كيف انهار نظام بشار الأسد بهذه السرعة؟
سلطت صحيفة "فايننشال تايمز البريطانية" في تقرير لها اليوم الاثنين الضوء على انهيار نظام بشار الأسد في سوريا، قائلة إن "تحرك الفصائل المسلحة كان بهذه السرعة هذه المرة نتيجةً جزئيةً لحربين: حرب روسيا في أوكرانيا، وحرب إسرائيل مع حزب الله، وبالوكالة، إيران، حيث أضعفت حرب إسرائيل في لبنان المجاور إيران بشدة، كما أن حزب الله، تحطمت بسبب 14 شهرا من الصراع مع إسرائيل".
وبحسب ما نقلت الصحيفة عن مسؤول سابق في الكريملن: "قدمت روسيا إلى جانب إيران تعهدات علنية بدعم النظام، لكن روسيا كانت عاجزة بالمثل عن مساعدة الأسد، فقد أدى غزو فلاديمير بوتين لأوكرانيا إلى تفريغ قوات موسكو من قواتها وصرف انتباه المسؤولين الأمنيين عن التهديد في سوريا".
كما نقلت عن حنا نوتي، مدير برنامج أوراسيا لمنع الانتشار النووي في مركز جيمس مارتن لدراسات عدم الانتشار قوله: "لو لم تكن هناك حرب في أوكرانيا، لما سقط الأسد. أو على الأقل، كان الروس سيكونون على استعداد لفعل المزيد".
وجاء في تقرير الصحيفة أن "ضعف الأسد في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل تخرج منتصرة في معركة في الجوار، كان له صدى في ولادة سلالته الحاكمة. فقد شق حافظ الأسد، والد بشار، طريقه من الأيام السبعة التي أنهت 50 عاماً من حكم الأسد - بالخرائط خلال انقلابات القصر الداخلية إلى الرئاسة مباشرة بعد أن خسرت سوريا مرتفعات الجولان لصالح إسرائيل في حرب 1967".
وتابعت: "بينما كان الثوار يواصلون زحفهم نحو حماة، كان سقوط دمشق نفسها لا يزال يبدو مستبعداً. فقد صمدت المدينة العريقة خلال معظم فترة الحرب الأهلية، حتى مع اقتراب الدولة نفسها من الإفلاس".
بهذا الصدد، نقلت الصحيفة عن أحد الدبلوماسيين أن "الإيرانيين بدأوا يتخلون عن الأسد. حيث كانت قوات النخبة في الحرس الثوري الإسلامي والديبلوماسيون وعائلاتهم يغادرون بأعداد كبيرة، بعضهم باتجاه العراق".
وفي غضون يومين، تقول "فايننشال تايمز": "استولى الثوار على حماة، ثم حمص، آخر المدن الرئيسية على الطريق السريع إلى دمشق. وقال مسؤول استخباراتي غربي إن هيئة تحرير الشام عكست ممارسات الجماعات الإسلامية المتمردة السابقة بالتفاوض على صفقات مع زعماء القبائل المحليين وتحذير أمراء الحرب المحليين بالبقاء على الحياد، وإن الهيئة نفسها فوجئت بسرعة انسحاب الجيش السوري".
وأضافت: "افترض الثوار أن معركة حلب ستكون معركة أكبر، لكنهم لم يواجهوا مقاومة تذكر. وقال الديبلوماسي إن الجيش السوري لم يخوض معركة جدية إلا في حماة، ولكن في النهاية أثبت ذلك مدى ضعف معنويات قوات النظام".
وقال شخص مطلع على الأحداث للصحيفة: "إن المخابرات التركية، التي دعمت فصائل المعارضة المنفصلة وساعدتها في السيطرة على مساحة واسعة من الأراضي جنوب الحدود التركية السورية منذ عام 2016، قدمت مساعدة كبيرة للهجوم المتقدم"، مضيفا أن "طائرات المراقبة التركية بدون طيار كانت قد رسمت خريطة للمنشآت العسكرية على الطريق إلى دمشق لأسباب عملياتية خاصة بها قبل هجوم المتمردين، لذلك تمكنت من تقديم جرد مفصل للعتاد القتالي المخزن في بعض المواقع".
وبحسب الصحيفة، قال الشخص إن "تركيا تقدم بالفعل أسلحة لبعض فصائل المعارضة التي تعمل تحت راية الجيش الوطني السوري والتي نسقت مع هيئة تحرير الشام في الهجوم. وفي مقابل ذلك، تلقت ضمانات بأنه مع زيادة عدد أعضاء المتمردين الإسلاميين، فإنها ستمتنع عن الانضمام إلى المتمردين الأكراد المدعومين من الولايات المتحدة الذين يسيطرون بالفعل على مناطق واسعة من الأراضي السورية".
وتعتبر تركيا هؤلاء المتمردين جزءاً من حزب العمال الكردستاني، الذي صنفه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة جماعة إرهابية، حتى وإن كانت الولايات المتحدة تعتبرهم حصناً أساسياً في معركتها مع "داعش".
كما جاء في تقرير الصحيفة: "بينما كانت هيئة تحرير الشام تتدفق جنوباً مدججة بالأسلحة التي تركها الجنود الفارون وراءهم ومدعومة بالدعم الشعبي، اتجهت جماعات متمردة أخرى شمالاً من محافظة درعا، مهد الحرب الأهلية عام 2011. وبدا أن قوات النظام قد اختفت بين عشية وضحاها، حيث أشار مراقبو الحرب المحليون إلى أنهم عقدوا اتفاقاً مع الثوار لترك الطريق السريع دون منازع مقابل السماح لهم بالفرار. لكن بحلول الصباح، كانت دمشق لهم".
نبض