واشنطن: وقف إطلاق النار في غزة سيبدأ في موعده رغم "مشكلة عالقة"

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم الخميس إنّ وقف إطلاق النار في غزة سيبدأ يوم الأحد كما هو مخطط له على الرغم من أنّ الأمر يستلزم عملاً من المفاوضين على حل "مشكلة عالقة" ظهرت في اللحظة الأخيرة.
وفي ظل الانقسامات الواضحة بين الوزراء، أرجأت إسرائيل اجتماعات الحكومة للتصديق على وقف إطلاق النار، وذكرت تقارير إعلامية أنّ التصويت قد يتم غداً الجمعة أو حتى السبت، على الرغم من أنه من المتوقع الموافقة على الاتفاق.
وألقت إسرائيل بالمسؤولية في تأجيل التصويت على حركة (حماس) وذلك في الوقت الذي شنت فيه طائرات حربية إسرائيلية ضربات على غزة وصفت بأنها من بين الأعنف خلال شهور. وقالت السلطات الفلسطينية إن 86 شخصاً على الأقلقتلوا منذ الإعلان عن التوصل لهدنة.
وقال عزت الرشق القيادي البارز في حماس إنّ الحركة الفلسطينية ملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنه الوسطاء أمس الأربعاء وسيدخل حيز التنفيذ يوم الأحد القادم لوضع حد للصراع المستمر منذ 15 شهراً.
وقال بلينكن في مؤتمر صحافي في واشنطن "ليس مفاجئا أن نواجه مسألة غير محسومة في عملية ومفاوضات كانت صعبة ومحفوفة بالمخاطر... نحن نعمل على حل هذه المسألة غير المحسومة في هذا الوقت الذي نتحدث فيه".
وذكر مسؤول أميركي طلب عدم نشر اسمه إن الأطراف تحرز تقدماً جيداً للتغلب على آخر المعوقات.
وأضاف لرويترز "أرى أن الأمر سيكون على ما يرام".
وكان المسؤول قد قال في وقت سابق إن الخلاف يتعلق بأسماء عدد من الأسرى الذين تطالب حماس بالإفراج عنهم. وقال المسؤول إن بريت ماكجورك مبعوث الرئيس جو بايدن وستيف ويتكوف مبعوث الرئيس المنتخب دونالد ترامب في الدوحة مع وسطاء مصريين وقطريين للعمل على حل الخلاف.
وفي غزة، تحول الفرح بالهدنة إلى حزن وغضب بسبب القصف المكثف الذي أعقب الإعلان.
وكان تامر أبو شعبان حزيناً وهو واقف بجانب جثمان ابنة أخته الصغيرة المتدثرة بالكفن الأبيض على أرضية مشرحة في مدينة غزة. وقال إنها أصيبت في ظهرها بشظايا صاروخ بينما كانت تلعب في ساحة المدرسة التي كانت الأسرة تحتمي بها.
وأضاف بنبرة تمزج بين الغضب والحزن "هاي الهدنة اللي بيحكوا عنها؟ شو ذنب هاي الطفلة الصغيرة مشان يصير فيها هيك؟ شو عملت؟ حاربت إسرائيل؟".
وجرى التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار المعقد أمس الأربعاء بعد جهود وساطة من قطر ومصر والولايات المتحدة لوقف الحرب.
ويحدد الاتفاق ستة أسابيع من وقف إطلاق النار بشكل مبدئي وانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة الذي قتل فيه عشرات الآلاف. ومن المقرر إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس مقابل الإفراج عن فلسطينيين من سجون إسرائيل.
ويمهد الاتفاق الطريق إلى زيادة المساعدات لغزة التي نزح معظم السكان فيها. وقال خبراء الأمن الغذائي في أواخر العام الماضي إن سكان القطاع يواجهون نقصا حادا في الغذاء.
وتصطف شاحنات المساعدات في طوابير بمدينة العريش المصرية بانتظار دخول غزة بمجرد إعادة فتح الحدود.
وقد يحمل السلام أيضا فوائد أوسع في أنحاء الشرق الأوسط، من توقف الحرب بين إسرائيل وإيران إلى إنهاء تعطل التجارة العالمية بسبب هجمات جماعة الحوثي اليمنية على السفن في البحر الأحمر. وقال زعيم الحركة عبد الملك الحوثي إن جماعته ستراقب وقف إطلاق النار وستواصل الهجمات إذا تم انتهاكه.
* تأجيل الاجتماع
ولن يصبح قبول إسرائيل للاتفاق رسمياً حتى الموافقة عليه من قبل مجلس الوزراء الأمني المصغر والحكومة الإسرائيلية، وكان من المقرر التصويت عليه اليوم الخميس لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أرجأ الاجتماع واتهم حماس بتقديم مطالب في اللحظة الأخيرة.
وقال مكتب نتنياهو في بيان "لن تجتمع الحكومة الإسرائيلية حتى يخطر الوسطاء إسرائيل بأن حماس قبلت كل بنود الاتفاق".
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن من المتوقع أن يصوت مجلس الوزراء غداً الجمعة أو السبت، لكن مكتب رئيس الوزراء أحجم عن التعليق على التوقيت.
ولا يزال المتشددون في حكومة نتنياهو يأملون في وقف الاتفاق رغم أنه من المتوقع أن يلقى تأييد أغلب الوزراء.
وقال وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتشدد إيتمار بن جفير اليوم الخميس إنه سيستقيل من حكومة نتنياهو إذا وافقت على اتفاق وقف إطلاق النار.
لكن زعيم المعارضة يائير لابيد قال لرئيس الوزراء في منشور على إكس إنه سوف "يحصل على كل شبكة أمان تحتاجها لإتمام صفقة الرهائن"، مما يشير إلى أن نواب المعارضة سوف يدعمون الحكومة لضمان عودة الرهائن.
وفي القدس، خرج بعض الإسرائيليين إلى الشوارع حاملين توابيت فارغة احتجاجاً على وقف إطلاق النار وأغلقوا طرقاً واشتبكوا مع الشرطة.
ويترك الاتفاق مصير أغلب الرهائن الإسرائيليين المتبقين البالغ عددهم 98 في غزة دون حل حتى الآن. وتتضمن قائمة من 33 اسماً من المقرر إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى، نساء وأطفالاً ومسنين ومرضى وجرحى. ومن بينهم يائير هورن (46 عاماً) الذي اختطف من أحد التجمعات السكانية الإسرائيلية، لكنها لا تشمل شقيقه إيتان (38 عاماً) الذي اختطف معه. ولم يُقدم أي تفسير علني للسبب في ذلك.
وقالت والدتهما روث ستروم بصوت مرتجف: "ماذا سيحدث وقت فراقهما وإخبارهما أن أحدهما سيخرج والآخر لا؟".
وأضافت "أعرف أن قوتهما تكمن في التواجد معا، والوقوف كل منهما بجانب الآخر".
ودعا بعض الفلسطينيين إلى تنفيذ أسرع للاتفاق.
وقال محمود أبو وردة وهو من سكان القطاع "إحنا كل ساعة بنفقد شهداء، كل ساعة بنفقد (منازل)، فإحنا بنطالب وبنقول بإنه متخلوش الفرحة تروح، الفرحة إللي ارتسمت على وشوشنا ما تضيعوها في تأجيل حيز تنفيذ الهدنة ليوم الأحد".