الخليج يلجأ إلى القوة الناعمة في سباق النفوذ مع تركيا على سوريا

المشرق-العربي 13-01-2025 | 07:00

الخليج يلجأ إلى القوة الناعمة في سباق النفوذ مع تركيا على سوريا

سباق نفوذ خفي في سوريا تخوضه دول عربية من جهة وتركيا من جهة  ثانية بعد سقوط نظام بشّار الأسد، وهو سباق قديم يتجدّد وقته وتتغيّر جغرافيته مع تبدّل معطيات سياسية إقليمية ودولية في منطقة الشرق الأوسط. تبدّلت المشهدية بعد سقوط النظام السوري السابق الذي انخرطت السعودية في محاولات إعادة تعويمه نسبياً، وسيطرة المعارضة السورية المقرّبة من تركيا.
الخليج يلجأ إلى القوة الناعمة في سباق النفوذ مع تركيا على سوريا
على الثورة السورية في مطار دمشق (أ فب ).
Smaller Bigger
سباق نفوذ خفي تخوضه كل من السعودية وتركيا في سوريا بعد سقوط نظام بشّار الأسد، وهو سباق قديم يتجدّد وقته وتتغيّر جغرافيته مع تبدّل معطيات سياسية إقليمية ودولية في منطقة الشرق الأوسط. تبدّلت المشهدية بعد سقوط النظام السوري الذي انخرطت السعودية في محاولات إعادة تعويمه نسبياً، وسيطرة المعارضة السورية القريبة من تركيا.

رغم تحسن العلاقات الديبلوماسية والسياسية بين تركيا ودول عربية، لكن اختلاف المشاريع الإقليمية يحتّم التنافس السياسي على المجال الحيوي بين الجانبين، خصوصاً أن الدول الخليجية قلقة من العلاقة الإيجابية بين أنقرة والجماعات الإسلامية، ، بينما تسعى تركيا إلى أدوار متقدمة في دول تقع جنوبها، وتعمل على وراثة دور إيران المتآكل.

سوريا ستكون ميداناً لهذا التنافس، انطلاقاً من عوامل عديدة. بالدرجة الأولى، يريد الخليج تعويض النفوذ السياسي الغائب عن ضفاف البحر المتوسط منذ أكثر من عقد، وبالدرجة الثانية، حجز مقعد على طاولة إعادة الإعمار، وبالدرجة الثالثة، إبعاد موجات التطرّف عن حدوده  الشمالية وتحقيق استقرار نسبي يستقطب الاستثمارات.

مسار الدور العربي في سوريا قد لا يكون سهلاً، كون تركيا تتمتع بأفضلية العلاقات المتقدمة مع القيادة السورية الجديدة، و"هيئة تحرير الشام" بشكل خاص، والنفوذ الذي تبسطه بين أوساط فصائل المعارضة، إضافة إلى النشاط السياسي والديبلوماسي المستمر في المجال السوري وشماله على وجه التحديد منذ أكثر من عقد، وباقتراب جغرافيتها من سوريا.

هذا التنافس يأتي في ظل عدم استقرار  قد يتفاقم في حال اتخذ السباق أشكالاً عنفية. من جهتها، تشدّد الخارجية الأميركية في معرض حديثها مع وسائل إعلام بينها "النهار"، على أن الدول المحيطة بسوريا التي تعمل وفق مصالحها، عليها مراعاة "عدم خلق مزيد من عدم الاستقرار أو تشتيت انتباه السلطات (القيادة الجديدة) بشأن الانتقال المسؤول أو الحاجات السورية".

لكن مسار التنافس قد لا يكون عنفياً، بل سياسياً ومفيداً لسوريا. السعودية بدأت سباقها للعودة إلى الملعب السوري بقوّة وخطوات فعالة، وإن كان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أول زائري دمشق الديبلوماسيين، فإن وزير الخارجية السوري الجديد أسعد الشيباني اختار السعودية وجهة أولى لرحلاته الخارجية كما زار الإمارات والاردن.

تعتمد السعودية القوة الناعمة وسيلة للعودة إلى الميدان السوري في مقابل تحركات تركيا، ولهذا السبب، فتحت  جسراً جوياً إنسانياً بين الرياض ودمشق وأرسلت المساعدات الغذائية والإمدادات الطبية، ووفق صحيفة "وول ستريت جورنال"، عرضت السعودية تدريب الشرطة السورية وتجهيزها واستبدال إمدادات النفط الإيرانية.

