هجمات المستوطنين في الضفة الغربية: الحكومة الإسرائيلية تدعمها... والجيش يفقد السيطرة

العالم العربي 21-11-2025 | 06:25

هجمات المستوطنين في الضفة الغربية: الحكومة الإسرائيلية تدعمها... والجيش يفقد السيطرة

تعتمد منهجية عمل المستوطنين على أسس استراتيجية متناغمة عقائدياً، تستند إلى إمكانات مدروسة تم تبنيها منذ نشأة العصابات الصهيونية.
هجمات المستوطنين في الضفة الغربية: الحكومة الإسرائيلية تدعمها... والجيش يفقد السيطرة
مستوطنون إسرائيليون في قرية سلواد شمال شرقي رام الله (أ.ف.ب)
Smaller Bigger

تتسارع وتيرة هجمات المستوطنين بشكل غير مسبوق في الضفة الغربية، ويتصاعد ما يُسمّى "الإرهاب اليهودي" وفق جهاز الأمن العام "الشاباك" الإسرائيلي. وتنوّعت أشكال هذه الهجمات التي نفذها المتطرفون ضد الفلسطينيين، من شمال الضفة إلى جنوبها ومن الخط الأخضر حتى الأغوار.

تعتمد منهجية عمل المستوطنين على أسس استراتيجية متناغمة عقائدياً، تستند إلى إمكانات مدروسة تم تبنيها منذ نشأة العصابات الصهيونية، وتتمثل في تهويد الأرض بعد احتلالها، ومصادرة ما يمكن مصادرته بطرق متعددة، وتهيئة الظروف السياسية لطرد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين، ثم إقامة المستوطنات لتغيير الجغرافيا والديموغرافيا لصالح المشروع الصهيوني. كما تشمل عقيدة "الأرض المحروقة" القائمة على إحراق أي شيء يمكن أن يستفيد منه الفلسطيني في منطقة ما، من محاصيل زراعية وأشجار زيتون، إلى تدمير البنى التحتية والمنازل والسيارات والموارد الصناعية.

ويقول الناشط ضد الاستيطان عايد غفري لـ"النهار": "لم تعد الاعتداءات عبثية، إنما أصبحت مدروسة وممنهجة، تستهدف نقاطاً حيوية يجري اختيارها بعناية، من رأس الهرم في حكومة الاحتلال والمستوطنين – نتنياهو وسموتريتش وبن غفير – لتنفيذ سياسة التهجير القسري للفلسطينيين في كل المناطق التي يتمكن المستوطنون من السيطرة عليها، وخلق بيئة طاردة للقرى الفلسطينية لدفعهم إلى الرحيل طوعاً".

 

إرهاب المستوطنين في الضفة (النهار)
إرهاب المستوطنين في الضفة (النهار)

 

ويضيف: "هذه دلائل على أننا نواجه اليوم إرهاب دولة منظماً، ضد البشر والحجر والشجر والحيوانات. الهدف الوحيد هو الاقتلاع والتطهير العرقيين والإبادة الجماعية للفلسطينيين. تم هدم السناسل وقتل الحيوانات بطرق بشعة لمجرد أن أصحابها فلسطينيون، كما ضُربت النساء وقُتل الأطفال بدم بارد". ويختم بالقول: "هذه الأساليب هي استنساخ لما كانت تقوم به عصابات الهاغانا والأرغون والبيتار والبلماح قبل عام 1948، بدعم سياسي ومادي دولي".

ملخص الاعتداءات الأخيرة

الاثنين 10 تشرين الثاني/نوفمبر، شُنّت هجمة وحشية على قرية الجبعة جنوب بيت لحم، أدّت إلى إحراق ثلاثة منازل مأهولة وثلاث مركبات. وتمكّن الأهالي من إخماد النار من دون إصابات، إلا أنّ الأضرار المادية كانت جسيمة. كذلك أقدم مستوطنون على إحراق منزل ومركبتين والاعتداء على عدد من الفلسطينيين في هجوم آخر على بلدة سعير شمال شرق الخليل. كما اعتدى مستوطنون على رعاة أغنام في التجمعين البدويين "أبو غالية" و"العراعرة" قرب منطقة "الكسّارات" المحاذية لبلدة عناتا شرق القدس، وهاجموا الرعاة بالحجارة واستهدفوا ماشيتهم، وأجبروا الأهالي على مغادرة المراعي.

وفيوم الخميس 13 نوفمبر، أضرم مستوطنون متطرفون النار في مسجد بقرية دير استيا في منطقة نابلس، وكتبوا على جدرانه عبارات منها: "واصلوا الإدانة"، "الانتقام من الأعداء"، و"محمد خنزير".

ويوم الثلاثاء 18 نوفمبر، شارك نحو 100 من ميليشيا "فتيان التلال" في هجوم على قرية بيت ليد قرب طولكرم، واعتدوا على فلسطينيين وأصابوا أربعة منهم، كما ألحقوا أضراراً بالممتلكات وأحرقوا مركبات. واحتجز الجيش ثلاثة فقط منهم للتحقيق، فيما فرّ الباقون إلى منطقة "براون" الصناعية، وهاجموا قوات الجيش التي وصلت لاعتقالهم. وخلال المواجهات، وصل فتيان آخرون إلى سيارة نائب قائد كتيبة 101 من المظليين وثقبوا إطاراتها. وتم استدعاء الشرطة لاعتقال ستة مشتبهين، لكن عند وصولها تبيّن أن اثنين منهم قد فرا تحت غطاء الفوضى.

