المشرق-العربي 23-01-2025 | 05:13

بين دمشق و"الإدارة الذاتيّة"... ملفّات عالقة يتداخل فيها المحلّي بالتركي تؤخّر الاتفاق

بين دمشق و"الإدارة الذاتيّة"... ملفّات عالقة يتداخل فيها المحلّي بالتركي تؤخّر الاتفاق
كردي سوري يردد شعارات خلال تظاهرة لدعم "قسد". (ا ف ب)
Smaller Bigger


بعد تسلّم الرئيس الأميركي دونالد ترامب مفاتيح البيت الأبيض، باتت الأنظار، في كلّ من دمشق وأنقرة، تركّز على موقفه من دعم بلاده لـ"قوّات سوريا الديموقراطية" (قسد)، التي تشكّل الجناح العسكري والجوهر الوجودي والشرعي لـ "الإدارة الذاتية" المعلنة من طرف واحد في شمال سوريا وشرقها.
وباءت المحاولات التركية خلال الفترة الماضية لإعادة الهندسة الجغرافية في شمال سوريا من خلال الميليشيات المسلّحة التابعة لها بالفشل، في حين اتّسمت سياسات الحكّام الجدد في دمشق بما يخصّ ملفّ الإدارة الذاتيّة بالتروّي والديبلوماسية.

"قسد" والجيش السوريّ الجديد
ورغم تبادل الرسائل الإيجابية العلنية بين كلّ من الإدارتين الذاتية والشرع، لا تزال نقاط الخلاف المتعدّدة والعميقة تعقد  مساعي الطرفين للتوافق ضمن مسار تشكّل فيه الولايات المتّحدة والدول الأوروبية عنصر ضغط إيجابي لردم الهوّة، مقابل الضغوط السلبية التي تمارسها أنقرة ضمن سياسة أشمل تستند إلى التلويح بالعصا للكرد في المنطقة.
الأجواء الإيجابية التي خيّمت على اللقاء اليتيم بين قائد "قسد" مظلوم عبدي وقائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، وفق التصريحات الصادرة من الجانبين، والتي بدأت بترحيب الشرع بضيفه باللغة الكردية، استمرّت مع المنشور باللغة الكردية التي نشرها وزير خارجية الشرع عبر حسابه الرسمي في موقع "إكس" كأول مسؤول سوري يعترف بوجود لغة أخرى غير العربية تستخدمها أكبر الأقلّيات العرقية في البلاد، وذلك بعد أكثر من 60 عاماً من سياسات تعريب الأكراد.
في المقابل، نقلت شخصية اقتصادية سورية عن الشرع تأكيده  أنّ مسألة "قسد" محسومة دولياً وهي في حاجة إلى بضعة أيام، في إشارة إلى إمكان التعويل على موقف أميركيّ مغاير مع وصول ترامب إلى السلطة، وهو ما تأمله أنقرة أيضاً.
كما صرّح وزير خارجية الإدارة السورية الجديدة بأنّه لم تعد هناك حاجة لـ"قسد" بالتزامن مع تصريحات زميله في وزارة الدفاع الذي أكّد رفض الإدارة السورية في دمشق مقترحات انضمام "قسد" إلى الجيش الجديد كجسم موحّد، مكرّراً نداءه بضرورة التحاق المقاتلين في صفوف "قسد" إلى الجيش إفرادياً، وهو ما ترفضه الإدارة الذاتية بشكل قطعي.
وتشكّلت "قسد" عام 2015 وتحظى بدعم وشرعية دوليّين تتجاوز شرعية الإدارة السورية الجديدة التي تطالبها بحلّ نفسها. في المقابل، ترى تركيا أنّها مرتبطة بـ"الإرهاب"، وتستمر في التهديد بمحوها بالتزامن مع تواصل الاستهدافات المباشرة لعناصرها وبناها العسكرية، بل وحتى المدنية في المنطقة.
في الوقت ذاته، يهيمن على وزارة الدفاع حالياً قادة مرتبطون بـ"هيئة تحرير الشام" المصنّفة ضمن قوائم الإرهاب الدولية، وهو ما يقلّل من فرص التوصّل إلى اتّفاق مع "قسد" في الوقت الحالي، كما أنّ أولوية التفاوض مع "قسد" بالنسبة إلى الشرع لا تزال موضع شكّ في ظلّ العلاقة الوثيقة بينه وبين أنقرة.
وتنظر "قسد" إلى مسألة الخضوع لوزارة الدفاع التي تقودها "هيئة تحرير الشام" بعين الشك، خصوصاً أن موقف دمشق المتغاضي عن هجمات ميليشيات "الجيش الوطني" التابع لتركيا، والتي تعتبرها قسد تهديداً وجودياً، يضعف الثقة بين الجانبين ويحوّل أولوية القوّات التي يقودها الأكراد إلى مسائل ميدانية دفاعية، أكثر من الأمور التنظيمية  والسياسية.

