المشرق-العربي 21-02-2025 | 08:31

بين دمشق و"قسد"... اتفاق على الخطوط العريضة واختلاف على التفاصيل

تشير التصريحات المتبادلة إلى حرص الطرفين على تجنب التصعيد، إذ أكّد كل من الرئيس الانتقالي لسوريا أحمد الشرع، والقائد العام لـ"قسد" مظلوم عبدي نيّتهما الوصول إلى تسوية سياسية.
بين دمشق و"قسد"... اتفاق على الخطوط العريضة واختلاف على التفاصيل
أحمد الشرع ومظلوم عبدي
Smaller Bigger

تُعد المفاوضات بين الإدارة الانتقالية في دمشق والإدارة الذاتية في شمال سوريا وشرقها حاسمة لمستقبل الاستقرار في البلاد، لكنّها تواجه تحديات كبيرة في مقدمها ملف حلّ قوات سوريا الديموقراطية "قسد"، الجناح العسكري للإدارة الذاتية وعمودها الفقري، ودمجها في الجيش السوري الجديد.


إصرار على الحلول السياسية

ويواصل الطرفان تبادل التصريحات الإيجابية بشأن مصير المفاوضات التي بدأت بعد أسابيع من سقوط نظام بشار الأسد، وتحديداً في 30 كانون الأول /ديسمبر 2024، بمساعِدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى في إدارة الرئيس جو بايدن، باربرا ليف.

 

وتشير التصريحات المتبادلة إلى حرص الطرفين على تجنب التصعيد، إذ أكّد كل من الرئيس الانتقالي لسوريا أحمد الشرع، والقائد العام لـ"قسد" مظلوم عبدي نيّتهما التوصل إلى تسوية سياسية.

 

وتستمر "قسد" في تأكيد موافقتها على الاندماج في الجيش السوري الجديد تحت إشراف وزارة الدفاع السورية، التي تخطط لإنشاء لجان مشتركة لتسهيل عملية الاندماج، 

 

وفي هذا السياق قدّمت دمشق عرضاً يقضي بمنح حقوق موسعة للأكراد، بما في ذلك منح الجنسية لمن حرموا منها سابقاً، كخطوة لبناء الثقة، لكنّها تواصل تشددها في موضوع الفصائل العسكرية المنضوية تحت مظلّة "قسد".

 

وتتلخص الخطوط العريضة لمطالب إدارة دمشق ببسط سيطرتها على كل الأراضي السورية، وإخراج المقاتلين الأجانب المنتمين إلى حزب العمال الكردستاني من سوريا، ودمج عناصر "قسد" في الجيش السوري كأفراد، وليس ككتلة موحدة.

 

في المقابل، تشدد "قسد" على الاندماج في الجيش السوري ككيان موحد، مع المطالبة بإطار دستوري للحقوق الثقافية الكردية وتلك المتعلّقة بالهوية، واللامركزية الإدارية للمناطق التي تسيطر عليها، وتوزيع عادل لعائدات النفط مع ضمان موارد اقتصادية كفيلة بتنمية شرق سوريا وتوفير الخدمات الأساسية، وتحقيق الأمن الغذائي لضمان استقرار طويل الأمد.


شروط دمشق قديمة متجددة  

 وقبل أيّام، أعلن قائد "لواء الشمال" في "قسد"، أبو عمر الإدلبي، قرب التوصل إلى اتفاق للاندماج في الجيش السوري "بعد مناقشات بين قسد، ومجلس سوريا الديموقراطي/  مسد، والإدارة الذاتية لشمال سوريا وشرقها"، مشيراً إلى أهم الشروط التي وافقت عليها "قسد" وهي: انسحاب المقاتلين الأجانب ومغادرتهم الأراضي السورية وتسهيل عودة النازحين.
ويؤكد مصدر مقرّب من الإدارة الذاتية رغبة الأخيرة في "التوصّل إلى اتّفاق مع دمشق وانفتاحها على كل الطروحات التي يمكن أن تعزز حالة التمسّك بالوحدة الجغرافية والوطنية لسوريا".

