قال الجيش السوري اليوم السبت في بيان إن العشرات من جنوده قتلوا في هجوم لقوات لمعارضة التي أكد دخولها أجزاء واسعة من مدينة حلب، ما اضطر الجيش إلى إعادة الانتشار في أكبر تحد للرئيس بشار الأسد منذ سنوات.
وجدد هذا الهجوم المفاجئ الذي قادته "هيئة تحرير الشام" المواجهات في الحرب الأهلية السورية التي توقفت إلى حد كبير منذ عام 2020، ما أدى إلى اندلاع القتال مجددا بالقرب من الحدود التركية.
وقال الجيش إنه يستعد لشن هجوم مضاد لاستعادة السيطرة على المدينة.
ويشكل البيان أول اعتراف علني من الجيش بدخول قوات المعارضة مدينة حلب، التي سيطر نظام الأسد عليها بصورة كاملة منذ أن طردت القوات الحكومية المدعومة من روسيا وإيران مقاتلي المعارضة قبل ثماني سنوات.
دور إيران في المنطقة
قالت قوات المعارضة، ومنها فصائل مدعومة من تركيا، أمس الجمعة إن مقاتليها اجتاحوا عدة أحياء في حلب.
وقال مصطفى عبد الجابر، أحد قادة جيش العزة المعارض، إن التقدم السريع يرجع إلى عدم وجود عدد كاف من المسلحين المدعومين من إيران في المحافظة لدعم الحكومة.
ويتعرض حلفاء إيران في المنطقة لسلسلة من الضربات على يد إسرائيل مع اتساع نطاق حرب غزة في الشرق الأوسط.
واتهم وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الولايات المتحدة وإسرائيل بأنهما وراء هجوم المعارضة، وذلك خلال اتصال هاتفي مع نظيره السوري أمس الجمعة.
وقالت قوات المعارضة السورية إن الهجوم يأتي ردا على الضربات المتزايدة في الأسابيع القليلة الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية على مناطق في إدلب تسيطر عليها المعارضة، وأيضا لاستباق أي هجمات من الجيش السوري.
وتقول مصادر من المعارضة على اتصال بالمخابرات التركية إن تركيا أعطت الضوء الأخضر للهجوم. ولم يكن مسؤولون أتراك متاحين على الفور للتعليق اليوم.
وقالت وزارة الخارجية التركية أمس إن الاشتباكات بين قوات المعارضة والقوات الحكومية أسفرت عن تصعيد غير مرغوب فيه للتوتر.
لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية أونجو كيجيلي قال في بيان إن أولوية تركيا هي تجنب تفاقم حالة عدم الاستقرار في المنطقة، مضيفا أن أنقرة حذرت من أن الهجمات الأخيرة على إدلب تؤثر سلبا على روح الاتفاقات الرامية إلى وقف التصعيد وتقوض تنفيذها.
المرصد السوري
بدوره، أعلن أن حصيلة القتلى من العسكريين والمدنيين في العملية المستمرّة في ريفي إدلب وحلب، إلى 327 منذ فجر يوم 27 تشرين الثاني (نوفمبر).
إلى ذلك، كشف المرصد السوري عن أن "طائرات حربية نفّذت، بعد منتصف ليل الجمعة-السبت، غارات على أحياء مدينة حلب للمرة الأولى منذ العام 2016، واستهدفت الغارات حي الفرقان قرب حلب الجديدة من الجهة الغربية للمدينة، تزامناً مع وصول تعزيزات عسكرية كبيرة للفصائل إلى المنطقة".
وقتل 16 مدنيا على الأقل السبت في غارة "روسية على الأرجح"، استهدفت وفق المرصد السوري لحقوق الانسان، مستديرة رئيسية في منطقة تقدمت إليها "هيئة تحرير الشام" وفصائل متحالفة معها داخل مدينة حلب في شمال سوريا.
"تحرير الشام" تسيطر على مطار حلب الدولي والعديد من المدن والبلدات في ريف حماة الشمالي
تمكنت "هيئة تحرير الشام" والفصائل العاملة معها ضمن عملية "ردع العدوان" من السيطرة على العديد من المدن والبلدات في ريف حماة الشمالي من بينها حلفايا، مورك، اللطامنة، كفرزيتا، قلعة المضيق، كفرنبودة، كرناز، لحايا، البويضة، لطمين، صوران، المغير، معردبس، بعد تقدمها إليها بالتزامن مع انسحاب الجيش السوري بشكل سريع منها، وفقاً للمرصد السوري.