هجمات الميليشيات التابعة لتركيا
ورغم التصريحات المتتالية حول دمج الفصائل المسلّحة في جسم المؤسسة العسكرية الجديدة، تبقى ميليشيات "الجيش الوطني" ومثيلاتها الجنوبية في درعا وقاعدة التنف والسويداء هي الأخرى منفصلة حتى الساعة من دون وجود إشارات واضحة إلى نجاح عملية الدمج المعلنة.
وتستمر هجمات ميليشيات "الجيش الوطني" على "قسد" في موقع سدّ تشرين منذ 31 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ضمن تكتيك أوسع يسعى إلى تقوية يد حلفاء أنقرة المباشرين في أيّ مفاوضات تخصّ مستقبل سوريا وهيكليّة جيشها، وفي الوقت نفسه قطع خطوط إمداد قسد حول السدّ.
وتتزامن هذه الهجمات مع حملة إعلامية تقودها وسائل ومنصّات عربية مقرّبة من الحكومة التركية تتحدّث عن تحرّك أرتال عسكرية تابعة لـ "هيئة تحرير الشام" لدعم هجمات "الجيش الوطني" على سدّ تشرين ومحيطه، وهو ما نفاه مصدر عسكري ضمن "الإدارة العسكرية" التابعة للشرع.
وقال المصدر الذي شدّد خلال حديثه المقتضب إلى "النهار" على "إدلائه بمعلومات غير رسمية وكونه غير مخوّل بالتصريح" أنّ "أولوية قيادة العمليات العسكرية حالياً تتمثّل في استتباب الأمن وملاحقة العصابات الإجرامية من فلول النظام".

النفط والزراعة
وينفي مسؤولو الإدارة الذاتية باستمرار وجود أيّ نيّة أو أهداف انفصالية لديهم مشدّدين على ضرورة ضمان حقوق مكوّنات المجتمع المحلّي في مناطق شمال سوريا وشرقها، وعلى رأسهم الأكراد، بمبادئ دستورية بغضّ النظر عن تسميات الإدارة الذاتية أو اللامركزية الموسّعة وغيرها.
في المقابل تركّز التصريحات الصادرة عن دمشق على ضرورة انتقال الجغرافيا الغنية بالموارد من النفط والغاز والأراضي الزراعية الخصبة، التي تسيطر عليها "الإدارة الذاتية" إلى سلطة الإدارة السورية الجديدة، كأحد شروط تحقيق التنمية المرجوة في ظلّ اقتصاد منهار وخزائن فارغة.
ويشير المتحدّث الرسميّ باسم مكتب العلاقات الخارجية في "الإدارة الذاتية" كمال عاكف إلى مسألة انتقال السيطرة الجغرافية قائلاً إن "الموضوع يحتاج إلى نقاش مستفيض، والاتفاق ضمن إطار الدولة السورية، لكن من المهم أن يتمّ تفعيل الدولة وأن تكون هناك بشكل واضح، وما زالت الأمور في حاجة إلى تنظيم".
ويشرح عاكف في حديث إلى "النهار" أنّه "في المجمل هذه الثروات ليست حكراً على أحد، وهي ملك لعموم الشعب السوري ولا بدّ من أن يتمّ استخدامها بشكل عادل ونحو ما يقوّي الدولة السورية ويسدّ حاجتها، كذلك يطوّر اقتصادها".
 




الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
النهار تتحقق 10/6/2025 11:04:00 AM
ابتسامات عريضة أضاءت القسمات. فيديو للشيخ أحمد الأسير والمغني فضل شاكر انتشر في وسائل التواصل خلال الساعات الماضية، وتقصّت "النّهار" صحّته. 
لبنان 10/6/2025 11:37:00 PM
افادت معلومات أن الإشكال بدأ على خلفية تتعلق بـ "نزيل في فندق قيد الإنشاء تحت السن القانوني في المنطقة".