 

إرهاب المستوطنين في الضفة (النهار)
إرهاب المستوطنين في الضفة (النهار)


إرهاب دولة منظم

وفق "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان"، بلغ عدد اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين خلال الشهر الماضي 2350 اعتداء، بينها 1584 نفذها جيش الاحتلال، و766 نفذها المستوطنون. وتركزت الاعتداءات في محافظات رام الله والبيرة (542)، نابلس (412)، الخليل (401)، وتنوّعت بين اعتداءات جسدية مباشرة واقتلاع أشجار وإحراق حقول ومنع قاطفي الزيتون من الوصول إلى أراضيهم.

بدورها، كشفت "هآرتس" أن الحكومة الحالية أضعفت الجيش في مواجهة المستوطنين، وأن اعتداءاتهم تحولت إلى إرهاب دولة. وصرّح مسؤولون أمنيون كبار بأن الجيش يخشى التحذير من عنف المستوطنين لأنهم "يصبحون على الفور أهدافاً للمتطرفين الذين يتلقون دعماً من الوزراء وأعضاء الكنيست". وفي الوقت نفسه تشهد الضفة الغربية تطرفاً متزايداً في صفوف الجنود العائدين من قطاع غزة.

وحذّر المسؤولون الكبار في المؤسسة الأمنية من أن ضعف القيادة العسكرية في الضفة كسلطة سيادية ميدانية، تحت ضغط الوزراء وأعضاء الكنيست من الائتلاف، يسبب توترات أمنية قد تنفجر في أي لحظة. 

وصرّح مصدر أمني للصحيفة: "لا أحد يُعنى بالضفة الغربية. الجميع يدركون أنها على وشك الانفجار، لكن أحداً لا يحرّك ساكناً. ثمة خوف حقيقي بين القادة من تطبيق القانون، لأنهم يصبحون فوراً أهدافاً للمتطرفين". وأضاف: "الضفة هي الساحة الأكثر اشتعالاً، رغم تركيز إسرائيل على غزة ولبنان. نحن صامتون، لكن حدثاً واحداً قد يشعلها بالكامل".

وبحسب مسؤولين أمنيين كبار، لم تُجرِ الحكومة ولا المؤسسة الأمنية منذ أشهر أي نقاش استراتيجي بشأن ما يحدث في الضفة. ويشير هؤلاء إلى أن الاعتداءات على الضباط وقادة القيادة المركزية الكبار من المستوطنين خلال السنوات الماضية لم تكن بالخطورة التي بلغتها اليوم، "لأن منتهكي القانون الذين يؤذون الفلسطينيين وقوات الجيش مدعومون من صانعي القرار الذين يهيّئون لهم أجواءً مُمكّنة لفعل ما يشاؤون".

ونبّه أحد القادة الميدانيين إلى أنه "في الشهر الماضي وحده وقعت ست حالات كان يمكن أن تنتهي بسهولة كما حدث لعائلة دوابشة في دوما عام 2015، حين قُتل أفراد العائلة حرقاً وهم نيام".

 

أضرار لحقت بمنطقة صناعية في الضفة الغربية بسبب اعتداءات مستوطنين إسرائيليين (أسوشيتد برس)
أضرار لحقت بمنطقة صناعية في الضفة الغربية بسبب اعتداءات مستوطنين إسرائيليين (أسوشيتد برس)

 

الجيش فقد سلطته
ووفق مصادر مطلعة، انسحب وزير الأمن يسرائيل كاتس من أي تدخل في ما يحدث بالضفة، لأن بتسلئيل سموتريتش – الوزير المشارك والمسؤول عن الإدارة المدنية – ينفّذ عملياً مخطط الضم مع وزيرة الاستيطان أوريت ستروك، من دون أي نقاش استراتيجي حول هذه الخطط.

كما وجّه مسؤول عسكري كبير سابق اتهامات لقادة الجيش الإسرائيلي قائلاً: "لقد فقد الجيش صفته كصاحب السيادة على الأرض، وفقد سلطته ومكانته إلى درجة أنّ أحداً لا يرغب في طرح المشاكل على المستوى السياسي، لأن الجميع يدركون أنه في اجتماع مجلس الوزراء المقبل الذي يُدعى إليه القادة سيصبحون كيس ملاكمة للوزراء".

وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي بات يتقبل الواقع الميداني وتراجع مكانته أمام المستوطنين والفلسطينيين وأجهزة الأمن الفلسطينية كأمر واقع، فيما يتفاخر قائد المنطقة الوسطى اللواء آفي بلوت بإمكان إنشاء نحو 120 مزرعة – استيطان رعوي، تم ربط مئات منها ببنية تحتية تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات، بينما يلتزم الجيش الصمت ويرسل جنوداً للمساعدة في إنشائها وصيانتها رغم أنها بؤر استيطانية غير قانونية.

وتابعت الصحيفة: "الجميع يتحدثون عن اقتلاع المستوطنين للأشجار الفلسطينية، لكن لا أحد يتحدث عن عدد الأشجار التي اقتلعها الجيش لإنشاء هذه المزارع أو لتعبيد الطرق".

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

اقتصاد وأعمال 11/20/2025 10:55:00 PM
الجديد في القرار أنه سيتيح للمستفيد من التعميم 158 الحصول على 800 دولار نقداً إضافة إلى 200 دولار عبر بطاقة الائتمان...
لبنان 11/20/2025 4:27:00 PM
نوح زعيتر ينحدر من قرية (الكنيسة) في أقصى البقاع الشمالي اللبناني المحاذي لسوريا، ويحيط نفسه بحماية مشددة، وهو مطلوب للإنتربول الدولي.  
لبنان 11/20/2025 5:35:00 PM
الحادثة وقعت خلال وجود أولاد الزوجين في المدرسة، الذين صُدموا لدى عودتهم بالمشهد المؤلم في داخل المنزل