 

ويقول المصدر المواكب لمسار المفاوضات لـ"النهار" مشترطاً عدم الكشف عن اسمه، إن "ما ورد في تغريدة الإدلبي ليس بجديد، وقد أعلن عبدي سابقاً استعداده لإبعاد المقاتلين الأجانب في حال التوصّل إلى اتّفاق، لكن، رغم ذلك لا تزال هناك العديد من النقاط المختلف عليها، والتي تحتاج إلى توافق لتحقيق الهدف النهائي من المفاوضات".

 

ويبدي قادة "قسد" تحفظهم عن أطروحات دمشق، إذ يرى بعضهم أن خريطة الطريق المقدّمة من الحكومة الانتقالية تهدف إلى تفكيك التنظيم وليس دمجه، معتبرين أنها "لا تختلف حتى الساعة عما كانت تطرحه إدارة الأسد سابقاً، لناحية تسليم السلاح والمناطق من دون تحقيق أي من مطالب الإدارة الذاتية".

 

وكان وزير الدفاع في الحكومة السورية الانتقالية مرهف أبو قسرة، رفض اقتراح "قسد" للانضمام إلى الجيش السوري ككيان شبه مستقل، واصفاً ذلك بـ"غير المقبول"، فيما أعلن رئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني حسن الدغيم، أنه لن تتم دعوة "قسد" إلى مؤتمر الحوار الوطني كونها لا تمثل جميع سكان المنطقة الشرقية، كما أن إرسال الدعوات إلى حضور المؤتمر لن يكون على أساس ديني أو عرقي أو لكيانات محددة، قبل أن يستدرك في تصريح لاحق بالقول إن "الحوار لن يشمل الفصائل العكسرية"، من دون التطرق إلى الأسباب التي دعت إلى استبعاد الهيئات المدنية للإدارة الذاتية من الدعوة.

 

بانتظار ترامب وأردوغان والحكومة الجديدة

ورغم البعد الأمني الطاغي على المفاوضات بين الجانبين، خصوصاً في ظل استمرار الاشتباكات بين "قسد" و"الجيش الوطني" المدعوم من تركيا، والذي تم الإعلان عن انضمامه إلى وزارة الدفاع السورية قبل أسبوعين، لا تقتصر المفاوضات  على البعدين السياسي والعسكري، بل تشمل أيضاً تحدّيات اقتصادية وإنسانية كبيرة.

 

فمخاوف الصدام العسكري في ظل استمرار الاشتباكات والتهديدات التركية تؤدي إلى استمرار حالة النزوح البشري من مناطق سيطرة الإدارة الذاتية وتدهور الأوضاع الاقتصادية في المنطقة التي تعاني من حصار اقتصادي جزئي بسبب القيود التركية.

 

كذلك يحرم استمرار الخلاف بين دمشق والإدارة الذاتية، سكان المناطق الواقعة تحت سيطرة الأخيرة من الخدمات الحكومية والإدارية واللوجستية، التي تعجز الإدارة الذاتية عن تقديمها، كما الحال بالنسبة إلى الأمور المتعلّقة بتسجيل المواليد واستصدار جوازات السفر وسير المحاكم والدعاوى القضائية وسجلات النفوس والملكية، وصولاً إلى الشهادات التعليمية.

 

في ظل ما سبق، لا يستبعد مراقبون توصّل الجانبين إلى تفاهم أولي شبيه بالساري خلال عهد بشار الأسد، إذ تحتفظ الإدارة الذاتية بسيطرتها الفعلية على مناطق شمال شرقي سوريا مقابل استمرار الدوائر الحكومية والخدمية في عملها في مناطقها مع اتّفاق على تقاسم عائدات النفط والغاز، على
أن يتم تأجيل الاتّفاق النهائي لحين تبلور موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب من استمرار بلاده في دعم شركائه في الحرب ضد الإرهاب، وتكشّف نتائج المفاوضات بين أنقرة وزعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في تركيا، وتشكيل الحكومة السورية الجديدة.

 

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
النهار تتحقق 10/6/2025 11:04:00 AM
ابتسامات عريضة أضاءت القسمات. فيديو للشيخ أحمد الأسير والمغني فضل شاكر انتشر في وسائل التواصل خلال الساعات الماضية، وتقصّت "النّهار" صحّته. 
لبنان 10/6/2025 11:37:00 PM
افادت معلومات أن الإشكال بدأ على خلفية تتعلق بـ "نزيل في فندق قيد الإنشاء تحت السن القانوني في المنطقة".