كردستان العراق.. المهمة الصعبة بين تركيا و"العمال"

بينما رحبت مختلف القيادات السياسية والحكومية في إقليم كردستان بخطاب زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان الذي دعا أعضاء حزبه إلى وضع السلاح وحلّ الحزب، يستعد الإقليم لمهمة سياسية وأمنية شاقة وطويلة، سيكون في خلالها فاعلاً ووسيطاً ومتأثراً أولاً بما يجري بين الحزب وتركيا.
مصدر سياسي كردي رفيع كشف لـ "النهار" ما سمّاه "المسار المعقد الذي سيمس كردستان في كل تفصيل منه"، مضيفاً: "نحن أكثر من يعرف أن المسألة ليست مجرد سياحة سياسية، أو إعلان حُسن النيات. فتفكيك العمال الكردستاني يعني إعادة ترتيب السلطة والسيطرة على مناطق واسعة من إقليم كردستان نفسه، مثل السلاسل الجبلية الوعرة في منطقتي قنديل وكابار، ومثلها مناطق أخرى كسنجار ومخمور. هذه المناطق التي ثمة اتفاقات لم تُطبق بشأنها مع الحكومة الاتحادية، وإلى جانبها مزاحمة سياسية بين القوى السياسية العراقية وبين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية".
وأضاف المصدر السياسي المطلع: "إلى جانب ذلك، فإن حُسن سير الأمور ليس مضموناً تماماً، فالمصير القانوني والحياتي والسياسي لعشرات الآلاف من مقاتلي الكردستاني لا يزال مجهولاً فيما لو وضعوا السلاح جانباً، وكردستان هي المنطقة الوحيدة المؤهلة لأن تكون مكان استقرار أولياً وموقتاً لهم. كذلك لا مهمة أمنية تتعلق بالجهة التي ستتسلم أسلحة الكردستاني، وهي ليست قليلة وخفيفة من دون شك. مع الأمور كلها، سيكون لإقليم كردستان دور ومسعى جدي لتفكيك عشرات القواعد والنقاط العسكرية التركية داخل أراضيها، وإعادة الحياة إلى مئات القرى التي أخلاها سكانها بسبب الحرب بين الكردستاني وتركيا".
كان رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني أكد خلال مؤتمر سياسي حضرته "النهار" وجود جهود حثيثة يبذلها إقليم كردستان كوسيط بين تركيا والعمال الكردستاني، معبراً عن تفاؤله بالتوصل إلى نتائج سياسية واضحة.
ومنذ إعلان زعيم الحركة القومية التركية دولت بهجلي مبادرته السياسية حيال العمال الكردستاني، أجرى القادة السياسيون في إقليم كردستان زيارات متتالية لتركيا، وكان واضحاً أنهم يخوضون جهوداً لتشجيع الطرفين على الانخراط الفعال في هذه العملية. فرغم القطيعة السياسية والتزام إقليم كردستان قرارات الحكومة الاتحادية العراقية بشأن حظر حزب العمال الكردستاني، يعد إقليم كردستان جهة ذات ثقة من العمال الكردستاني، بسبب طبيعة القضية الكردية في المنطقة، والمشاعر القومية المشتركة. كذلك لأن إقليم كردستان يحظى بعلاقات سياسية وتداخل اقتصادي حميم مع تركيا، وبذا هو محل ثقتها.
الكاتب والباحث السياسي شفان رسول شرح لـ"النهار" أن هناك جهات يتخوف إقليم كردستان من سعيها الى الإطاحة بهذا المشروع التصالحي راهناً، مشيراً إلى سعيه الدؤوب لاستباق تلك الجهات. وقال: "من دون شك، يعتبر إقليم كردستان ما يجري لمصلحته، ولمصلحة المسألة الكردية في عموم المنطقة. لكنه فعلياً يخشى أن يواجه مصيراً مطابقاً لما في المرات السابقة، إذ بدأت عمليات المصالحة السياسية، لكنها توقفت بسبب تلك التدخلات. فإقليم كردستان يُدرك أن دفة السعي الى المصالحة، يواجهها ما يناهضها. فإيران إقليمياً، والأحزاب السياسية القومية للغاية في تركيا، ومثلها جهات ضمن النواة الصلبة للدولة العميقة في تركيا، بالذات في الجيش والأجهزة الأمنية، تتعارض عملية السلام مع مصالحها وتطلعاتها وأيديولوجيتها. وطبعاً مثلها بعض الجهات ضمن حزب العمال الكردستاني نفسه. وإقليم كردستان يريد للأمور أن تسير بزخم وثقة، تجنباً لطغيان خطاب هذه الجهات".