلامية إدارة المسجد الأقصى بعد احتلال القدس.
هدم المسجد الأقصى
ويلفت الخطيب إلى أن "المسلمين عندما فتحوا مدينة القدس بطريقة سلمية، وجاء عمر بن الخطاب لتسلّم مفاتيحها من البطريرك صفرونيوس، رفض تماماً أن يصلي في كنيسة القيامة عندما أدركته الصلاة، حتى لا يُقام مسجد مكان صلاته. وسمح لليهود بزيارة القدس وممارسة شعائرهم الدينية بعدما حُرموا منها ما يقرب من 500 عام، وعندما وصل إلى مكان الحرم القدسي، الذي كان أرضاً فارغة حيث توجد الصخرة المقدسة التي صعد منها النبي محمد في رحلة الإسراء والمعراج، لم يكن فيه هيكل أو أي آثار لأي ديانة أخرى، وأمر ببناء مسجد مجاور لها. لو كان هناك أي بناء، لما أقدم عمر على الاعتداء على مقدسات الآخرين، يهوداً أو مسيحيين".
ويقول إن ما يقوم به المتطرفون اليوم هو "تزييف للتاريخ والجغرافيا، فليس لهم حق لا في القدس ولا في مقدساتها، حتى إن حائط البراق والساحة الأمامية له هما ملك ووقف إسلامي، وهما جزء من المسجد الأقصى. بعد حادثة البراق عام 1929، حين حاولوا وضع أدوات والاستيلاء عليه للصلاة، طلبت حكومة الانتداب البريطاني من الطرفين، المسلمين واليهود، إبراز الوثائق والمستندات التي لديهم. المجلس الإسلامي قدّم ما لديه، لكن الطرف اليهودي لم يقدم سوى بحث فقهي لا يُثبت شيئاً. ومع ذلك، تسامح المسلمون في المدينة وسمحوا لهم بأداء صلواتهم عند حائط البراق. أما الآن، فيدّعون أن الأقصى كله لهم، وليس للمسلمين حق فيه. هذا هو الواقع الذي يحاولون فرضه".
ضغوط يومية
ويقول الخطيب إنّ "المسجد الأقصى هو ملك من أملاك المسلمين، لا يقبل الشراكة ولا يتحمل القسمة، ولا حق لأي جهة أخرى فيه. هذا موقع لملياري مسلم، ونحن نقوم على حمايته بأمانة نيابة عنهم، فهو يُمثل عقيدتهم، وليس من حق أحد أن يُفرّط بذرة تراب من المسجد الأقصى، مهما تعرضنا للضغوط أو الاعتقالات أو المنع أو الإبعاد"، مضيفاً: "كشيوخ أو خطباء أو حراس، لن نخرج عن الخط الأساسي، خط العقيدة وجوهر الدين".
ويضيف: "اليوم نُواجه إبعاد خمسة موظفين خلال الأيام العشرة الماضية، من بينهم خطباء، نتيجة لدعائهم للشهداء والجرحى وغزة".
ويختم بالتأكيد أنّ الأردن والوصاية الهاشمية "لن يسمحا بأن يُمسّ المسجد الأقصى، وسيذهبان أبعد من ذلك في منع أي اعتداء، فالمملكة تتحرك بينما يخرج آخرون ببيانات الإدانة والتعاطف. وبخصوص الوصاية، لن تقبل أي من الدول العربية الدخول في نزاع عليها من الناحية العقائدية، مهما كانت مكانتها".