حوار "تريندز" عن ديبلوماسيّة التّكنولوجيا يستعرض الفرص والتّحديات والعلاقات بين أميركا والخليج من حقول النّفط إلى... الاستثمار في المستقبل
يعيد الذكاء الاصطناعي كتابة قواعد العلاقات الدولية في ما بات يُعرَف بديبلوماسية التكنولوجيا التي تكتسب زخماً متزايداً، خصوصاً في العلاقات بين الولايات المتحدة ودول الخليج. فقد انتقلت هذه العلاقات من مرحلة ارتكزت على الأمن والنفط إلى مرحلة جديدة أساسها الابتكار، تُنذر بمنح المنطقة عموماً، والإمارات خصوصاً، مكانة متقدمة في هذا المجال.
في أبو ظبي التي وصفها خبراء بأنها مركز المراكز للذكاء الاصطناعي، نُظّم أمس حوار مركز تريندز للبحوث والاستشارات السنوي الثاني حول "الديبلوماسية التكنولوجية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، حيث نوقشت الفرص التي تتيحها ثورة الذكاء الاصطناعي، إلى جانب التحديات التي تفرضها وسبل التعامل معها.
عموماً، تُعدّ الشراكات الأميركية–الخليجية من أبرز التطورات اللافتة في العلاقات الدولية، وقد امتدت من حقول النفط إلى فضاءات الابتكار. ففي السنوات الأخيرة، تطورت هذه العلاقات من ضمانات أمنية واعتماد على الطاقة إلى استثمار مشترك في المستقبل.

من جهتها، تستثمر الإمارات بسخاء في المستقبل، وتقدّم نفسها كشريك لا كمجرد متلقٍ لهذا الابتكار. وعن هذا التوسع، تحدث طلال القيسي، الرئيس التنفيذي للشؤون العالمية في مجموعة G42، بوصفها شركة "تسعى دائماً إلى التفوق على نفسها في إنشاء البنية التحتية الرقمية، والمساهمة في تعزيز ما يمكن للبشر تحقيقه بقوة التكنولوجيا".
ويقول إن مصانع الذكاء الاصطناعي التي تُنشئها المجموعة تشبه إلى حد كبير مراحل التصنيع القائم على الهيدروكربونات ثم البتروكيماويات، حيث تُنتج الطاقة ويُستخرج النفط ثم يُكرَّر إلى منتج أكثر فائدة. وفي واقع اليوم، تُشبه وحدات معالجة الرسومات هذه "المصافي" التي تُصنّع الذكاء الاصطناعي. ويضيف: "أعتقد أننا أحياناً نأخذ ذلك كأمر مُسلَّم به، أو نصبح غير مبالين بالسحر الذي يحدث عندما تُنشئ شركات مثل شركتنا هذه القدرات". ولفت إلى أن أحد أهم مجالات التركيز لدى مجموعة G42 هو ضمان توفير وصول عادل إلى القدرات الاستخباراتية عالمياً.
من جانبها، تحدثت أليكسيس بونيل، رئيسة قسم تبني وتطوير الذكاء الاصطناعي وشراكة المختبرات الوطنية الأميركية في "أوبن إي آي"، عن تأثير الذكاء الاصطناعي على البشر، قائلة: "البعض يتقدم بسرعة، وسيصل البعض إلى أبعد مدى. والمهم بالنسبة لنا أن نسأل: من سنكون في ظل هذه التكنولوجيا؟ من سنكون كأمة؟ ومن سنكون في مجال الأمن القومي؟".
ولفتت إلى أن الإمارات مذهلة في طريقة انخراطها في هذا المجال، نظراً لإدراكها أن لكل فرد فرصة لإطلاق العنان لذكائه وإمكاناته. وتتابع: "السؤال الحقيقي هو: ماذا سيفعلون بهذه الإمكانات؟ إنها فترة مثيرة للغاية".
وتطرّقت الجلسات أيضاً إلى الأبعاد الجيوسياسية للذكاء الاصطناعي، مسلّطةً الضوء على انعكاسات التطور التقني في موازين القوى العالمية، وعلى تأثير الذكاء الاصطناعي في العلاقات الدولية وصنع السياسات.
كما شمل النقاش محور "القوة الناعمة عبر الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية"، الذي يركّز على كيفية توظيف التقنيات الذكية لتعزيز الصورة الإيجابية للدول، وبناء جسور التواصل الحضاري وتحقيق التنمية المستدامة.
وشارك في الحوار مجلس الأمن السيبراني، ونخبة من كبريات شركات التكنولوجيا العالمية، وخمس جامعات من دولة الإمارات، إضافة إلى خبراء وباحثين من مركز (CSIS) الذين يحضرون لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط.
كما شارك عدد من الشركاء الأكاديميين، منهم: جامعة الإمارات العربية المتحدة، وأكاديمية ربدان، وجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، وجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، وجامعة خليفة، وكليات التقنية العليا، بما يعزز التكامل بين البحث العلمي والتطبيق العملي في مجال التكنولوجيا المتقدمة.
نبض