افتتاح متحف زايد الوطني في أبوظبي... المبارك لـ"النهار": يجب أن نعرف تاريخنا
في قلب منطقة السعديات في العاصمة الإماراتية أبوظبي، أحد أكبر التجمعات الثقافية في العالم، افتتح متحف زايد، المتحف الوطني لدولة الإمارات الذي يعتبر من أهم المتاحف في المنطقة.
"عندما نتكلم عن مستقبل الإمارات يجب أن نعرف تاريخنا"، هكذا ردّ رئيس دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي محمد خليفة المبارك، على سؤال "النهار" خلال افتتاح المتحف مساء أمس، عن رؤية القيّمين بعد خمسة عقود، مضيفاً: "أريد للناس أن يفهموا كيف ولماذا وصلنا إلى أيامنا هذه منذ 50 عاماً وحتى يومنا، أنا أتحدث عن رؤية عمرها 50 عاماً، لأن أجدادنا منحونا الفرصة للقيام بهذه الإنجازات والتطورات، أجدادنا هم من مهّدوا لكل ما قمنا به".

وعن أهمية هذا الافتتاح، علّق المبارك خلال لقاء إعلامي، أن المتاحف العالمية كثيراً ما أغفلت سرد التاريخ العربي بصدق، وأن هذا الفضاء الجديد يُعد فرصة لإعادة تقديم تاريخ المنطقة وحضاراتها الممتدة منذ ثمانية آلاف عام، مثل حضارة ماجان التي ربطت الإمارات بطرق التجارة القديمة من العراق إلى الهند.
يضيف المبارك: "كانت الفكرة منذ البداية ألا نأتي بكل ما هو موجود في المتاحف الأخرى، ونضعه هنا ونتحدث عنه فقط لأن هذا سيكون سهلاً، فأي شخص يستطيع أن يقول: لدينا متحف عمره ألفا عام، وجدناه في هذه المنطقة، وانتهى الأمر. بدأنا نفكر: علينا أن نروي قصة. وكنا دائماً نفكر في الجيل القادم". ويكمل مبرزاً اختلاف تجربة الزائر عن المتاحف الأخرى: "كيف نجعلهم يفهمون قصة التاريخ؟ لماذا ما وجدناه قبل 3000 عام مهم بالنسبة إليهم اليوم؟ ولماذا يجب أن يعرفوه؟ هل هو مجرد علم؟ أم هو أسلوب حياة؟ وكما قلت، الفكرة هي أن أي زائر، مواطناً كان أو مقيماً، عندما يأتي إلى متحف زايد الوطني، لا يرى مجرد معلومات عن التاريخ. أسلوب الحياة بالنسبة إلي يقوم دائماً على العودة إلى العلم. وعندما نتحدث عن الجيل القادم، فهذا واحد من أهم الأمور. لأننا عندما نتحدث عن العلم، يجب أن يكون علماً إنسانياً، يجب أن يروا شيئاً كان موجوداً، ويمكنهم لمسه. والشيخ زايد، كما قلتِ، عندما سمعنا صوته، شعر الجميع هنا بشعور خاص. وقد يختلف هذا الشعور من شخص إلى آخر".

تنطلق رحلة الزائر في متحف زايد الوطني من حديقة المسار، وهي مساحة عرض مفتوحة صُمّمت لتجسّد تنوّع البيئات الطبيعية التي شكّلت ملامح الحياة في دولة الإمارات. تمتد الحديقة لمسافة 600 متر على ساحل السعديات، بين متحف اللوفر أبوظبي ومتحف التاريخ الطبيعي، وصولاً إلى بوابة المتحف. وتحتضن الحديقة نباتات وأشجاراً محلية تمثّل بيئات الصحراء والواحات والمناطق الحضرية، إلى جانب نظام الري التقليدي بالأفلاج، ومنحوتات فنية وتجارِب حسّية متعددة. كما ترافق الزائر فيها مسارات تعرض تسلسلاً زمنياً لسيرة الشيخ زايد وتاريخ الإمارات.
داخل قاعات المتحف، 1500 قطعة، مختارة بعناية من ضمن 3000 قطعة وهي مجموع مقتنيات المتحف. يدخل الزائر إلى المتحف ويبدأ رحلة اكتشافه لهذه الرحلة التاريخية عبر صالة العرض الأولى "بداياتنا"، التي تختص بسرد سيرة الشيخ زايد عبر تسجيلات لصوته، وصور فوتوغرافية، ومقاطع فيديو أرشيفية، ومقتنيات شخصية.
وأخيراً يختتم الزائر رحلته الغنية بالمعلومات والإرث داخل المتحف بصالة "من جذورنا" التي يستكشف خلالها تفاصيل الهُوية الإماراتية عبر التعريف بأنماط الحياة التقليدية والعادات والتقاليد الاجتماعية التي سادت في الدولة.

متحف الشيخ زايد الوطني ليس مجرد مكان لعرض القطع التاريخية، بل مرجعية لفهم تاريخ الإمارات ومسارها الحضاري. يتيح المتحف لكل زائر التعرف إلى التراث الوطني والروابط الاجتماعية والسياسية التي شكلت الدولة، ويحفز الأجيال القادمة على التعلم من الماضي لبناء المستقبل. إنه مساحة للتفاعل مع التاريخ بطريقة ملموسة وواقعية، تجمع بين المعرفة والتجربة الحية، لتصبح قصة الإمارات حاضرة لكل من يزوره.
نبض