"تحالف الراغبين" من العراق إلى لبنان

منبر 04-12-2025 | 16:16

"تحالف الراغبين" من العراق إلى لبنان

انتشار قوات التحالف الغربي بقيادة أميركا مع الوحدات الرمزية الروسية - التركية - العربية سيشمل لبنان وسوريا وإسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية في غزة والضفة والقدس الشرقية
"تحالف الراغبين" من العراق إلى لبنان
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في اجتماع مع المبعوث الأميركي الخاص توم برّاك. (أ ف ب)
Smaller Bigger

 عماد جودية

 عندما فشلت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وشركاؤهما في الحصول على تفويض من مجلس الأمن الدولي لغزو العراق عام 2003 بموجب الفصل السابع، بسبب الفيتوين الروسي والصيني، استعاضوا عنه بتشكيلهم ما سموه يومذاك "تحالف الراغبين - Of The Willing Coalition"  الذي ضم نحو أربعين دولة من بينها دولة "بالاو" الصغيرة التي انضمت إلى هذا التحالف بقوة عسكرية قوامها جنديان فقط.

 

مناسبة التذكير بغزو هذا التحالف للعراق سببها المعلومات الفائقة الأهمية التي وصلت إلى بيروت قبل أسابيع من واشنطن وكشف لنا محتواها ديبلوماسيون غربيون كبار، تحدثت عن تكرار هذا السيناريو في لبنان عبر دول التحالف المذكور بقيادة أميركا، ولكن هذه المرة ليس بالغزو بل بعنوان عريض هو مساعدة الحكومة اللبنانية وقواها العسكرية والأمنية، لبسط سلطتها على كل المناطق اللبنانية ومعابرها الجوية والبحرية والبرية. وكانت واشنطن مهدت لهذا السيناريو عبر الضغط الذي مارسته في مجلس الأمن قبل أشهر بالاتفاق بين أعضائه على التجديد للقوة الدولية العاملة في الجنوب لمرة أخيرة ولمدة سنة فقط غير قابلة للتجديد، على أن تنضم إلى هذا التحالف الدول التي تتشكل منها القوة الدولية والتي هي الفرنسية والإسبانية والإيطالية والألمانية (الأخيرة تتولى القوة البحرية) والنيبالية والفيليبينية، وتبقي قواها في الجنوب وسفنها على طول الساحل اللبناني مع زيادة عديدها وعتادها، إلى جانب انضمام وحدات عسكرية أميركية وبريطانية إليها، واحتمال مشاركة وحدات عسكرية روسية - تركية - عربية رمزية قد تكون مصرية وربما سورية أيضا. 

 

هذه خلفيات زيارة الشرع لواشنطن وإعلان ترامب موافقته على انضمام سوريا إلى التحالف ضد "داعش"، والمقصود هنا ليست "داعش" فحسب بل "حزب الله" أيضا. وهذا ما دفع رئيس أركان الجيش السوري إلى التصريح الأسبوع الماضي عن استعداد بلاده لمساعدة الحكومة اللبنانية في نزع سلاح الحزب، علما أن الرئيس جوزف عون ومعه الحكومة وخلفهما المجلس النيابي لن يوافقوا على دخول قوات سورية مجددا إلى لبنان للانتشار في كل المناطق، ابتداء من الجنوب مرورا ببيروت وضاحيتها الجنوبية ومطارها ومرفئها، وصولا إلى البقاع بغربه وشرقه وشماله ومعابره البرية ومطار رياق العسكري، وانتهاء بالشمال ومعابره البرية والبحرية، ولا سيما مرفأ طرابلس ومطار القليعات، الذي لم تكن فكرة ترميمه لبدء العمل به بغرض تسيير رحلات مدنية، بل للاستعمال العسكري لاحقا.

 

وانتشار قوات التحالف الغربي بقيادة أميركا مع الوحدات الرمزية الروسية - التركية - العربية سيشمل لبنان وسوريا وإسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية في غزة والضفة والقدس الشرقية، وسيتم بطرق سلمية وبعيدة عن أي مواجهات عسكرية، لأن الأمر سيكون بموافقة حكومات تلك الدول، ولا سيما في لبنان حيث سيحصل الانتشار العسكري الدولي المشار إليه بموافقة الحكومة اللبنانية وبالتنسيق مع قواها العسكرية والأمنية. والهدف سيكون المؤازرة لنزع سلاح الميليشيات في كل المناطق اللبنانية بما فيها الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب والبقاع وكل المخيمات الفلسطينية من دون استثناء. وأي اعتراض من "حزب الله" سيعتبره التحالف غير شرعي، وسيطالب بحل الحزب وسحب رخصته وملاحقة قادته. وأي جهة لبنانية أو فلسطينية ستعترض سيتم التعامل معها وفق التوجه نفسه من ضباط هذا التحالف وجنوده الذين سيكونون مؤازرين للجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية في المهمات الميدانية.

