رسّخت دولة الإمارات مكانتها خلال عام 2025 كإحدى أبرز الدول الفاعلة في ميدان العمل الإنساني عالميًا، عبر مبادرات نوعية تجاوزت مفهوم الاستجابة الطارئة إلى تبنّي برامج إنسانية وتنموية مستدامة، تستهدف تحسين جودة الحياة وتمكين المجتمعات الأكثر احتياجًا.

حافظت الدولة على موقعها المتقدم ضمن كبار المانحين الدوليين، بعدما صُنّفت ثالث أكبر مانح للمساعدات الإنسانية في عام 2025، بإجمالي بلغ 1.46 مليار دولار، وفق بيانات نظام التتبع المالي التابع لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وقدمت الإمارات واحدة من أكبر الاستجابات الإنسانية لقطاع غزة منذ اندلاع الأزمة وحتى مطلع ديسمبر الجاري، حيث تجاوزت قيمة المساعدات 9.4 مليارات درهم، شملت أكثر من 100 ألف طن من الإمدادات الإغاثية، ومليوني جالون من المياه، إضافة إلى إجلاء نحو 3000 مريض ومرافق لتلقي العلاج في داخل الدولة، كما استقبل المستشفى الإماراتي الميداني في غزة قرابة 54 ألف حالة، فيما قدّم المستشفى العائم في العريش خدماته لأكثر من 21 ألف مريض.

وفي السودان، واصلت الإمارات دعمها الإنساني، لترتفع قيمة مساعداتها منذ عام 2023 إلى نحو 784 مليون دولار، من بينها 15 مليون دولار خُصصت أخيرًا للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ضمن الجهود الرامية للتخفيف من آثار النزاع. وتُعد الإمارات ثاني أكبر المانحين للسودان، بإجمالي مساعدات تجاوز الـ 4.24 مليارات دولار خلال الفترة من 2015 إلى 2025.

وعززت الدولة حضورها الإنساني والتنموي في اليمن، حيث نفذت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي مشاريع إغاثية متنوعة، من بينها توزيع وجبات إفطار الصائم في المكلا خلال شهر رمضان، فيما أطلقت مؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، مبادرة لمكافحة سوء تغذية الأطفال والنساء في سقطرى، كما قدمت مساعدات عاجلة للأسر المتضررة من السيول في منطقة الساحل الغربي، وواصلت توزيع السلال الغذائية، وافتتحت مدرسة جديدة في حضرموت، إلى جانب تنفيذ مشروع "الحقيبة المدرسية" في تعز والحديدة.

وفي إطار دعم التنمية المستدامة، خصصت الإمارات مليار دولار لدعم قطاع الطاقة في اليمن. وأسهمت مشاريع الطاقة المتجددة التي تنفذها الشركات الإماراتية في إحداث نقلة نوعية، من خلال محطتي عدن وشبوة، اللتين من المتوقع أن تزوّدا أكثر من مليون منزل بالكهرباء النظيفة خلال السنوات المقبلة.

في الإطار نفسه، استمرّت الإمارات في دعم المبادرات الإنسانية في أوكرانيا، حيث نجحت وساطاتها في إتمام عمليات تبادل شملت 4641 أسيرًا منذ اندلاع الأزمة. ووقّعت وكالة الإمارات للمساعدات الدولية اتفاقية بقيمة 4.5 ملايين دولار مع مؤسّسة أولينا زيلينسكا لتطوير مراكز رعاية الأيتام والأسر الحاضنة، استكمالًا لمرحلة أولى شملت إنشاء مراكز مجهّزة بالكامل.

وامتد الحضور الإنساني الإماراتي إلى عدد من الدول المتضررة من الكوارث الطبيعية والأزمات الصحية، إذ أرسلت الدولة 700 طن من الإمدادات الغذائية إلى الصومال لدعم المتضررين من الفيضانات، وقدّمت أكثر من 1000 طن من المساعدات إلى تشاد، حيث استفاد منها نحو 150 ألف شخص، إضافة إلى تنفيذ حملات مساعدات شتوية في ألبانيا وبنغلاديش.

امتدّ الدعم الإنساني الإماراتي ليصل إلى ميانمار والفيليبين وأفغانستان وسريلانكا عبر فرق إغاثة متخصصة. واختتم العام بإعلان تعهّد إماراتي بقيمة 10 ملايين دولار لدعم المتضررين في شرقي الكونغو الديمقراطية والدول المجاورة.

وأعلنت الدولة عن تعهد جديد بقيمة 550 مليون دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية الشاملة للأمم المتحدة، الهادفة إلى جمع 33 مليار دولار خلال عام 2026، لتقديم المساعدات لنحو 135 مليون شخص في 23 عملية إنسانية حول العالم.

وفي تجسيد لرسالتها الإنسانية، وقّعت الإمارات اتفاقيات لإنشاء مشاريع صحيّة حيويّة، من بينها بناء مستشفى إماراتي متكامل لطب العيون في عنتيبي (أوغندا) بقيمة 20 مليون دولار، وتقديم منحة بقيمة 64.5 مليون دولار لدعم مستشفى المقاصد في القدس الشرقية. كذلك وقّعت اتفاقية لبناء مستشفى الشيخة فاطمة بنت مبارك ومركز لغسيل الكلى في تشاد، على مساحة تتجاوز الـ 11 ألف متر مربع، لتوفير خدمات علاجية متقدمة في قلب أفريقيا.

الإمارات (مواقع).

وأكدت مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية التزامها بدعم اللاجئين، عبر مساهمة جديدة بقيمة 36.7 مليون درهم للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ليرتفع إجمالي تعهداتها منذ عام 2021 إلى 163.6 مليون درهم.

وفي مجال تمكين الشباب، واصلت الإمارات دعم التعليم الرقمي، حيث أطلقت "المدرسة الرقمية"، بالتعاون مع مشروع "عطايا"، مبادرة "أكاديميات المهارات" لتأهيل خمسة ملايين شاب وشابة في أفريقيا بمهارات مهنية تلبي احتياجات سوق العمل.

وشهد عام 2025 إطلاق مبادرات إنسانية نوعية، من بينها حملة "وقف الأب" الهادفة إلى إنشاء صندوق وقفي لدعم العلاج والرعاية الصحية للفئات المحتاجة، إلى جانب مبادرة بنك الإمارات للطعام بالشراكة مع "نعمة" لتوفير مليون وجبة من فائض الطعام خلال شهر رمضان. أما حملة "وقف الحياة"، الداعمة للمصابين بالأمراض المزمنة، فقد حققت نجاحًا لافتًا بجمع 509 ملايين درهم خلال أسبوعين فقط من إطلاقها.

واختُتم العام بإطلاق مشروع "حي محمد بن راشد الوقفي"، كأول حي وقفي متكامل في المنطقة، على مساحة مليوني قدم مربعة واستثمارات تُقدّر بـ4.7 مليارات درهم، تُخصص عوائده لدعم قطاعي التعليم والصحة على مستوى العالم.