الفلسطينيتان المحررتان خالدة جرار وعبلة سعدات لـ"النهار": كأننا كنا في قبر... مصير السعدات والبرغوثي غير واضح
"كأنني كنت في قبر"، بهذه الكلمات القليلة اختصرت القيادية في "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" خالدة جرار ستة أشهر أمضتها في زنزانة انفرادية في سجن الرملة "نافي تيرتسيا".
وتقول لـ"النهار": "كنت أبحث عن فتحة أتنفس من خلالها لأبقى على قيد الحياة، وأنتظر الساعات لتمر".
وجرار واحدة من أكثر 10400 أسير وأسيرة فلسطينيين في السجون الإسرائيلية منذ 470 يوماً يتعرضون لشتى أنواع الاضطهاد والتعذيب والمعاناة. رجال ونساء قاصرون وأطفال، يشهدون منذ اللحظات الأولى للاعتقال مروراً بالتحقيق وصولاً إلى السجون، على أهوال لا تنتهي في الأقسام القذرة، حيث لا تتوافر لهم إلا حصص قليلة من الطعام والمياه.
في غرفٍ صغيرة، يحشر 10 أسرى أو أسيرات، تمارس عليهم مصلحة السجون وسجانوها وقوات القمع أبشع أساليب وفنون الانتهاكات التي تشمل الدهم المفاجئ ليلاً للغرف والقمع بطريقة غير مسبوقةٍ، والإهمال الطبي، ومنع زيارات الأهل والأقارب وصولاً الى التجويع ومنع الاستحمام، وحجب وسائل النظافة، ما أدى إلى انتشار الفيروسات ومرض الجرب.
مع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين "حماس" وإسرائيل يوم الأحد الماضي، أطلقت الحركة سراح ثلاث أسيرات إسرائيليات تم احتجازهن 15 شهراً، في مقابل 90 أسيرة وأسيراً من بينهم 20 قاصراً ليل الأحد - الاثنين، بإشراف لجنة الصليب الأحمر الدولية.
"لا تواصل مع العالم"
فقدت خالدة جرار الكثير من وزنها وتبدلت ملامحها التي بدا عليها الإرهاق.
وأخبرتنا في رام الله بأنها قضت الأشهر الستة الأخيرة من اعتقالها في العزل داخل زنزانة انفرادية، وهي من أصعب الفترات التي عاشتها داخل السجون وحتى آخر لحظة، في سجن الرملة، إذ نُقلت بعد 8 أشهر من اعتقالها إلى زنزانة شعرت فيها "كأنني كنت في قبر".

الهدف من عزلها كان الانتقام، كما أن اعتقالها الاداري وتمديده بشكل مستمر دون أي تهم يدلان على أنه جاء نتيجة قرار سياسي، بحجة أنها تشكل خطراً على "دولة إسرائيل".
وتابعت جرار أن مقاومة العزل من أصعب الفترات التي يمر بها أي أسير، فالعقل يبقى بحالة مقاومة للحفاظ على التوازن العقلي.
ووصفت حالة السجون بأنها الأصعب، وأن الأسرى والأسيرات يمرون بأقسى الظروف منذ عام 1967.
"مقابر الأحياء"
بدورها، نقلت عبلة عبد الرسول سعدات زوجة الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات، المعاناة نفسها. وقالت لـ"النهار" إن الأسرى في السجون مقطوعون عن العالم بشكل كلي وأن الأخبار تصلهم بشكل مقتطع وغير كامل. وأضافت: "لم نكن نعرف أي شيء عن أولادنا، أو إذا ما تعرضوا لأي مكروه، لذلك كنا نعتبر أنفسنا في مقابر الأحياء".
وروت أنها اعتُقلت من منزلها قبل أربعة أشهر، ولأن اعتقالها إداري لم يتم توجيه أي تهم إليها، حتى أنها لم تخضع للتحقيق، مضيفة: "كانوا يكتفون بالقول إن هناك ملفاً سرياً. قاموا بعزلي في زنزانة انفرادية مدة أسبوعين ومن ثم نقلوني إلى قسم النساء والفتيات، كما تم تجديد اعتقالي دون محاكمة، فلا تفسير للاعتقال الإداري".

وأوضحت سعدات بأنه ليس لديها أي معلومات عما وصلت إليه المفاوضات بخصوص الإفراج عن الزعماء الفلسطينيين الذي حكم عليهم بالمؤبد، مثل زوجها أحمد سعدات أو مروان البرغوثي، مشيرة إلى أن ملف التفاوض هذا يبقى سرياً، كما أنها لم تكن تعلم بخصوص الإفراج عنها حتى الأحد ظهراً حين حضر السجانون لنقلها.
وختمت سعدات أنها تتمنى العيش بكرامة وحرية مع أولادها وأحفادها، و"كفلسطينيين لدينا دائما الحق في الدفاع عن حقوقنا وكرامتنا وعن وطننا. الإنسان الفلسطيني معرض دائماً للاعتقال، والمقاومة هي من أبسط حقوقنا ولا يمكن المساومة عليها".
نبض