 

ويأتي تشكيل التحالف الغربي الروسي - التركي - العربي للانتشار من فلسطين إلى اسرائيل مرورا بسوريا وصولا إلى لبنان، تحضيرا لإقرار التسوية الشاملة في المنطقة وإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي فيها. ويكتسب انتشار قوات التحالف المذكور في لبنان أهمية بالغة من أجل تجنيب جيشه وقواه الأمنية الصدام مع "حزب الله" أو الفصائل الفلسطينية الموجودة في مخيماته، لمنع البلد من الانزلاق إلى أي مواجهات مذهبية وطائفية، حفاظا على سلمه الأهلي ووحدة الدولة والشرعية فيه.

بعد إقرار هذه الخطوة، ستدعو واشنطن لبنان وإسرائيل إلى التفاهم على ترسيم الحدود البرية بينهما على غرار تفاهمهما عام 2021 على ترسيم الحدود البحرية. ويستكمل ذلك بترسيم الحدود البرية بين لبنان وسوريا من جهة وبين سوريا وإسرائيل من جهة أخرى. وسيتم نشر وحدات عسكرية فرنسية على طول الحدود اللبنانية الموازية للحدود الإسرائيلية والسورية جنوبا، في مقابل نشر وحدات عسكرية أميركية على الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان، ووحدات عسكرية أميركية مماثلة عند الحدود الجنوبية الإسرائيلية المحاذية للحدود السورية التي ستنتشر فيها للغاية نفسها وحدات عسكرية رمزية روسية، كما سيتم نشر وحدات عسكرية أميركية للفصل بين إسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية بمعاونة وحدات عسكرية مصرية وتركية في أطراف غزة والضفة الغربية. وهذا الأمر الذي يحضر له في كواليس العواصم الدولية والإقليمية والعربية المعنية هو الذي أدى إلى انزعاج نتنياهو عندما أعلن الاسبوع الماضي أن الشرع يريد نشر قوات روسية في الجنوب السوري وأن الفلسطينيين يريدون جلب وحدات عسكرية تركية إلى غزة والضفة، علما أننا كنا السباقين في الكشف عن انتشار وحدات عسكرية مصرية وتركية وروسية في غزة والجولان، إلى جانب نشر وحدات أميركية وفرنسية في جنوب لبنان وشمال إسرائيل في المقال الذي كنا نشرناه في "النهار" قبل سنتين وحمل عنوان "من يحمي إسرائيل هو من سينهي نظامها العنصري".
وسيتزامن كل ذلك مع عقد "مؤتمر دولي" للدول المانحة في باريس لتوفير الأموال اللازمة للحكومة اللبنانية ومباشرة إعادة إعمار مناطق الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية بتمويل عربي - غربي واسع. 
ويبقى كل ما ذكر أعلاه قابلا للتغيير بكل تفاصيله إذا تسارعت وتيرة الاتفاق الأميركي - الإيراني الذي كان الرئيس ترامب قبل أسابيع قد أشار إلى إمكان حدوثه قريبا، عندها قد يتم تسليم سلاح "حزب الله" الثقيل بهدوء بناء على طلب طهران، والذهاب إلى مفاوضات مباشرة بين لبنان وإسرائيل تؤدي إلى الترسيم البري من دون أي إشكالات، مما يفضي إلى تدفق أموال الإعمار المنتظرة لمناطق الضاحية والجنوب والبقاع من مختلف الدول المانحة بما فيها إيران. ومن شأن هذه المفاوضات أن تقود لاحقا إلى إقرار التسوية الشاملة في المنطقة بين كل دولها بما فيها لبنان وسوريا والسلطة الفلسطينية مع إسرائيل.

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

اقتصاد وأعمال 12/19/2025 7:25:00 PM
سلام: مشروع القانون الهادف إلى استرداد الودائع اعتمد معايير دولية وسيعيد الثقة الدولية بلبنان...
سياسة 12/18/2025 3:34:00 PM
إعلام عبري: روي أمهز تفاصيل عن "إحدى أكثر مبادرات حزب الله سرية وتمويلاً، وهو مشروع استراتيجي وإبداعي وطموح أُطلق عليه اسم "الملف البحري السري"