
احتاج الاتحاد الألماني لكرة القدم، الذي احتفل بمرور 125 عاماً على تأسيسه، إلى نحو سنتين لاستعادة ثقة جماهيره، بعد الإقصاء "المرّ" من الدور الاول لكأس العالم 2022 في قطر، في فترة شهدت تغييرات كثيرة وتقدّم ملحوظ بإشراف "المهندس" رودي فولر.
إثر الخروج الصادم للمرة الثانية توالياً من الدور الأول للمونديال، عمل فولر على تصحيح طريق المنتخب وإعادته الى "الصواب" بعيداً عن التأثيرات السياسية والجندرية التي انخرط فيها قبل مونديال قطر وأدّت لاحقاً الى خسارة الدور الاجتماعي الثقافي، وأوكل الاتحاد المهمة إلى "الشخص المناسب" بحسب العديد من التقارير الصحافية، حيث عمل المهاجم السابق على تهيئة أرضية صالحة للعمل وتوفير كل مستلزمات النجاح الرياضية، وأعاد فولر الأمور إلى نصابها بإعادة المنتخب إلى أصوله ومبادئه، والشروع في بناء جيل جديد، وتوفير كلّ مقومات النجاح اللوجستية والفنية فضلاً عن إعادة جسور الثقة مع الجماهير انطلاقاً من كأس أوروبا الأخيرة، وكان الشريك الأساس في هذه المرحلة المدير الفني الشاب يوليان ناغلسمان.
هذه الثنائية الناجحة أراد الاتحاد تمديد عملها، ولهذا تمّ تجديد عقد ناغلسمان (37 عاماً) مع "دي مانشافت" حتّى 2028، حيث تنتظره استحقاقات مهمّة جداً وصولاً إلى كأس أوروبا 2028.
ولن يرضى منتخب الماكينات البقاء بعيداً عن الريادة وعن المنصات، المستمرة من 2017 عندما توج بلقب كأس القارات في نسختها الأخيرة، ولا سيّما أن الاستحقاق المقبل هو دوري الأمم والذي سيكون المحطة الأبرز تحضيراً لمونديال 2026 في دول أميركا الشمالية الثلاث، إذ تتطلب هذه الفترة تخطيطاً وتحضيراً مختلفاً، وهذا ما شدّد عليه ناغلسمان "عندما جئت إلى الاتّحاد الألماني لكرة القدم في عام 2023، لم أكن أتخيّل أنني سأكون مدرباً للمنتخب بعد يورو 2024 على أرضنا". وتابع "كان هدفنا أن نحظى ببطولة جيدة. كما أنّني لم أكن أفهم ما يعنيه المنتخب الوطني بالنسبة إلى الشعب الألماني، إنّ الصدى المذهل الذي نشعر به كلّ يوم يدلّ على أنّ طريقنا هو الطريق الصحيح وأنّه لم يصل إلى نهايته. لقد أنشأنا جميعاً (يقصد المشجعين والفريق والجهاز الفني) شيئاً يجب أن نسمح له بالاستمرار في النمو. نريد الفوز بالألقاب معاً".
وجاء تجديد عقد ناغلسمان بقرار من مجلس إدارة الاتحاد الألماني لكرة القدم، إثر اقتراح رئيس الاتحاد، بيرند نويندورف، مع العلم أنّ المدرب الشاب ظهر لأول مرة بصفة مدير فني للمنتخب الألماني، خلال مواجهة ودية يوم 14 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حين انتصر على الولايات المتحدة بنتيجة 3-1، مع العلم أنّه قاد الفريق في 19 مباراة، وحقّق الفوز 11 مرة مقابل خمس تعادلات وثلاث هزائم.
وكان عقد ناغلسمان يمتدّ حتى عام 2026 مع منتخب ألمانيا، لكنّه الآن سيكون أمام عددٍ من التحدّيات، منها متابعة الرحلة في دوري الأمم الأوروبي لنسخة 2024-2025، حين يلاقي في آذار (مارس) المقبل، نظيره الإيطالي في مباراة صعبة للغاية، ستُحدد على إثرها المجموعة التي سيلعب فيها المنتخب الأبيض في تصفيات مونديال 2026، الذي من المفترض أن يتأهل إليه أبطال العالم أربع مرات، للمنافسة لاحقاً على لقبه ومعادلة رقم البرازيل التاريخي (خمسة آخرها 2002)، ومن ثمّ ستكون لديه فرصة المنافسة في بطولة يورو 2028، وتعويض الهزيمة في نسخة 2024، حين غادر من ربع النهائي على يد إسبانيا بعد فضيحة تحكيمية.
ومن جانبه، قال رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم، بيرند نويندورف، في تصريح له: "تمديد عقد المدرب هو رسالة واضحة تؤكّد أننا لا نتوقّف عند نجاحات الماضي، بل نعمل بجدّ على تحقيق إنجازات جديدة".
أمّا رودي فولر، مدير المنتخب الألماني، فقد قال: "لقد أعاد جوليان ناغلسمان الروح للمنتخب الألماني، وأعاد الجماهير إلى المدرّجات. علاقته القوية مع اللاعبين والجماهير جعلت الفريق وحدة واحدة تسعى نحو النجاح. نحن متحمسون للعمل معه لفترة أطول، وتحقيق أهدافنا الرياضية الطموحة".