السويداء تخلط الأوراق في سوريا... ونتنياهو يُفاقم الجدل

أعلنت فصائل مسلّحة في محافظة السويداء تشكيل مجلس عسكري، في خطوة من شأنها تعقيد المشهد العسكري والسياسي المتشرذم في سوريا، وسط فشل الحكومة الانتقالية في دمشق بإقناع الجهات المسلّحة بالانضمام إلى الجيش الجديد التابع لوزارة الدفاع.
وفي بيان انتشر عبر منصات التواصل الاجتماعي، دعا المجلس المجلس العسكري للسويداء "ضباط، وصف ضباط، وأفراد وحملة السلاح من المجتمع المدني ممن يعملون على مبدأ حماة العرض والأرض الى حضور التجمع العسكري في منطقة سد العين" قبل ظهر الاثنين.
إنشاء دولة مدنية
وتأسس المجلس بداية تحت مسمّى "المجلس العسكري الموقت" بعد يومين من سقوط نظام بشار الأسد، بهدف منع الانفلات وحماية السويداء، معلناً تسلّم مسؤولية حماية المؤسسات الحكومية والعسكرية بعد هروب عناصر النظام من المحافظة، قبل أن يعيد تشكيله وتغيير شعاره.
ويقول مصدر قريب من قيادة "المجلس العسكري في السويداء"، لـ"النهار"، إن "الخطوة تهدف إلى تنظيم الفصائل المسلّحة في المحافظة ضمن إطار جامع بقيادة تراتبية عسكرية منظمة ومنضبطة لمنع السلاح المتفلّت".
ويضيف المصدر، الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه، أنه "عند إنشاء دولة مدنية سينضم المجلس إليها ويبقى السلاح ضمن السويداء".
وأعلنت مجموعة محلية في بلدة الغارية جنوب المحافظة، انضمامها إلى التشكيل الجديد.
ويزيد التطوّر الجديد من تعقيد المشهد السوري جنوباً، ويصعّب من جهود السلطة الانتقالية في دمشق لتوحيد الفصائل المسلّحة تحت راية الجيش الجديد، الذي لا يزال مقتصراً على الفصائل والتشكيلات المتحالفة مع "هيئة تحرير الشام" في إدلب وحماة قبل وصولها إلى دمشق، بالإضافة إلى انضمام "شكلي" لفصائل "الجيش الوطني" التابع لتركيا في شمال البلاد.
وبقيت كل من قوات سوريا الديموقراطية "قسد"، شريكة الولايات المتّحدة في محاربة الإرهاب والتي تعد أكثر من 100 ألف مقاتل بقيادة كردية، وفصائل درعا المعروفة بـ"قوّات العودة" أو "اللواء الثامن" والتشكيلات العسكرية في السويداء، بالإضافة إلى فصيل "جيش سوريا الحرة" (جيش مغاوير الثورة)، خارج هيكلية وزارة الدفاع السورية.
وكانت فصائل مسلّحة في السويداء منعت رتلاً عسكرياً تابعاً لـ"هيئة تحرير الشام" من دخول المحافظة في 1 كانون الثاني (يناير) الماضي، مطالبة إياه بالعودة بعد وصوله إلى أحد الحواجز التابعة للفصائل المحلية.
لا علاقات مع العودة والشرع
بعد الإعلان عن تأسيسه، شنّت "غرفة العمليات المشتركة" في السويداء هجوماً لاذعاً على المجلس واصفة إياه يأنه "غير شرعي ولا يمثّل إلا أصحابه".
وسارعت حسابات على منصات التواصل الاجتماعي، قريبة من "غرفة العمليات"، إلى مهاجمة المجلس، معتبرة إياه محدود الانتشار ميدانياً ومرفوضاً من المرجعيات الدينية الدرزية وعلى رأسهم شيخ العقل حكمت الهجري وأعيان المدينة.
لكن المصدر، الذي تحدّث إلى "النهار" نفى صحّة هذه الأنباء، قائلاً إن "الشيخ الهجري يبارك أي خطوة تنظّم الوضع في الجبل وتمنع تفلت السلاح وتنظّم العمل العسكري وتهدف إلى الحفاظ على أمن المحافظة".
ويتابع المصدر: "هدف المجلس هو حماية السويداء بكل مكوّناتها، وتجربتنا مع هيئة تحرير الشام بالنسبة الى القرى الدرزية والأقليات الأخرى في إدلب مريرة لناحية تعرّضهم للمجازر والتهجير، لذلك فإن أي اندماج مع الجيش الجديد في حاجة إلى إعادة بناء الثقة المتهالكة بين الجانبين".
وعلمت "النهار" من مصادر محلّية بتوجّه قادة فصيلين من أصل 15 فصيلاً عسكرياً نشطاً في السويداء إلى دمشق أمس الأحد للقاء وزير الدفاع في الحكومة الموقتة، للبحث في عملية الانضمام إلى الجيش الجديد.
وردّاً على سؤال بشأن العلاقة مع باقي الفصائل العسكرية في الجغرافية السورية، يقول المصدر إنّ "هناك تنسيقاً مع قسد باعتبارها مكوّناً سورياً لا يجوز اقصاؤه. أما اللواء الثامن وهيئة تحرير الشام فلا يوجد تواصل معهما حتى الساعة".
لا تنسيق مع إسرائيل
وبعد ساعات على إعلان تأسيس المجلس العسكري، حذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من المساس بدروز سوريا، قائلاً خلال خطاب في إحدى الكلّيات العسكرية إنّ إسرائيل "لن تسمح لقوات هيئة تحرير الشام أو الجيش السوري الجديد بدخول الأراضي الواقعة جنوب دمشق، ولن تتسامح مع أي تهديد للطائفة الدرزية في جنوب سوريا". كذلك طالب "بنزع كامل للسلاح في الجنوب السوري".
في المقابل، يؤكّد المصدر المواكب لتأسيس المجلس العسكري "عدم وجود أي رابط بين تأسيس المجلس وتصريحات نتنياهو، ولا اتّصالات مع إسرائيل".