وسيطرت "الهيئة" والفصائل على مطار حلب الدولي وهو أول مطار مدني تسيطر عليه "الهيئة"، وذلك بعد أن انسحبت القوات الكردية منه بعد أن انتشرت فيه اليوم بعد انسحاب الجيش السوري. وكانت القوات الكردية قد انتشرت اليوم في بلدتي نبل والزهراء في ضواحي مدينة حلب الشمالية الغربية، بعد انسحاب الميليشيات الإيرانية من البلدتين، إضافة لمطار حلب الدولي وأحياء في ضواحي حلب، بعد انسحاب الجيش السوري منها، بحسب المرصد.
وشهدت نبل والزهراء، منذ ليلة أمس، حركة نزوح واسعة باتجاه مناطق عدة في ريف حلب الشرقي ومناطق أخرى خارج المحافظة كحمص وحماة وحي أشرفية في حلب.
قوات المعارضة أعلنت سيطرتها على إدلب
قال مصدران من المعارضة السورية لـ"رويترز" اليوم السبت إن قوات المعارضة أعلنت سيطرتها على مدينة معرة النعمان جنوبي إدلب، مما يعني أن محافظة إدلب بأكملها باتت الآن تحت سيطرة المعارضة.
وقد أعلنت الفصائل المسلحة بشمال غرب سوريا حظرا جديدا للتجوال لمدة 24 ساعة في مدينة حلب.
آلاف السيارات المدنية تغادر حلب
قال ثلاثة سكان لـ"رويترز" إن آلاف السيارات المدنية تغادر مدينة حلب عبر طريق خناصر أثريا الرئيسي إلى خارج المدينة، وذلك بعد ساعات من اجتياح مقاتلي المعارضة أحياء رئيسية هناك.
"فجر الحرية"
أصدر "الجيش الوطني السوري" بياناً السبت أعلن فيه إطلاق عملية "فجر الحرية" "استجابة لنداءات السوريين الذين يعانون تحت وطأة الظلم والقمع في جميع المناطق المحتلة".
ويشير البيان إلى أن هذه العملية تهدف إلى "تحرير الأراضي المحتلة ورفع الظلم عن أهلنا المضطهدين الذين يتعرضون للانتهاكات اليومية من قبل نظام الأسد، الميليشيات الإيرانية، وتنظيم "قسد" الإرهابي الانفصالي".
ما أهمية حلب الاستراتيجية؟
حَلَب هي مدينة في شمال سوريا وهي مركز محافظة حلب التي تعد أكبر المحافظات السورية من ناحية تعداد السكان بعدد سكان رسمي يفوق 4.045 مليون (تقديرات 2004) كما أنها تعتبر العاصمة الإقتصادية لسوريا. تقع شمال غرب سوريا على بعد 310 كم (193 ميلاً) من دمشق. وتعد أكبر مدن بلاد الشام، وكانت عاصمة لمملكة يمحاض الأمورية، وتعاقبت عليها بعد ذلك حضاراتٌ عدة مثل الحثية والآرامية والآشورية والفارسية والهيلينية والرومانية والبيزنطية والإسلامية. وفي العصر العباسي برزت حلب كعاصمة للدولة الحمدانية التي امتدت من حلب إلى الجزيرة الفراتية والموصل.
وتعد حلب واحدة من أقدم المدن المأهولة في العالم وثاني اقدم مدن سوريا بعد العاصمة دمشق وذلك منذ بداية الألفية السادسة قبل الميلاد، حيث أظهرت الحفريات في تل السودة وتل الأنصاري الواقعتين جنوب المدينة القديمة أن المنطقة كانت قد احتلت في الجزء الأخير من الألفية الثالثة على الأقل ويظهر هذا في أول ذكر لحلب في الألواح المسمارية المكتشفة في مملكة إيبلا وبلاد الرافدين حيث لوحظ تفوقها العسكري والتجاري.
ومثل هذا التاريخ ربما يرجع إلى كونها نقطة تجارية إستراتيجية في منتصف الطريق بين البحر الأبيض المتوسط وبلاد الرافدين وفي كونها في نهاية طريق الحرير الذي يمر عبر آسيا الوسطى وبلاد الرافدين. وبقيت حلب لقرون أكبر المدن السورية وثالث مدينة في الدولة العثمانية بعد إسطنبول والقاهرة. تحولت التجارة إلى البحر عندما تم افتتاح قناة السويس عام 1869 وبدأت أهمية حلب بالتراجع بشكل بطيء.