هذه المساعي هدفها إبعاد سوريا عن نزعات التطرف، وإعادتها إلى الحاضنة العربية، وفي رأي فابريس بالانش، الخبير في الشؤون السورية وأستاذ في جامعة ليون 2 في فرنسا، فإن "الحكومات في المنطقة تشعر بالقلق إزاء النسب الإسلامي للحكام الجدد، ولكنها تشعر أيضاً بالقلق من أن شعبيتهم قد يكون لها تأثير معدٍ بين شعوبها. كما تريد أن يكون لها مقعد في سوريا الجديدة".

ويستطرد فواز جرجس، أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد بالحديث عن أهداف السعودية في سوريا، وفي رأيه، فإن أحد الأهداف "موازنة الدور المهم الذي تلعبه تركيا في سوريا الجديدة"، معتبراً أن الرياض تريد أيضاً ضمان "عدم انزلاق" دمشق مرة أخرى إلى "العنف والاضطرابات الاجتماعية"، الأمر الذي من شأنه أن يهدد الاستقرار الإقليمي.

إلى ذلك، لا تترك السعودية، ومعها الخليج، تركيا تتحرّك وحيدة في المجال الاقتصادي السوري بهوامش واسعة، فقابلت خطوات إرسال تركيا مسؤولين ورجال أعمال إلى دمشق والاهتمام بالمساعدة في إعادة بناء قطاع الطاقة في البلاد، وفقًا لتصريحات الإدارة السورية الجديدة ووزارة الطاقة التركية، بعزم تقديم مساعدات اقتصادية.

في هذا السياق، كتب عبد العزيز العويشق، الأمين العام المساعد للشؤون السياسية وشؤون المفاوضات في مجلس التعاون الخليجي، في صحيفة "عرب نيوز"، إن المجلس مستعد للعمل مع الشركاء الدوليين لدعم الاستقرار والتعافي المبكر، ويدعو إلى عقد مؤتمر دولي لتعبئة الموارد اللازمة لتوفير المساعدات الإنسانية والتنموية والفنية لإعادة بناء مؤسسات الدولة.

الكاتب والباحث في "مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية" بشير عبد الفتاح يرى العلاقة من بعد آخر، بعد التنسيق والتعاون، إذ يتحدّث عن "علاقات وثيقة" تربط السعودية بتركيا، ويشير إلى "نقاط مشتركة يمكن الانطلاق منها" ويعدّدها، كمسألة الحفاظ على وحدة سوريا بعيداً من تقسيمها، إعادة الإعمار ورفع العقوبات، وإقامة جيش وطني ونزع السلاح من الفصائل.

وفي حديث لـ"النهار"، يرى عبد الفتاح أن "مساحة التفاهم التركي - السعودي واسعة، ويمكن للبلدين التعاون معاً من أجل إحداث انطلاقة مهمة في التنسيق داخل سوريا بعد الأسد"، انطلاقاً من أن "الدول العربية حريصة على استقرار سوريا ووحدتها وسيادتها، ومساعدتها على تجاوز المرحلة الانتقالية في وقت قياسي وبأقل تكلفة ممكنة". 

في المحصلة، فإن التنافس لا يغيب عن الدول الإقليمية وإن كانت العلاقات إيجابية بينها، وينطلق هذا من مبدأ سباق النفوذ في علم السياسة والعلاقات الدولية، ومن المرتقب أن تشهد سوريا تنافساً عربياً - تركياً كونها دولة غنية بالثروات الطبيعية وموقعها الجغرافي جيواستراتيجي، ومشاريع إعادة الإعمار فيها كثيرة.

الأكثر قراءة

العالم العربي 10/17/2025 6:20:00 AM
"وقهوة كوكبها يزهرُ … يَسطَعُ مِنها المِسكُ والعَنبرُوردية يحثها شادنٌ … كأنّها مِنْ خَدهِ تعصرُ"
ثقافة 10/17/2025 6:22:00 AM
ذلك الفنجان الصغير، الذي لا يتعدّى حجمه 200 ملليليتر، يحمل في طيّاته معاني تفوق حجمه بكثير
ثقافة 10/17/2025 6:23:00 AM
القهوة حكايةُ هويةٍ وذاكرةٍ وثقافةٍ عريقةٍ عبرت من مجالس القبائل إلى مقاهي المدن، حاملةً معها رمزية الكرم والهيبة، ونكهة التاريخ.
ثقافة 10/17/2025 6:18:00 AM
من طقوس الصوفيّة في اليمن إلى صالونات أوروبا الفكرية ومقاهي بيروت، شكّلت القهوة مساراً حضارياً رافق نشوء الوعي الاجتماعي والثقافي في العالم.