نفط كردستان للتصدير مجدداً... تفاؤل تنموي
يسود تفاؤل عام الأوساط الاقتصادية والسياسية في إقليم كردستان، بعد إعلان أكثر من جهة سياسية وحكومية عراقية وكردستانية عن اقتراب موعد إعادة تصدير نفط الإقليم، بعد توقف لمدة عامين، تسبب بأزمة مالية واقتصادية حادة.
وزير النفط العراقي حيان عبد الغني أكد إن صادرات نفط كردستان ستُستأنف خلال الأسبوع الحالي، وستُنهي ملفاً سياسياً وقانونياً واقتصادياً بقي مُعلقاً بين الحكومة الاتحادية ونظيرتها في كردستان لأكثر من عامين، وتسببت بخسائر تُقدر بأكثر من 20 مليار دولار. وهو أمر أكده رئيس الإقليم نيجرفان بارزاني أثناء مشاركته في مؤتمر ميونيخ للأمن، مضيفاً أن أوائل شهر آذار/مارس المقبل سيكون موعداً لذلك.
الخلاف الرئيسي بشأن هذا الملف كان سياسياً/دستورياً. فالحكومة الاتحادية العراقية كانت تقول إن استخراج النفط وتصديره حق حصري لها، كثروة وطنية عامة، بينما كانت حكومة إقليم كردستان تستند إلى المادة 112 من الدستور العراقي التي تمنح المحافظات والأقاليم الحق في استخراج النفط وتصديره من الآبار المكتشفة بعد عام 2005.
اعتباراً من أوائل عام 2014، وبعد قطع الحكومة الاتحادية حصة إقليم كردستان من الموازنة العامة، بدأ إقليم كردستان بتصدير نفطه الخام عبر ميناء جيهان التركي، واستخدم عائداته في التمويل الحكومي. استمر الأمر حتى ربيع عام 2023، حينما أمرت غرفة التجارة الدولية في باريس بوقف التصدير، معلنة عدم قانونية العقود التي أبرمتها حكومة إقليم كردستان من دون موافقة الحكومة الاتحادية، وأمرت تركيا بدفع تعويضات لبغداد قدرها 1.5 مليار دولار عن صادرات نفطية بلا تصاريح.
المستشار الاقتصادي هيمن عثمان شرح في حديث إلى "النهار" التأثيرات التنموية والاقتصادية والحياتية المباشرة لعملية إعادة التصدير، والتي سيشهدها المجتمع في إقليم كردستان قبل الحكومة، وقال: "القطاع النفطي في كردستان، مثل باقي مناطق العراق، ليس مجرد قطاع اقتصادي فرعي، بل يكاد أن يكون جذر العملية الاقتصادية وهيكلها، لأنه تقريباً الجهة الوحيدة التي تستجلب أموالاً صافية من خارج السوق المحلية وتضخها في الحياة العامة، وتشغل قرابة 20 في المئة من المنخرطين في سوق العمل، وتستوعب كل الطاقات الشبابية والشركات الناشئة التي تعد عماد الطبقة الوسطى. كذلك لأن القطاع النفطي كان الراعي الحقيقي للمؤسسات الثقافية والمجتمع المدني والمبادرات الثقافية في الإقليم. وطبعاً سيخلق شبكة من الروابط السياسية والأمنية للإقليم، سواء مع الحكومة الاتحادية أم مع الدول الإقليمية أم مع الشركات النفطية العالمية".
كانت المفاوضات الثلاثية بين الحكومة الاتحادية العراقية وإقليم كردستان وتركيا خلال العامين الماضيين، تتركز على عدد من الملفات المُختلف عليها. فتركيا كانت ترفض دفع أي تعويض عن تصديرها النفط خلال الأعوام الماضية، وتطالب بدفع أجور الأنبوب النفطي كاملة عن الشهور التي توقف فيها التصدير، فيما كانت الحكومة الاتحادية تعترض على مضامين العقود التي عقدتها حكومة كردستان مع الشركات النفطية، وترفض دفع أموال جراء أعمالها في الإقليم. في مقابل ذلك، كانت حكومة الإقليم تصر على ضرورة تطبيق الدستور العراقي، وتالياً شراكتها ودورها في عملية استخراج النفط وتصديره. لكن يبدو أن مزيجاً توافقياً قد حصل، رفعت فيه الحكومة الاتحادية قيمة ما تخصصه للشركات النفطية من الموازنة العامة، ووافقت أنقرة على التعامل الإيجابي مع دفع المستلزمات المستحقة لها، فيما وافقت حكومة كردستان على مراجعة العقود المبرمة.
على رغم كل ذلك، أعلنت تركيا عدم تلقيها أي إشعار من العراق بشأن إعادة ضخ التدفقات النفطية، إذ قال وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيراقدار للصحافيين في أنقرة: "لم تتلق تركيا إشعاراً من العراق بشأن استئناف التدفقات عبر خط الأنابيب الممتد من العراق إلى ميناء جيهان". لكن المراقبين أشاروا إلى أن الاتفاق حدث على المستوى السياسي، وسيتم تنفيذه خلال أيام قليلة.
نبض