المشرق-العربي
29-12-2024 | 13:06
شرق الفرات 2025 أمام تحديات الانسحاب الاميركي والاحتلال التركي والاندماج في سوريا الجديدة
تُهدد تركيا منطقة شرق الفرات وحاكميها بأقسى العبارات، متوعدة إياهم بالمحق السياسي والميداني، دافعة العشرات من التنظيمات المسلحة التابعة لها مباشرة، والمنضوية تحت مسمى "الجيش الوطني"، إلى الهجوم على تلك المنطقة من كل حدب، وقد تمكنت خلال أقل من شهر من احتلال مناطق كثيرة من غرب الفرات كانت تحت سيطرة "قوات سوريا الديموقراطية".

مجموعة من قوات سوريا الديموقراطية
فيما تدخل غالبية المناطق السورية العام الجديد بهدوء عسكري وتحول سياسي جذري، تشهد منطقة شرق الفرات البالغة مساحتها قرابة ربع مساحة سوريا وتسيطر عليها "قوات سوريا الديموقراطية"(قسد) معارك متواصلة حتى الآن، ومن المتوقع أن تبقى بؤرة توتر سياسي وأمني ستمتد طوال العام الجديد. وستكون، غالباً، مؤثراً أساسياً في أحوال سوريا في هذه المرحلة التأسيسية.
أربعة تحولات سياسية وعسكرية رئيسية حدثت خلال الشهور الماضية، من المتوقع أن تصبح مؤثرات جوهرية في سياق مناطق شرق الفرات خلال العام الجديد، وهي عوامل متفاعلة في ما بينها ومؤثرة في بعضها بعضاً، تمتد من الخيارات السياسية الاستراتيجية لتركيا تجاه الأكراد ومسألتهم في سوريا، بعد توسع نفوذها ضمن سوريا، ومثلها وصول الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب إلى سُدة الرئاسة في الولايات المتحدة من جديد، وهو الذي عُرف بخياراته الخاصة تجاه سوريا ومنطقة شرق الفرات بالذات، ومعهما السلطة الحاكمة لسوريا، بخياراتها الإيديولوجية والسياسية الخاصة للغاية، ومع كل ذلك شكل توازع الأدوار الإقليمية ضمن سوريا الجديدة.
تُهدد تركيا منطقة شرق الفرات وحاكميها بأقسى العبارات، متوعدة إياهم بالمحق السياسي والميداني، دافعة العشرات من التنظيمات المسلحة التابعة لها مباشرة، والمنضوية تحت مسمى "الجيش الوطني"، إلى الهجوم على تلك المنطقة من كل حدب، وقد تمكنت خلال أقل من شهر من احتلال مناطق كثيرة من غرب الفرات كانت تحت سيطرة "قوات سوريا الديموقراطية" التي تتهمها تركيا بالارتباط بحزب العمال الكردستاني، الذي يخوض صراعاً مسلحاً ضد تركيا منذ أكثر من أربعة عقود.
ترى تركيا في العام الجديد مدة كافية لإنهاء عملياتها في شرق الفرات، معتمدة على دعم مفتوح تقدمه للفصائل المقربة منها، وتغطية سياسية/"شرعية" من السلطة الحاكمة الجديدة لسوريا. لكنها مع ذلك تخشى المحاذير والضغوط الأميركية/الأوروبية، التي تعتبر دور "قوات سوريا الديموقراطية" وتجربتها بمثابة ضمان للأمن القومي بعد المدى الخاص بها، وأن على تركيا أن تكون متفهمة لذلك التفصيل، وتغادر المعادلة الصفرية تجاه أكراد سوريا والواقع الموضوعي الخاص بهم.
حتى الآن، لم تخض تركيا حرباً شاملة على تلك المنطقة، وحصرت أفعالها المباشرة ببعض عمليات القصف والدعم اللوجستي للتنظيمات المرتبطة لها، ومعها زيادة التفاهمات مع السلطة الجديدة، لكنها مع الأمور كلها تنتظر وصول الرئيس الأميركي الجديد إلى البيت الأبيض، لإحراز توافق سياسي/عسكري معه، شبيه بما حدث عام 2020، حينما اندفعت لاحتلال الشريط الممتد بين بلدتي رأس العين وتل أبيض، بعد موافقة مباشرة من الرئيس ترامب بعد اتصال بالرئيس التركي أردوغان.
