"حماس" تهدّد و"تبالغ"... هل لا تزال قادرة على "المفاجآت"؟
تهديد جديد أطلقته "حماس" مفاده أن الحركة لديها قدرات "من شأنها أن تثير القلق في إسرائيل"، ورد خلال تصريح نقلته صحيفة "جيروزاليم بوست" عن الناطق باسم "حماس" جهاد طه، ما أعاد إلى الأذهان السؤال عن إمكانيات الحركة الفلسطينية العسكرية والقدرة على تغيير المشهد الحربي أو التأثير عليه بالحد الأدنى.
خلال فترة الحرب التي تجاوزت السنة والنصف، تمكّنت إسرائيل من تدمير معظم قدرات "حماس" العسكرية، وشدّدت حصارها على القطاع فمنعت الحركة من استقدام السلاح من الخارج، دون أن تقطع مسارات التهريب كاملاً. وتشير التقييمات الإسرائيلية التي نقلتها "إسرائيل هيوم" في وقت سابق إلى أن "حماس" تحتفظ بمخزون محدود يراوح بين عشرات ومئات الصواريخ.

يؤكد مسؤولون دفاعيون في إسرائيل أن "القضاء التام" على قدرة "حماس" الصاروخية هو "هدف غير واقعي"، خصوصاً أن الحركة قادرة على إنتاج صواريخ محلية الصنع من مواد متوافرة في القطاع، وهي تستفيد من مخلفات الحرب غير المنفجرة في هذا السياق، وفق ما نقلت تقارير عبرية، وقد تأقلمت وتعاملت مع فكرة الحصار طيلة السنوات السابقة.
لكن هذا الواقع لا يعني أن الحركة قادرة على تشكيل تهديد عسكري جدّي ضد إسرائيل أو حتى استعادة قدرات ما قبل السابع من تشرين الأول / أكتوبر 2023 لجملة من الأسباب: أولاً نفاد المواد الأولية، ثانياً خسارة الكثير من القدرات البشرية الخبيرة في صناعة الصواريخ، وثالثاً والأهم القرار السياسي والعسكري الإسرائيلي بـ"القضاء على حماس" وعدم السماح بإعادة تسلّحها.
الكاتب السياسي الفلسطيني محمد هوّاش يرى أن "الصواريخ لا تغيّر مجرى الحرب، وتجارب غزّة ولبنان شاهدة على ذلك لكونها لم توقف الحرب ولم تمنع إسرائيل من تنفيذ ضرباتها"، وبتقديره، فإن "حماس" تبالغ في قدراتها، "وكل ما تستطيع فعله هو الإبقاء على بعض أشكال المقاومة كوجود مقاتلين في غزّة، وهذا ما لا يمكن لإسرائيل إنهاؤه بأي شكل عسكري لأنها احتلال".
وفيما يضع خبراء تصريحات "حماس" بشأن قدراتها العسكرية و"المفاجآت" في خانة الحرب النفسية الداخلية والخارجية، لرفع معنويات الفلسطينيين من جهة وإحداث بلبلة في الداخل الإسرائيلي من جهة أخرى ويكون لها وقعها على المفاوضات، فإن هوّاش يقول لـ"النهار" إن "بعض التصريحات "العنترية" "يُبنى على تقديرات غير دقيقة".
في سياق متصل، تجد "حماس" نفسها أمام خيار وحيد، وهو الاستمرار في القتال لأن إسرائيل لا تبدي أيّ نيّة فعلية لوقف الحرب، لكن السؤال ما الذي يمكن للحركة الفلسطينية القيام به على المستوى العسكري؟ وفي هذا الإطار، يشير هوّاش إلى أن "حماس" قادرة على "المقاومة الفردية" لكن لا يمكنها أن تقارن بإسرائيل التي "تتمتع بتفوّق نوعي في السلاح والجغرافيا".
في المحصلة، فإن "حماس" وحدها تعرف ما في جعبتها، لكن التقديرات الفلسطينية والعبرية لا تتوقع قدرة الحركة على إحداث مفاجآت نوعية، وتشير إلى حصر القدرات باستمرار القتال البرّي وإطلاق الصواريخ كل فترة، وانتظار الحل السياسي لأن الاستنزاف بلغ أعلى مستوياته، بانتظار ما ستفرزه الأيام والأسابيع المقبلة على مستوى الحرب والهدنة.
نبض