نتنياهو يستغلّ تأخّر المرحلة الثانية في غزّة لفرض منطقة رمادية بين الحرب والسلام
مضى أكثر من أسبوع على قرار مجلس الأمن، الذي تبنّى الخطة الأميركية لغزة. كان يؤمل أن يشكل ذلك حافزاً لتسريع الانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة. لم يحدث ذلك.
ولم يُلحظ أيّ تحرّك جدّي يشي بحصول مثل هذه النقلة قريباً. لا بل تحرّك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المنطقة الرمادية، لا حرب ولا سلم. وكان التصعيد الأخطر في غزة منذ سريان وقف النار في 10 تشرين الأول/أكتوبر، وكذلك في لبنان، ما وضع اتفاقي وقف النار هنا وهناك، على المحكّ.

خلال الأسبوع الماضي، غاب المبعوثون الأميركيون عن المنطقة بخلاف الأيام الأولى التي تلت وقف النار. وارتسم أكثر من تساؤل عن أسباب خفض أميركا عديد جنودها في "مركز التنسيق المدني-العسكري" في كريات غات بجنوب إسرائيل. المركز مكَلّف كما بات معلوماً، بمراقبة وقف النار في القطاع والإشراف على عملية إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة. وحتى في هذه النقطة الأخيرة، ثمة تراجع لافت في عدد الشاحنات التي يُفترض أن تنقل المساعدات. العدد تناقص من 600 إلى 200 في اليوم، استناداً إلى أرقام جهات محايدة. وشهادة مقرّر الأمم المتحدة الخاصّ المعنيّ بالحق في السكن اللائق بالاكريشنان راجاغوبال، تفيد بأن "الوضع الحالي (في غزة) لا يختلف كثيراً عمّا كان عليه قبل توقيع الهدنة". وتقرير وكالة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" كان أكثر قتامة، إذ حذر من أن "التدمير المستمر والممنهج يُلقي بظلال من الشك على قدرة غزة على إعادة بناء نفسها كمساحة ومجتمع صالحين للعيش".
ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول فلسطيني مقرّب من المباحثات التي يجريها وفد "حماس" في القاهرة، شكواه من "عدم وجود خطة أميركية تفصيلية" حول دور القوة الأمنية و"أين ستتمركز وما دورها؟".
وفي المقابل، تصرّ إسرائيل على أن دور هذه القوة يجب أن يتمحور على نزع سلاح "حماس" وتدمير بناها التحتية العسكرية، ولا سيما الأنفاق. وهذا محلّ رفض من الحركة.
المراوحة عند هذه العقدة، لا تهدّد المرحلة الثانية من الخطة الأميركية فحسب، بل ستؤدّي إلى انهيار المرحلة وأهم إنجازاتها، وقف النار. والهجمات الإسرائيلية كفيلة بذلك.
يبدو نتنياهو المستفيد الوحيد من الفراع الفاصل بين المرحلتين. ذلك أنه أرسى قواعد لعبة جديدة تقوم على خرق وقف النار باسم الحفاظ عليه، من دون صدور اعتراض أميركي ذي مغزى، ما لم تعلن الحكومة الإسرائيلية العودة رسمياً للحرب. حيلة، تتيح للرئيس الأميركي دونالد ترامب القول إن وقف النار صامد، وصامد بقوة!
ليس بالسهولة أن يتخلى ترامب عن خطته التي اعتبرها ركيزة لرؤية أشمل في المنطقة. بيد أن التاريخ يفرض التزام الحذر وعدم المبالغة في التفاؤل.
نبض