ترغب تركيا في أن تتخذ الولايات المتحدة قراراً مستعجلاً بالانسحاب العسكري من سوريا، وتالياً ترك مصير منطقة شرق الفرات التي يتمركز فيها مئات الجنود الأميركيين لأن تحتلها تركيا، وتالياً إحراز "نصر سياسي" لمصلحة حزب العدالة والتنمية في الداخل. مبدئياً عبر الرئيس ترامب عن إمكان توافقه مع الرئيس أردوغان في ذلك الإطار، لكنه قد يواجه ممانعة من فريق ترامب السياسي، وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي ووزير الدفاع، المُعينين حديثاً، والذين يبدون أشكالاً من الدعم والثقة بـ"قوات سوريا الديموقراطية".
"قوات سوريا الديموقراطية" تعلن رسمياً استعدادها للاندماج في السلطة السورية الجديدة، بما في ذلك الجيش السوري، ولأن يكون العام الجديد مناسبة لإعادة فتح المناطق السورية على بعضها بعضاً، وحتى تسليم كل أسلحتها إلى الدولة، لكن على أن يجري ذلك ضمن الأطر والسياقات الصحية لإعادة تشييد الدولة السورية، عبر مؤتمر وطني ودستور جديد يحقق القيم العليا للثورة السورية، وتحييد النفوذ الإقليمي عن المعادلة الداخلية السورية.
لا تُبدي السلطة السورية الجديدة أي مواقف واضحة لما تخططه لسوريا الجديدة، بما في ذلك مستقبل "قوات سوريا الديموقراطية" والقضية الكردية في سوريا، كما يشرح الباحث نذير جزيري لـ "النهار"، ويقول: "تحاول السلطة الجديدة أن تكون غير واضحة وحاسمة، حتى لا تدخل في أي صِدام مع تركيا أو مع الولايات المتحدة بشأن مستقبل منطقة شرق الفرات، فهي تعرف نفوذ الطرفين ضمن سوريا وحساسيتهما تجاه منطقة شرق الفرات، بل وتناقضهما في ذلك السياق. حتى الآن لا توحي العلاقة بينهما بإمكان حصول أي صِدام عسكري، وبأنهما في المحصلة قد تتوصلان إلى توافقات، بضغوط من القواعد الاجتماعية في شرق الفرات وكامل سوريا، لكن إمكان حدوث ذلك من دون ضغوط إقليمية، سيكون السؤال الأكبر خلال العام الجديد، فكل القوى الطامحة لمزاحة تركيا في سوريا، ستسعى جاهدة للتركيز على شرق الفرات، لإغاظتها وتحسيسيها بأن ثمة ما يمس أمنها القومي".
العلامات الدالة
الأكثر قراءة
العالم العربي
10/17/2025 6:20:00 AM
"وقهوة كوكبها يزهرُ … يَسطَعُ مِنها المِسكُ والعَنبرُوردية يحثها شادنٌ … كأنّها مِنْ خَدهِ تعصرُ"
ثقافة
10/17/2025 6:22:00 AM
ذلك الفنجان الصغير، الذي لا يتعدّى حجمه 200 ملليليتر، يحمل في طيّاته معاني تفوق حجمه بكثير
ثقافة
10/17/2025 6:23:00 AM
القهوة حكايةُ هويةٍ وذاكرةٍ وثقافةٍ عريقةٍ عبرت من مجالس القبائل إلى مقاهي المدن، حاملةً معها رمزية الكرم والهيبة، ونكهة التاريخ.
ثقافة
10/17/2025 6:18:00 AM
من طقوس الصوفيّة في اليمن إلى صالونات أوروبا الفكرية ومقاهي بيروت، شكّلت القهوة مساراً حضارياً رافق نشوء الوعي الاجتماعي والثقافي في العالم.