الخليج العربي 04-04-2025 | 09:03

رؤساء أميركا في السعودية... من النفط إلى إعادة تشكيل المنطقة والتعاون الاستراتيجي

من المنتظر أن يزور الرئيس الأميركي دونالد ترامب المملكة العربية السعودية في أيار / مايو 2025، في أول جولة خارجية له منذ عودته إلى البيت الأبيض لولاية ثانية. وتُعد هذه الزيارة مؤشراً واضحاً على الأهمية الاستراتيجية المتواصلة للعلاقات الأميركية - السعودية، لا سيما في ظل التحديات والتحولات التي تشهدها الساحة الإقليمية والدولية.
رؤساء أميركا في السعودية... من النفط إلى إعادة تشكيل المنطقة والتعاون الاستراتيجي
الملك فيصل مستقبلاً نيكسون في جدة عام 1974
Smaller Bigger

من المنتظر أن يزور الرئيس الأميركي دونالد ترامب المملكة العربية السعودية في أيار / مايو 2025، في أول جولة خارجية له منذ عودته إلى البيت الأبيض لولاية ثانية. وتُعد هذه الزيارة مؤشراً واضحاً على الأهمية الاستراتيجية المتواصلة للعلاقات الأميركية - السعودية، خصوصاً في ظل التحديات والتحولات التي تشهدها الساحة الإقليمية والدولية.

 

ومع إعلان ترامب عن زيارته هذه للمملكة التي تشمل أيضاً قطر والإمارات، يعود الحديث مجدداً عن دور الزيارات الرئاسية الأميركية السابقة في صوغ معايير التحالف بين الرياض وواشنطن، والذي رسم توازنات المنطقة في محطات مفصلية من تاريخها السياسي. وبينما كانت الدوافع تتبدل بين الحاجة إلى الطاقة، ومكافحة الإرهاب، والتوازن الإقليمي، فإن هذه الزيارات ظلت تحمل إشارات استراتيجية عميقة، تشير إلى موقع المملكة الأساسي في الأهداف الأميركية.

 

في ظل الحظر النفطي إلى عصر الديبلوماسية الإقليمية
كان الرئيس ريتشارد نيكسون أول رئيس أميركي يزور المملكة، حيث وصل إلى جدة في حزيران/ يونيو 1974، في أعقاب الحظر النفطي عام 1973. اللقاء مع الملك فيصل جاء في لحظة مفصلية، بينما كانت واشنطن تعيد رسم أولوياتها في الشرق الأوسط وسط اشتداد الحرب الباردة. وقد أكدت الزيارة أهمية القدرة النفطية للسعودية، وفتحت الباب أمام اعتبار المملكة شريكاً استراتيجياً في معادلة الطاقة والأمن في الخليج.

في 3 و4 كانون الثاني/ يناير 1978، زار الرئيس جيمي كارتر الرياض، والتقى بالملك خالد وولي العهد آنذاك الأمير فهد . حملت الزيارة طابعاً ديبلوماسياً بامتياز، إذ ناقش كارتر الأمن الإقليمي وعملية السلام العربية - الإسرائيلية، في سياق سعيه الى ترسيخ إرث ديبلوماسي في المنطقة. كما جاءت الزيارة في لحظة حساسة، مع بدء انهيار نظام الشاه في إيران، ما زاد من أهمية المملكة كركيزة للاستقرار في المنطقة.


 

 

 

من حرب الخليج إلى 11 أيلول وتداعياته
مع تصاعد التوترات قبيل حرب الخليج الثانية، زار الرئيس جورج بوش الأب جدة والظهران في 21 و22 تشرين الثاني/ نوفمبر 1990، حيث التقى الملك فهد وأمير الكويت، ووجه كلمة للقوات الأميركية والبريطانية. وعاد مجدداً في 31 كانون الأول/ ديسمبر 1992، ليؤكد الشراكة الأمنية التي نشأت خلال الحرب. كرّست هذه الزيارات عقيدة مفادها أن أمن الخليج أصبح جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي الأميركي.
في 28 تشرين الأول/ أكتوبر 1994، قام الرئيس بيل كلينتون بزيارة قصيرة إلى مدينة الملك خالد العسكرية، التقى خلالها الملك فهد. ورغم قصرها، عكست الزيارة استمرار التعاون الدفاعي بعد حرب الخليج، وتأكيداً على الالتزام الأميركي مواجهة التهديدات المتبقية من العراق وإيران.

 

 


وشهد عام 2008 زيارتين للرئيس جورج دبليو بوش إلى المملكة، التقى في خلالهما الملك عبد الله، في كانون الثاني/ يناير وفي أيار/ مايو. الزيارات جرت في ظل تحولات ما بعد 11 أيلول/ سبتمبر، مع تصاعد التعاون في مكافحة الإرهاب، وتكثيف التنسيق الاستخباراتي ضد تنظيم "القاعدة"، والنقاش بشأن مستقبل المنطقة بعد حرب العراق وتنامي الدور الإيراني.

