إسرائيل قد لا تنسحب من محور فيلادلفيا... المطلوب "صفقة بحجم الشرق الأوسط"

لوّحت إسرائيل، على لسان وزير طاقتها إيلي كوهين، بأنها لن تنسحب من محور فيلادلفيا الاستراتيجي الفاصل بين غزّة وشبه جزيرة سيناء المصرية في الموعد المحدد غداً السبت، إذ قال خلال مقابلة إذاعية إن الجيش الإسرائيلي لن ينسحب إلّا بعد تحقيق شروط عدّة، أبرزها إعادة الرهائن وإسقاط "حماس" وتجريدها من سلاحها، بالإضافة إلى السيطرة أمنياً على القطاع.
تحقيق الأهداف المشار إليها ممكن من خلال أحد مسارين، إمّا عسكريّ عبر العودة إلى الحرب، وإما ديبلوماسي عبر التوصّل إلى حل سياسي مع "حماس" أثناء المفاوضات، عبر الوسطاء المصريين والقطريين، لتسلّم الحركة سلاحها ومعه السيطرة على القطاع لهيئة حكم جديدة؛ وهذه نقاط مرتبطة بالمرحلة الثالثة من المفاوضات.
مدير مركز تطوير للدراسات هشام دبسي، يقول إن إسرائيل تتبع مبدأ عاماً هو "عدم الانسحاب من أيّ أرض تضع قدمها فيها". لكنه خلال حديثه لـ"النهار" يشير إلى أن بقاءها في محور فيلادلفيا "يؤثّر بشكل مباشر على العلاقات مع مصر وموجبات اتفاقية السلام"، وبالتالي قد يخلق إشكالاً بين تل أبيب والقاهرة، بسبب الاتفاق الموقّع بين الطرفين.
ويوجّه إصرار إسرائيل على الإمساك بالحدود رسائل في أكثر من اتجاه، منها ما هو مرتبط بحسم السيطرة على الحدود الفلسطينية، وفق ما يقول دبسي، فضلاً عن منع تهريب السلاح والأموال عبره إلى الداخل؛ وذلك لصالح "حماس" تحديداً، التي كانت تستفيد من هذا المحور كخط إمداد. وبرأي الباحث الفلسطيني، فإن تل أبيب تتمتع بوضع سياسي وعسكري ودعم أميركي "يسمحان لها بإملاء شروطها على حماس".
ويثير ربط الانسحاب بأهداف الحرب قلق عودة الاشتباك، لأن إسرائيل لم تتمكّن من إنهاء "حماس" وتجريدها من سلاحها ونفي قادتها إلى الخارج؛ وبالتالي، فإن الأنظار تتجه نحو السياسة الإسرائيلية المقبلة ومحاولتها تحقيق أهدافها. وبتقدير دبسي، فإن التركيز سينصبّ على تحقيق الأهداف.
وما بين المسارين السياسي والعسكري، تفضّل إسرائيل حتى الحين انتهاج الديبلوماسية خياراً "لإنتاج صفقة سياسية كبيرة على مستوى الشرق الأوسط، تكون غزّة والقضية الفلسطينية حاضرتين فيها" وفق دبسي. وبتقديره، "حماس" أمام خيارين، إما "الرضوخ" للاتفاق ومحاولة الحصول على "قبول" أميركي بدور سياسي لها بعد انتهاء الحرب، وإمّا "الإبادة".
أما عن احتمال العودة إلى الحرب إذا فشلت الحلول الديبلوماسية، فإنّه خيار مطروح، لكنه "أميركي وليس إسرائيلياً" وفق ما يرى دبسي. وفي الوقت الحالي، فإن إسرائيل تحاول ترتيب تفاهمات أمنية وعسكرية وضبط الحدود لتجنّب الحرب الشاملة، لكن "الفشل قد يفتح المجال أمام الولايات المتحدة لإطلاق يد إسرائيل".
أهمية محور فيلادلفيا تكمن في أنّه المتنفّس البرّي الوحيد لغزّة و"حماس"، التي حفرت أنفاقاً تحته، وعملت على تهريب السلاح والمال من خلالها. لكن دبسي يشير إلى أن الحركة "لا تنظر إلى الأمر من زاوية الإمداد والتهريب، بل من زاوية رفع السقف للمفاوضة على مكتسبات أخرى".
في المحصّلة، فإن التلميح الإسرائيلي لجهة عدم الانسحاب من محور فيلادلفيا ستتضح حقيقته يوم السبت، وقد يكون عبارة عن ورقة تفاوض إضافية بيد تل أبيب لتحسين شروطها في الصفقة. لكن السؤال ينصبّ على المدى الذي يمكن لهذه القضية أن تؤخر فيه المفاوضات وبدء المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة.