"مؤسسة معتقلي ومفقودي صيدنايا" لـ"النهار": شبكات مقربة من نظام الأسد ابتزّت الأهالي بـ900 مليون دولار (فيديو)
لا يزال الكثير من الحقائق بشأن ما جرى داخل سجن صيدنايا السوري غامضاً، رغم فتح أبوابه التي ظلت مغلقة لعقود. ومع أن الأصوات التي خرجت من خلف الجدران بدأت ترسم ملامح ما جرى هناك، لم يحسم بعد مصير أشخاص فقدت آثارهم منذ سنوات.
تعمل "مؤسسة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا" على توثيق الانتهاكات التي شهدها السجن، ودعم المعتقلين السابقين وأهالي المفقودين، في محاولة لكشف الحقائق وتأمين العدالة للضحايا.
رياض أولر، مؤسس "مؤسسة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا"، يشرح لـ"النهار" آلية العمل، قائلاً إن المؤسسة أنشأت قاعدتي بيانات أساسيتين: الأولى للناجين من الاعتقال، والثانية لأهالي المفقودين. ومن خلال معلومات حصلت عليها، استطاعت المؤسسة مقارنة الأسماء وإيصال الأخبار لعشرات العائلات التي كانت تجهل مصير أحبائها لسنوات طويلة.
900 مليون دولار... شبكات الابتزاز في نظام الأسد
يشير أولر إلى أن أهالي المفقودين لم يواجهوا الألم النفسي والاجتماعي فقط، بل كانوا يتعرضون للاستغلال من شبكات الابتزاز، التي قدمت نفسها كمصدر للمعلومات مقابل مبالغ مالية ضخمة. ووفق تقرير المؤسسة، دفع الأهالي بين عام 2011 ونهاية 2020 أكثر من 900 مليون دولار لهذه الشبكات، التي تضم محامين، وأفراداً من الأجهزة الأمنية والعسكرية، إضافة إلى أشخاص ادّعوا أنهم ناجون بغرض الابتزاز.
ويؤكد أولر أن التوثيق يمثل خطوة أخلاقية وحقوقية مهمة، تساعد في وضع أساس لعدالة مستقبلية، وتخفف من حجم المعاناة التي تحملتها العائلات.
رابطة معتقلي صيدنايا ودورها في دعم الأهالي
من جهته، يوضح دياب سرية، مدير "رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا"، وهو معتقل سابق قضى خمس سنوات في السجن، أن مهمّة المؤسسة الأساسية هي كشف الحقيقة وتحقيق العدالة لكل من اعتُقل بسبب رأيه أو نشاطه السياسي.
ومنذ عام 2017، باشرت الرابطة توثيق تفاصيل سجن صيدنايا، لتحديد أعداد الداخلين إليه بين عامي 2011 و2021، إذ تشير الأرقام إلى أن نحو 30 ألف شخص دخلوا السجن خلال هذه الفترة، بينما قدّر عدد الناجين بنحو خمسة آلاف شخص فقط.
ويشير سرية إلى أن هؤلاء الأشخاص بحاجة ماسّة إلى برامج للتعافي وإعادة الدمج، بالإضافة إلى دعم طبي ونفسي وقانوني، مؤكداً أن دور الدولة ضروري لتقديم الخدمات التي يستحقها الضحايا.
ويذكر المعتقل السابق محمد الزامل، وهو عضو في المؤسسة، أن بدايات الحراك الشعبي في سوريا تعود إلى السنوات الأولى من تولّي بشار الأسد السلطة، حين بدأت تظهر بوادر التمرد بين فئات واسعة من الشباب السوري.
يشرح الزامل بأن "الاعتقالات لم تكن مجرد حدث أمني، بل شكلت نقطة تحول مهمة، وما جرى في سجن صيدنايا ترك أثراً كبيراً في وعي السوريين... الذين اعتقلوا كانوا نموذجاً للشجاعة... هذا لم يخف الناس… بالعكس زادهم إصراراً".
ولفت إلى أن "الثورة لم تنطلق فجأة عام 2011، بل كانت نتيجة تراكم طويل من التمرد والظلم. وسجن صيدنايا كان واحداً من أهم الأماكن التي ولّدت الوعي والشجاعة، وجعلت الناس يؤمنون بأنه لا بدّ من التغيير".
نبض