انقسامات "حماس" تطفو... هل يؤدّي مستقبل غزّة إلى "حركتين"؟

أثارت مواقف القيادي في حركة "حماس" موسى أبو مرزوق المرتبطة بتسليم السلاح في غزّة والتحفّظ عن قرار هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر جدلاً واسعاً داخل أوساط الحركة والغزّيين وحتى المجتمعين العربي والدولي، لكونها لا تتناسق بخطوطها العريضة مع موقف "حماس" المعلن أو اتجاهها، ومن غير المعروف ما إن كان التصريح يكشف حقيقة رؤية الحركة المستقبلية أم رأي تيّار داخلها.
بات شبه مؤكّد أن "حماس" تواجه تباينات في الآراء أوصلت الحركة إلى الانقسام إلى أجنحة وتيارات، منها ما هو ديبلوماسي يؤمن بالسياسة بعدما أنتجت الحرب دماراً واسعاً على كل المستويات، وهو بمجمله مصدره قيادة الحركة في الخارج، ومنها ما هو متشدّد يرى في الحلول العسكرية سبيلاً، وهو الجناح العسكري الموجود داخل قطاع غزّة، بقيادة محمد السنوار.
تعدّد الاتجاهات
الباحث الفلسطيني عادل شديد يعترف بوجود تيارات داخل الحركة "كأيّ تنظيم سياسي أو فصيل عسكري"، لكن برأيه، فإن الحركة بهيكليتها المؤسساتية "قادرة على استيعاب تعدّد الاتجاهات"، معتبراً أن أبو مرزوق وغيره يعبّرون عن "آراء شخصية وإن كانت لا تنسجم مع التيار المركزي في الحركة"، مؤكّداً أن "القرار للمركز والالتزام من قبل الجميع".
ويوافق شديد على مسألة اختلاف الاتجاهات والرؤى بين "حماس" في غزّة و"حماس" في الخارج، لكنه يفسّر هذه الظاهرة خلال حديثه لـ"النهار" فيشير إلى أن قيادة الحركة في الداخل مقطوعة عن التواصل مع المجتمعين العربي والدولي، فيما قيادة الحركة في الخارج تواجه ضغوطاً من أطراف إقليمية ودولية "ولا تستطيع أن تقول ’لا كبيرة‘ لمواجهتها"، فيكون "الرد المفصلي" من الداخل.
موقف أبو مرزوق من الحرب يعكس رأي شريحة واسعة من الغزّيين الذين لم يجدوا جدوى من الحرب المدمّرة، لأن وضع القطاع قبل الحرب كان أفضل ممّا بعدها، وهذا الواقع يؤكّده شديد فيقول إن شريحة داخل الحركة "فوجئت من الرد الإسرائيلي – الأميركي على عملية 7 أكتوبر وغياب الدعم العربي، وبالتالي شعرت بالتسرّع في اتخاذ قرار الهجوم، لكنه موقف لا يعكس رأي الحركة".
انقسام الحركة
لكن هذه التباينات تخلّف قلقاً في أوساط جمهور "حماس" خوفاً من تعميق هذه الانقسامات لتصل إلى حدّ الشرخ ونشوء تيارات متعارضة لا تعود إلى القيادة المركزية، خصوصاً أن الحركة لم تسمِّ رئيساً جديداً للمكتب السياسي ولا تزال تواجه تضعضعاً هيكلياً، وإن كانت تسعى لترميم كتائبها وتعيين قيادات تخلف الذين قضوا في الحرب.
شديد يستبعد حصول شرخ داخل الحركة لأن التيارات المختلفة برأيه "تعود إلى المركز وتلتزم بقراره"، ويعتبر أن وحدة "حماس" وضمان عدم انقسامها بشكل جذري "مصلحة فلسطينية وعربية ودولية"، لأن في عكس ذلك الواقع احتمال نشوء تيار وازن "أكثر راديكالية" ستكون لسياساته تداعيات خطيرة جداً.
تسليم السلاح
وبالعودة إلى احتمال تسليم السلاح الذي طرحه أبو مرزوق، والذي قد يكون مربوطاً باشتراطات خارجية لتمويل عملية إعادة الإعمار، فإن شديد لا يستبعد ضغوطاً تمارس على "حماس" بالكواليس لتسلّم سلاحها، إلّا أنّه يذكّر بمواقف سابقة "طُلب خلالها من الحركة تسليم سلاحها بعد الحروب التي خاضتها، لكن الموضوع كان ينتهي بتوافقات إقليمية".
في المحصّلة، فإن مستقبل الحركة السياسي يبقى رهن وحدة قيادتها وهيكليتها، وقد تكون تسمية رئيس مكتب جديد وهيئة قيادية لملء الفراغات عنصراً مساعداً لإعادة توحيد الموقف ومعالجة التشققات، أما ترك الأمور على حالها فمن المرتقب أن تكون نتيجته المزيد من الانقسامات و"الزعامات" الموضعية.