عشيّة البرلمان السادس: هل تستعيد إيران زمام المبادرة في العراق؟

العالم العربي 07-11-2025 | 06:00

عشيّة البرلمان السادس: هل تستعيد إيران زمام المبادرة في العراق؟

ستُحدد نتائج الانتخابات البرلمانية نجاح الاستراتيجية الإيرانية أو فشلها. فهل ستتمكن طهران من استعادة نفوذها، أم ستترسخ هيمنة منافسيها؟ الأيام القليلة المقبلة حاسمة.
عشيّة البرلمان السادس: هل تستعيد إيران زمام المبادرة في العراق؟
لوحات إعلانية انتخابية للمرشحين لرئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني في أحد شوارع بغداد. (أ ف ب)
Smaller Bigger


منذ سقوط نظام صدام حسين في 3 نيسان/أبريل 2003، مرّت على العراق خمس دورات انتخابية برلمانية، وها هي الدورة السادسة ستجري في 11 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري. يحق لنحو 21 مليون ناخب من أصل 46 مليون عراقي الاقتراع لانتخاب 329 نائباً بين أكثر من 7000 مرشح، يتوزعون على 37 تحالفاً سياسياً، و38 حزباً، إضافة إلى 80 مرشحاً مستقلاً.

تُبدي دول مثل إيران والسعودية وتركيا والولايات المتحدة حساسية بالغة تجاه الانتخابات البرلمانية العراقية، لأن تركيبة البرلمان السادس ستؤثر مباشرة في نفوذ كل منها في البلاد. ففي النظام البرلماني العراقي، يتولى البرلمان انتخاب رئيس الجمهورية وتأكيد اختيار رئيس الوزراء. لذلك، تسعى هذه الدول إلى إيصال سياسيين موالين لها إلى البرلمان بالمشاورات والضغوط، كما تستخدم وسائل إعلامها للتأثير في الرأي العام العراقي.

دور إيران التاريخي
منذ عام 2005، وعشية أول انتخابات برلمانية عراقية، سعت إيران إلى إدخال شخصيات وتيارات موالية لها في هيكل صنع القرار التشريعي. في الانتخابات الأولى، فاز "ائتلاف العراق الموحد"، وكان لإيران دور حاسم في دعم التيارات الشيعية، ما أوصل إبراهيم الجعفري (عضو "حزب الدعوة") إلى رئاسة الوزراء كخيار مفضّل لطهران.

بين 2005 و2018، أي حتى الانتخابات البرلمانية الرابعة، أدّى قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، الدور الرئيسي في حماية مصالح إيران، وشملت جهوده توحيد الشيعة سياسياً، وزيادة نسبة المشاركة بين الشيعة في جنوب العراق، وتدريب الأحزاب الشيعية على تعبئة الناخبين.

نتيجة لذلك، من بين 8 رؤساء وزراء عراقيين بعد صدام، انتمى 5 على الأقل إلى "حزب الدعوة" وتميزوا بعلاقات وثيقة مع طهران، هم: إبراهيم الجعفري ونوري المالكي وحيدر العبادي وعادل عبد المهدي، وأخيراً محمد شياع السوداني. وقد تمكن هؤلاء من تحقيق التوازن بين مصالح إيران ومنافسيها الإقليميين، خصوصاً الولايات المتحدة.

بعد اغتيال سليماني بغارة أميركية في مطار بغداد في 3 كانون الثاني/يناير 2020، تراجع نفوذ إيران نسبياً، لأن دورها كان مرتبطاً بشخصيته ونفوذه الفردي. لذلك، تُعد هذه الانتخابات فرصة حاسمة لاستعادة إيران دورها المفقود.

مخاطر تفكيك الحشد الشعبي
في السنتين الأخيرتين، تعرّض محور المقاومة لضربات قاسية، تمثلت في سقوط نظام بشار الأسد في سوريا (8 كانون الأول/ديسمبر 2024)، واغتيال الأمين العام لـ"حزب الله" في لبنان السيد حسن نصر الله (27 أيلول/سبتمبر 2024)، ومقتل إسماعيل هنية ويحيى السنوار من قادة "حماس"، واستهداف قادة الحوثيين في اليمن.

