أضافت النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية العراقية مزيداً من القلق إلى الأجواء السياسية في إقليم كردستان. فقوى الإطار التنسيقي التي كان الإقليم يتهمها بإعاقة حل الملفات العالقة بين الإقليم والحكومة الاتحادية حصلت فعلياً على الأغلبية البرلمانية، ولم يستطيع رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني تحقيق نتائج تؤهله لأن يكون قطباً في البرلمان الجديد، مثلما فعل التيار الصدري في الانتخابات السابقة. فيما أقصيت القوى المدنية والوطنية.

موظفون يفرزون الأصوات بعد الانتخابات العراقية.(أ ف ب)

حسب هذه النتائج، فإن أربع قوى رئيسية ضمن الإطار التنسيقي، مقربة من إيران، ستشكل مجتمعة "الكتلة الأكبر" في التشكيلة البرلمانية السادسة، هي "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وقائمة "صادقون" الواجهة السياسية لفصيل "كتائب أهل الحق" في الحشد الشعبي برئاسة الشيخ قيس الخزعلي، ومنظمة بدر بقيادة هادي العامري و"تحالف قوى الدولة" برئاسة رجل الدين عمار الحكيم،  مع أكثر من 100 مقعد برلماني، وهي قوى "الشيعية" التقليدية المقربة من إيران، ويعتبرها إقليم كردستان سبباً في تفاقم الملفات العالقة بين الإقليم والحكومة الاتحادية. فوق ذلك، فإن "حزب تقدم" بزعامة رئيس البرلمان الأسبق محمد الحلبوسي يُظهر تقارباً سياسياً معها، علماً أنه التيار السياسي "السُني" الفائز بأكبر عدد من المقاعد، وذو مواقف سياسية سلبية من إقليم كردستان. 

في حديث مع "النهار"، يشرح مصدر سياسي كردي ما يعتبره معضلة إقليم كردستان مع هذه الكتلة البرلمانية المتجددة منذ قرابة عقدين، قائلاً: "كانت هذه الكتلة البرلمانية المقربة من إيران حاضرة وذات نفوذ في البرلمان على الدوام، لكن كانت ثمة كتل موازية لها دائماً، تتمكن الكتل الكردستانية بالتعاون والتحالف معها من إحداث توازن سياسي معقول في البرلماني. فخلال العقد الأول من العملية السياسية العراقية (2005-2015) كانت كتلة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي والقوى المدنية المتحالفة معها تفعل ذلك، وفي مرحلة لاحقة تمكن "التيار الصدري" من فعل ذلك، ولكنهما تياران غير فاعلين برلمانياً في الراهن. مشكلة كردستان مع هذه الكتلة هو عدم تسليمها بجوهر هوية العملية السياسية في العراق الجديد. فالدستور العراقي أقر بأن العراق مؤلف من عرب وأكراد، وأقر الفيدرالية كهوية تأسيسية للعراق الجديد، وتالياً ألغى مبدأ الأغلبية، وهو ما تصر عليه هذه الكتلة منذ سنوات، إذ تريد من كردستان أن يكون تابعاً سياسياً لها، مقابل شراكة شكلية، وتالياً قضم المبدأ الجوهري لعلاقة كردستان بالسلطة الاتحادية". 

حسب النتائج، فإن القوى السياسية الكردية حصلت على 60 مقعداً برلمانياً، من أصل 329 مقعداً. تقدم الحزب الديموقراطي الكردستاني على باقي القوى الكردية، حاصلاً على 27 مقعداً، مع ثلاثة مقاعد أخرى ستضاف إلى حصته، من حلفاء سياسيين مقربين منه. فيما حصل الاتحاد الوطني الكردستاني على 18 مقعداً، وحصلت قوى المعارضة الكردية على أقل عدد من المقاعد منذ العام 2005، إذ لم تحصد إلا 12 مقعداً فحسب. 

 الكاتب والباحث رووج بركاني شرح لـ "النهار" الصورة الأولية لتحالفات أحزاب كردستان مع نظيراتها العراقية، وقال: "حسب التحركات الأولية، سيفتح الاتحاد الوطني الكردستاني باب التفاوض سريعاً مع قوى الإطار التنسيقي، بغية الحصول على منصب رئيس الجمهورية مجدداً، والضغط على الحزب الديموقراطي الكردستاني داخل الإقليم، بغية تشكيل الحكومة المحلية المتعثرة منذ عام. لكن الديموقراطي سيسعى لخلق مظلة معارضة داخلية، مؤلفة منه وكتلتي السيادة وعزم (السُنية) ورئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، بغية خلق منصة تضم الثلث الضامن، وتالياً دفع الجميع للحوار من أجل التوافق".