تركمان سوريا... مطالب سياسية وثقافية تفتقر إلى مظلّة جامعة

تركمان سوريا هم أحد مكوّنات المجتمع السوري المتعدد الأعراق والثقافات، يتمركزون في مناطق عدة مثل مدينة الراعي شمال حلب وجبل التركمان في ريف اللاذقية ومناطق أخرى ذات كثافة سكانية تركمانية في ريف حمص وغيرها. يتحدثون اللغة التركية بلهجة قريبة من لهجة الأناضول، ولهم امتداد ثقافي واجتماعي عميق مع تركيا بحكم الجغرافيا والتاريخ المشترك.
دور التركمان في سوريا
شارك التركمان بنشاط في الثورة السورية، وانخرطوا بقوّة في الهيئات المعارضة السياسية والفصائل العسكرية بدعم من أنقرة، ليجدوا أنفسهم لاحقاً في مواجهة تحديات تتعلق بالتمثيل السياسي وضمان حقوقهم في مستقبل سوريا.
ومن أبرز مطالبهم بناء دولة القانون التي تضمن المساواة في المواطنة، بالإضافة إلى تأكيد وحدة سوريا وديموقراطيتها.
ينفي الناشط التركماني-السوري كمال خليل أوغلو، في حديث إلى "النهار" سعي التركمان للحصول على امتيازات خاصة، مشدداً على أنهم "يريدون المساواة مع بقية المكوّنات السورية في الحقوق السياسية والدستورية".
ويقول خليل أوغلو الفاعل في المجتمع التركماني في كل من سوريا وتركيا إن "من بين القضايا التي تهم التركمان حقوقهم الثقافية، وضمان تعليم لغتهم الأم من دون المطالبة بجعلها لغة رسمية للدولة".
ويشرح أنه "قبل الثورة، لم يكن مسموحاً لنا بتعلم اللغة التركية في مدارسنا، وكانت تقتصر معرفتنا بها على التعليم العائلي والتواصل اليومي".
مشاركة ضعيفة في الحياة السياسية
تعاني المشاركة السياسية للتركمان من ضعف واضح بسبب غياب تنظيم سياسي موحد يمثلهم بفعل الانقسامات الداخلية بين مختلف التيارات التركمانية التي تعوق تشكيل جبهة سياسية قوية تستطيع الدفاع عن حقوقهم ضمن الإطار الوطني السوري. وهذا ما دفع خليل أوغلو وبعض أصدقائه من مثقفين ووجهاء من المجتمع التركماني إلى إطلاق مبادرة تهدف إلى توحيد الجهود السياسية والاجتماعية تحت منصّة واحدة بهدف "توحيد التركمان".
ويقول خليل أوغلو إن "هذه المبادرة لا تهدف إلى تشكيل كيان جديد بديل من المجلس التركماني السوري أو اتحاد الجمعيات التركمانية، بل تسعى إلى جمع جميع القوى التركمانية تحت سقف واحد لتعزيز الحضور السياسي للتركمان ضمن المشهد السوري المستقبلي".
علاقات جيدة مع السلطة الانتقالية
العلاقات بين التركمان والسلطة الانتقالية السورية بقيادة أحمد الشرع جيدة عموماً، رغم وجود خلافات في بعض القضايا. ويستدلّ خليل أوغلو إلى هذه العلاقة الجيدة بالقول إن "تعيين قائد فصيل السلطان مراد، فهيم عيسى، ضمن وزارة الدفاع الجديدة، يعكس اندماج التركمان في مؤسسات الدولة الوليدة، وليس فقط في الأطر العسكرية. هذا الاندماج يعزز من حضورهم في المشهد السوري، لكنه يتطلب أيضاً تنظيماً سياسياً أكثر قوة لضمان عدم تهميشهم مستقبلاً".
في المقابل، يخشى البعض من أن يؤدي اندماج الفصائل التركمانية ضمن وزارة الدفاع السورية الجديدة إلى تراجع النفوذ التركي في سوريا، لكن
خليل أوغلو يقلل من احتمالات التهميش، قائلاً إن "الحل في تنظيم الصفوف سياسياً لضمان دور فاعل في صناعة القرار الوطني. فعدم وجود حزب سياسي تركماني قوي أو إطار سياسي موحد يمثل التركمان في المفاوضات الدستورية يجعل حضورنا ضعيفاً في المشهد السياسي. وهذه المشكلة لا تخص التركمان وحدهم، بل تشمل جميع مكونات المجتمع السوري التي واجهت عقوداً من القمع السياسي في عهد الأسد".
النازحون التركمان: تحديات العودة
لم تقتصر الهجرة واللجوء من سوريا على فئة دون أخرى، فقد عانى التركمان من النزوح واللجوء كما غيرهم من السوريين. ويرى خليل أوغلو أن "عودة التركمان إلى مناطقهم مرهونة بالاستقرار الأمني والاقتصادي، إضافة إلى إعادة تأهيل القرى والبلدات التي تعرّضت للدمار، ولا سيما في ريفي حماة وحمص".
ويشرح أن "الكثير من القرى التركمانية تفتقر اليوم إلى مقوّمات الحياة، ما يجعل عودة سكانها تعتمد على جهود إعادة الإعمار والدعم الدولي. ويطالب التركمان بضمان عودتهم إلى مناطقهم الأصلية في ظل بيئة آمنة ومستقرة".