الانتخابات في كردستان... برامج "قومية" وتنافس سياسي دون معارضة
خلافاً للأحزاب والقوائم الانتخابية في باقي مناطق العراق، التي تركز على المسائل التنموية والخدمية، يطرح القادة واللوائح الانتخابية في إقليم كردستان برامج وخطابات قومية، تتعلق بما تسمّيها قضايا الإقليم العالقة مع الحكومة الاتحادية، وتتعهد لناخبيها بالسعي لتحقيقيها بـ"أيّ ثمن" في التشكيلة البرلمانية الجديدة، عقب الانتخابات المقرر إجراؤها هذا الأسبوع.
مصدر سياسي رفيع في الحزب الديموقراطي الكردستاني، أكبر الأحزاب الإقليم، قال لـ"النهار" إن حزبه سيكرّس كل فاعليته السياسية في البرلمان العراقي المقبل لأجل أربع قضايا رئيسية: "تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي، المتعلق بمستقبل المناطق المتنازع عليها بين الإقليم والحكومة الاتحادية، وإلى جانبها إقرار قانون وطني للنفط والغاز، عادل ومطابق للمحددات الدستورية، ومثلها سيكون التركيز على ملف حصة إقليم كردستان من الميزانية الاتحادية، ودور الإقليم في إقرار السياسات الاستراتيجية للعراق، الأمنية والسياسية والاقتصادية، بعد مرحلة إقصاء طويلة".
وعن المناصب التي يُفترض أن تتقاسمها القوى الكردية في التشكيلة المقبلة، أكد المصدر نفسه أن "كل شيء سيتم بما يحقق الأهداف التي يسعى حزبه لتحقيقها، والتي لا خلاف شديداً بين القوى الكردية بشأنها، خلا بعض التفاصيل المتعلقة بآلية التنفيذ".
باقي الأحزاب السياسية في الإقليم، وعلى رأسها الاتحاد الوطني الكردستاني، المنافس للديموقراطي الكردستاني، تطرح قضايا مشابهة، لكن من خلال آلية عمل وتحالفات مختلفة. فالمشهد السياسي في كردستان منقسم فعلياً إلى فضاءين مختلفين، واحد يُتوقع أن يتحالف مجدداً مع قوى "الإطار التنسيقي" المقربة من إيران، وآخر يراهن على حصول قوائم رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني على مقاعد تؤهّله لتشكيل الحكومة الجديدة، بعد التحالف مع بعض القوى الكردية والسُنية العراقية.
لكن المشهد السياسي في الإقليم مختلف، فـ"زعيما" التيارين السياسيين المعارضين معتقلان لأسباب تتعلق بتهم الفساد وقضايا أمنية. فرئيس حزب "الجيل الجديد" شاسوار عبد الواحد ملاحق بتهم الفساد المالي والمديونية للمؤسسات العامة، بعد سلسلة من المشاريع الاقتصادية التي نفذها في محافظة السليمانية. كذلك فإن رئيس حزب "جبهة الشعب" والقيادي السابق في الاتحاد الوطني الكردستاني لاهور شيخ جنكي مُعتقل على خلفية اتهامات تتعلق بتشكيله "قوة العقرب" العسكرية من خارج القانون، ما يحصر التنافس بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، ومعهما بعض الأحزاب ذات الخلفية الإسلامية. وقد انسحب بعض التيارات السياسية المعارضة تقليدياً لصالح الأحزاب الرئيسية، لمنع ما تسمّيه "تشتت الأصوات الكردية"، إذ دعت "حركة التغيير الكردية" مؤيديها في كركوك للتصويت لـ"القوائم الكردستانية".
يشرح الباحث في مركز الفرات للدراسات وليد الجليلي لـ"النهار" تفاصيل ما يسمّيه "اللعبة الانتخابية" في كردستان راهناً، مُحدّداً تأثيرات هذه النتائج على الحياة السياسية في كردستان: "في العادة، تحصل القوائم الكردية في البرلمان الاتحادي على 60-70 مقعداً برلمانياً من أصل 329 مقعداً، أي مقدار الخُمس تماماً. وهي تقليدياً تشغل ثلاث مهام رئيسية، هي علاقة الحكومة الاتحادية بنظيرتها الكردستانية، ومنع إقرار قوانين لا تتوافق مع حقوق الإقليم في الدستور، والتنافس لشغل المناصب الكردية في السلطة الاتحادية".
ويضيف الجبيلي: "منذ سنوات وُلد شبه توافق على رسم آلية توافقية بين الحزبين الكرديين الرئيسيين في كل تلك الملفات. لكن أمرين طارئين خاصين حدثا في الشهور الماضية قد يخلطان أوراق التوازن بينهما. فتراجع نفوذ إيران الإقليمي أثر فعلياً في قدرتها على دعم حليفها التقليدي الاتحاد الوطني الكردستاني. لكن خروج حزبي المعارضة الرئيسيين قد يزيد من مقاعد "الاتحاد الوطني" قبالة "الديموقراطي الكردستاني". لأجل ذلك، نسبة حصول الحزبين على المقاعد ستضبط أولاً آلية توزّع المناصب الكردية في السلطة الاتحادية، وستحدد مصير الحكومة المحلية في كردستان، المتوقفة منذ نحو سنة".
نبض