الكيان الوحيد التابع لمحور طهران والذي لم يُصب بأذى جدّي هو الحشد الشعبي في العراق. لذلك، تسعى واشنطن إلى نزع سلاحه، ودمجه في الجيش العراقي النظامي، فيما ترى إيران في بقاء الحشد درعاً دفاعياً لها في العراق ضد التهديدات الأميركية والإسرائيلية. وقد انتقد مسؤولون عراقيون هذا المطلب مراراً.

وكشف تقرير عن مكالمة هاتفية استمرت 11 دقيقة بين وزيري دفاع الولايات المتحدة والعراق، حذر فيها الأميركيون من هجوم وشيك في المنطقة، وطالبوا القوات شبه العسكرية العراقية (يقصدون الحشد) بعدم الرد. يُعتقد أن الهجوم قد يسبق الانتخابات، ويستهدف قوى مسلحة تابعة لمحور المقاومة.

استراتيجية إيران الناعمة 
ابتعدت إيران عن الأساليب القاسية، واعتمدت على النفوذ الناعم السياسي والإعلامي والخلفي، ابتداءً بتوحيد الجبهة الشيعية الموالية لها، أي الإطار التنسيقي (تحالف القوى الشيعية العراقية) الذي يعاني انقسامات داخلية رغم قربه من إيران. وتؤدي طهران دور الوسيط والمنسّق لمنع التنافس المرهق داخل "البيت الشيعي". كذلك، عززت طهران المحور الاقتصادي الإيراني – العراقي، إذ بلغ حجم التجارة بين البلدين في 2024 أكثر من 12 مليار دولار، كذلك تدعم إيران مشاريع مشتركة مثل إكمال خط سكة حديد البصرة – شلمچه، وتنفيذ مشاريع خدمية في المناطق الشيعية الفقيرة بجنوب العراق. وتهدف هذه المشاريع إلى رفع شعبية المرشحين الموالين لإيران، خصوصاً مع انخفاض حماسة الناخبين الشيعة الفقراء، وأبرز دليل على ذلك انسحاب السيد مقتدى الصدر من الانتخابات.

إلى ذلك، تسعى إيران لمنع أيّ صدام مباشر بين "الحشد الشعبي" والقوات الأميركية خلال الانتخابات، تجنباً لتبرير تأجيلها أو فرض عقوبات، وتدعم استقرار حكومة السوداني لأنه يصبّ في مصلحة "المقاومة"، وتوظّف الإعلام الموالي لها لتشكيل الرأي العام فتغطي قنوات "الكوثر " و"العالم" والميادين الانتخابات بالتركيز على استقلال العراق السياسي، لتوجيه الرأي العام نحو التيّارات الموالية لطهران.

ستُحدد نتائج الانتخابات البرلمانية نجاح الاستراتيجية الإيرانية أو فشلها. فهل ستتمكن طهران من استعادة نفوذها، أم ستترسخ هيمنة منافسيها؟ الأيام القليلة المقبلة حاسمة.

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

سياسة 11/6/2025 10:23:00 AM
"حزب الله": بصفتنا مكوّناً مؤسِّساً للبنان الذي التزمناه وطناً نهائياً لجميع أبنائه، نؤكد حقنا ‏المشروع في مقاومة الاحتلال والعدوان
اقتصاد وأعمال 11/6/2025 6:37:00 AM
تماسك الدولار عند أقل بقليل من أعلى مستوى في أربعة أشهر الذي وصل إليه في الجلسة السابقة، وسط تزايد الإقبال على الأصول الأعلى في المخاطر
سياسة 11/7/2025 4:02:00 PM
بعد أن كتبت "بعلبك إيمتى؟" على تغريدة لأفيخاي... هذا ما جرى معها 
مجتمع 11/7/2025 1:01:00 PM
تصاعد الجدل ليبلغ الجمعية، حيث أكد رئيسها الدكتور رامي اللقيس لـ" لنهار " أنه تم فصل الموظفة سارة الشياح من عملها...