العراق يواجه أزمة كهرباء حادة بعد قرار ترامب: لا استغناء عن الغاز الإيراني قبل 2028!

تقلق أزمة الكهرباء في العراق، بعدما باتت أبرز محرك للاحتجاجات الشعبية، حكومة محمد شياع السوداني التي تتواصل بشكل حثيث مع إدارتي واشنطن وطهران، لإيجاد حلول مناسبة لهذه الأزمة.
وفي 7 آذار (مارس) الجاري، انتهت صلاحية الإعفاءات الأخيرة من العقوبات الأميركية التي منحتها إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن للحكومة العراقية لتسمح لها باستيراد الغاز من إيران.
وينتج العراق قرابة 40 ألف ميغاواط من الكهرباء، من بينها 27 ألفاً بوساطة الغاز، خصوصاً الغاز المستورد من طهران.
ووفقاً لوزارة الكهرباء، يحتاج العراق إلى نحو 50 ألف ميغاواط لسدّ حاجته من الطاقة في فصل الصيف.
لذلك، وضعت الحكومة العراقية سقفاً زمنياً للاستغناء عن الغاز الإيراني ينتهي عام 2028، وذلك بعد تجهيز المحطات لاستثمار الغاز الطبيعي والمصاحب للبترول.
في تعليق لنائب رئيس لجنة الطاقة والكهرباء في البرلمان العراقي، النائب وليد السهلاني، قال إن وقف الغاز الإيراني بشكل كامل عن العراق يجعل منظومة الطاقة تفقد أكثر من 8 آلاف ميغاواط.
وأوضح السهلاني، في تصريح إلى "النهار"، بأن "البدائل المتاحة حالياً ليست آنية، وبالتالي فإننا نحتاج معالجات عاجلة كالإسراع في استثمار حقلي عكاز والمنصورية الغازيين، على سبيل المثال، لرفد محطات الطاقة بالوقود".
وأشار إلى أن لجنته طالبت الحكومة بـ"أن تعجّل بنصب منصات الغاز ONG في مدينة الفاو (البصرة)، استناداً إلى العقد المبرم بين العراق وقطر عام 2017، لكن لم يجر تنفيذ هذا العقد حتى الآن"، منبهاً إلى أن "مبالغ الغاز المعتمدة في العقد كانت مثبتة، بغض النظر عن طبيعة الأسعار في الأسواق العالمية. وهذا الوضع يخدم الحالة العراقية".
وذكر أن "العراق يستورد من إيران 1700 مقمق يومياً لتغطية قرابة 40 في المئة من حاجته للغاز"، موضحاً بأن هناك "12 محطة كهربائية تعتمد على الوقود الخام".
ولفت السهلاني إلى أن "طهران تصدر الغاز إلى أنقرة، وتحصل على أموالها، وإلى دول أخرى أيضاً، ولم تُثَر أي مشاكل في هذا الصدد، فلماذا يخضع الغاز المصدّر إلى العراق لقانون العقوبات الأميركي؟".
وأعرب عن أسفه لـ"انعكاس المناكفات السياسية بين الولايات المتحدة والمحيط الإقليمي للعراق على حاجتنا الملحّة إلى الطاقة، لأن ضرر ذلك سيتحمله العراقيون وحدهم"، متابعاً أن هناك "سعياً حثيثاً من القنوات الديبلوماسية العراقية للتواصل مع الجانب الأميركي، من أجل التوصل إلى تسوية تخدم قطاع الطاقة، كما أن هناك اجتماعات بين وزارة الكهرباء العراقية ووزارة الطاقة الإيرانية لإيجاد حلول للمشكلة، بما يتناسب مع طبيعة هذا التحدي".
وبدأت الإدارة الأميركية مراجعة كل الإعفاءات من العقوبات التي توفر لإيران أي قدر من الدعم الاقتصادي، في محاولة لعزلها عن الاقتصاد العالمي وتقويض إيراداتها النفطية، في إطار السعي لإبطاء تطوير طهران أسلحة نووية.
الخبير النفطي والمستشار الحكومي السابق حمزة الجواهري رأى أن قصة "بدائل الغاز الإيراني في الوقت الراهن لا يمكن تصديقها، لأن الحكومة العراقية لم تهيئ منشآت لخزن الغاز، الذي تنوي استيراده، حتى الآن".
وقال الجواهري، لـ"النهار"، إن الغاز القطري الذي تنوي بغداد استيراده يحتاج إلى منشأة خزن توفر درجة حرارة (168 سالب مئوية)، كما أن مدّ أنبوب من تركمانستان إلى العراق لا بدّ له من أن يمر عبر الأراضي الإيرانية، وهذا يحتاج موافقة طهران وواشنطن.
ويحمّل الجواهري الحكومات العراقية المتعاقبة مسؤولية هذا المأزق، مشيراً إلى أنها حاولت أن تخدم إيران على حساب مصلحة الشعب العراقي.
ووقع العراق، في تشرين الأول (أكتوبر) 2024، اتفاقاً مع تركمانستان لاستيراد الغاز بكميات تصل إلى 20 مليون متر مكعب يومياً، عبر إيران، لكن لم يبدأ العمل به حتى الآن بسبب مشاكل فنية.
وكان رئيس اللجنة المالية في البرلمان العراقي عطوان العطواني، قال إن وقف استيراد الغاز من إيران سيتسبّب بانهيار منظومة شبكة الكهرباء خلال الصيف المقبل في العراق.
وأضاف العطواني خلال استقباله، الأحد الماضي، القائم بأعمال السفير الأميركي لدى العراق، دانيال روبنستين، أن هناك ضرورة لتصحيح مسار العلاقات العراقية - الأميركية، مشيراً إلى أن حكومة السوداني "جادة في تحقيق الاستقلال في مجال الطاقة من خلال العديد من المشاريع الواعدة في ما يتعلق باستثمار الغاز المصاحب، لغرض استخدامه في توليد الطاقة الكهربائية وبما يحقق الاكتفاء الذاتي".