 

بين الربيع العربي والاتفاق النووي
تميّزت ولاية الرئيس باراك أوباما بتعدد زياراته إلى السعودية، ما يعكس تعقيدات العلاقة في زمن الاضطرابات الإقليمية. في حزيران/ يونيو 2009، زار الرياض قبيل خطابه في القاهرة، في محاولة لإعادة تعريف العلاقة الأميركية مع العالم الإسلامي. وفي آذار/ مارس 2014، زارها مجدداً وسط خلافات بشأن سوريا والملف النووي الإيراني. في كانون الثاني/ يناير 2015، قدّم التعازي بوفاة الملك عبد الله، وهنأ الملك سلمان بتسلّمه العرش. وفي نيسان/ أبريل 2016، شارك أوباما في قمة مجلس التعاون الخليجي، وسط تصاعد التوتر بسبب الاتفاق النووي الإيراني.
رغم الزخم الديبلوماسي، اتسمت علاقة أوباما بالرياض بالبرودة، نتيجة اختلافات حول قضايا جوهرية مثل إيران، والإخوان المسلمين، وسوريا.

 

تدشين مرحلة جديدة
اختار الرئيس دونالد ترامب المملكة وجهة لأول زيارة خارجية له في 20-22 أيار/ مايو 2017، بحيث حظي باستقبال حافل في الرياض، والتقى خلالها بالملك سلمان وقادة الخليج. توجت الزيارة بتوقيع صفقة تسليح كبرى، وافتتاح المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف، ما شكل بداية لتحالف أميركي - سعودي متجدد يركّز على مواجهة إيران وأذرعها بهدف الوصول إلى منطقة أكثر استقراراً تتيح للمملكة التأسيس لمشاريع تواكب رؤية السعودية 2030، وشراكات استراتيجية ضخمة.

 

 

 

 

رغم مواقفه المنتقدة سابقاً، زار الرئيس جو بايدن جدة في 15-16 تموز/ يوليو 2022، والتقى الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان. هدفت الزيارة إلى إعادة ترتيب العلاقات وسط أزمة طاقة عالمية، وتزايد التقارب السعودي مع روسيا والصين. كما شارك في قمة مجلس التعاون الخليجي، في خطوة تعكس استمرار الانخراط الأميركي، ولكن برؤية أكثر واقعية وأقل مثالية.

 

عناوين المستقبل
أحد أهمّ الشراكات الواعدة لمستقبل التعاون الاستراتيجي بين البلدين يكمن في الخط التجاري الممتدّ من الهند إلى أوروبا، وتحديداً من خلال مشروع "الممر الاقتصادي الهندي-الشرق أوسطي-الأوروبي" (India-Middle East-Europe Economic Corridor – IMEC)  الذي تم الإعلان عنه خلال قمة مجموعة العشرين في الهند في أيلول/ سبتمبر 2023. هذا المشروع يُعتبر جزءاً من الاستراتيجية الأميركية لمنافسة مشروع "الحزام والطريق" الصيني، ويُشكّل حلقة مهمة من حلقات التعاون الاقتصادي بين الولايات المتحدة والسعودية والهند ودول أوروبية.
تُعد السعودية مركزاً محورياً في هذا الممرّ، كونها تربط بين الخليج والهند شرقاً، وأوروبا عبر الأردن وإسرائيل غرباً. المشروع يعكس طموح السعودية للتحول إلى مركز لوجستي عالمي في إطار رؤية 2030.
الولايات المتحدة هي الراعي السياسي الرئيسي للمشروع، إذ تسعى من خلاله الى تعزيز الشراكات الاقتصادية في الشرق الأوسط، وربط الحلفاء ببعضهم ومواجهة النفوذ الصيني.

 

أهداف الزيارة المرتقبة
أبرز أهداف الزيارة المرتقبة إتمام اتفاقات ضخمة لاستثمارات سعودية في الاقتصاد الأميركي تصل قيمتها إلى تريليون دولار، وتشمل قطاعات متنوعة، أبرزها مشتريات عسكرية وصناعات استراتيجية.
كذلك، تهدف إلى تعزيز الشراكة الثنائية الطويلة الأمد بين الرياض وواشنطن، وترسيخ المصالح المتبادلة، سواء على صعيد الأمن الإقليمي أو التعاون الاقتصادي.
ومن المتوقع أن تشمل المحادثات ملفات إقليمية معقدة، أبرزها الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وتلعب السعودية دوراً مهماً في هذا الملف، إذ سبق أن استضافت محادثات بين روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة، في محاولة لتقريب وجهات النظر وتمهيد الطريق نحو وقف نار وحل ديبلوماسي دائمين.
وبهذا، تُعد زيارة ترامب المرتقبة إلى المملكة محطة محورية في رسم ملامح المرحلة المقبلة من العلاقة بين البلدين، إذ تجمع بين الأبعاد الاقتصادية، والأمنية، والديبلوماسية، وتأتي في لحظة مهمة من تاريخ المنطقة.

 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

العالم العربي 9/15/2025 8:43:00 PM
 خلف الحبتور: في موقف يعكس غطرسة لا حدود لها، يخرج رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ليأمر سكان غزة بإخلاء مدينتهم، وكأنها ملك له يوزع أهلها كما يشاء
المشرق-العربي 9/12/2025 12:25:00 PM
إقفال منتجع "إكس بيتش" في منطقة وادي قنديل في محافظة اللاذقية.
شمال إفريقيا 9/15/2025 11:56:00 AM
محاكمة سيدة متهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة في قرية دلجا التابعة لمركز ديرمواس بمحافظة المنيا
لبنان 9/14/2025 2:53:00 PM
 تغيير مسار طائرة تابعة لشركة طيران الشرق الأوسط المتجهة من بيروت إلى مطار هيثرو في لندن بسبب عارض صحي أصاب أحد الأطفال