أبناء زيدان... بين الحلم الأوروبي والانتماء الجزائري

أن تكون ابنَ زين الدين زيدان ليس أمراً عادياً، بل مسؤولية تتجاوز حدود الموهبة. فالاسم الذي سطّر المجد في الملاعب الأوروبية، ورفع كأس العالم لفرنسا عام 1998، صار عبئاً ثقيلاً على من جاء بعده في العائلة.
أربعة أبناء حملوا لقب "زيدان"، لكن كلّ واحد منهم رسم مساراً مختلفاً بين التطلعات الأوروبية والانتماء الجزائري، وبين الحلم بالنجومية والبحث عن الذات في عالم لا يرحم الأسماء الكبيرة.
الأسطورة الفرنسية من أصول جزائرية، الذي أبهر العالم بلمساته وأناقته داخل المستطيل الأخضر، ترك إرثاً كروياً هائلاً وأبناء حاولوا السير على خطاه، كل بطريقته. بعضهم سعى للحفاظ على الهوية الفرنسية، وآخر قرّر العودة إلى الجذور الجزائرية، فيما اختار الأصغر أن يبدأ من الصفر في الملاعب الإسبانية والفرنسية على حد سواء.
إنها قصة عائلة كروية نادرة، تتقاطع فيها الجينات مع الطموح، والإرث العائلي مع صراع الهوية، والحلم الأوروبي مع الانتماء الجزائري.
إنزو زيدان... البدايات الذهبية والنهاية المبكرة
بدأ إنزو زيدان، أكبر أبناء الأسطورة، مسيرته في أكاديمية ريال مدريد، وقد أظهر موهبة فنية قريبة من أسلوب والده. تألق في فرق الشباب حتى نال فرصته مع الفريق الأول تحت قيادة والده في كأس ملك إسبانيا، وسجّل هدفاً جميلاً أعاد إلى الأذهان لمحات من زين الدين نفسه.
لكنّ ذلك الهدف ظل الوميض الوحيد في مسيرة لم تُكمل توهجها؛ انتقل إنزو إلى ألافيس، ثم خاض تجارب قصيرة في سويسرا والبرتغال وفرنسا، قبل أن ينهي مشواره في صفوف فوينلابرادا الإسباني، معلناً اعتزاله قبل بلوغ الثلاثين. نهاية هادئة لمسيرة وُلدت بضجيج الاسم، لكنها افتقدت إلى وهج الاستمرار.
لوكا زيدان... من مدريد إلى الجزائر
أما لوكا زيدان، الحارس الطموح، فاختار أن يخرج من عباءة ريال مدريد باكراً ليبحث عن مسيرته الخاصة. وبعد محطات متقلبة بين راسينغ سانتاندير ورايو فاييكانو وإيبار، وجد نفسه حالياً في غرناطة الإسباني، ويشارك بانتظام في مسابقة الليغا.
لكن الحدث الأبرز في مسيرته جاء هذا الشهر عندما ارتدى قميص المنتخب الجزائري للمرّة الأولى، في خطوة تحمل رمزية كبيرة، إذ أعاد لوكا الاتصال بجذور والده الجزائرية التي لطالما شكّلت جزءاً من هويته العائلية. ومع تأهل الجزائر إلى كأس العالم 2026، يحلم لوكا بأن يكون حارس "الخضر" في البطولة العالمية، ليجمع بين المجد الأوروبي والانتماء العربي.
ثيو زيدان... الهدوء طريقه نحو النضج
يعيش ثيو زيدان تجربة أكثر تواضعاً لكنها متماسكة في صفوف قرطبة الإسباني. ومنذ مغادرته أكاديمية ريال مدريد في عام 2024، بدأ في بناء شخصيته الكروية بعيداً عن الأضواء.
خاض ثيو 43 مباراة مع الفريق الأندلسي، سجل خمسة أهداف وصنع هدفاً، مثبتاً أنه يمتلك ما يؤهله للبقاء في دائرة الاحتراف الإسباني. ورغم أنه لم يصل بعد إلى مصاف النجوم، فإنّ ثبات مستواه يمنحه فرصة التطوّر بهدوء وثقة، من دون ضغط المقارنات مع والده أو أشقائه.
إلياس زيدان... الأمل الفرنسي الجديد
أما الابن الأصغر، إلياس زيدان، فهو الوجه الصاعد للعائلة، والاسم الذي بدأ يلمع في منتخب فرنسا تحت 20 عاماً. فالمدافع الشاب يشارك أساسياً في كأس العالم للشباب 2025، وقد أصبح قطعة مهمة في تشكيلة المنتخب الفرنسي.
نشأ إلياس في أكاديمية ريال مدريد قبل أن أن ينتقل إلى ريال بيتيس، حيث تطوّر بشكل لافت، ليحجز مكانه في المنتخب الفرنسي الشاب. يؤكد مدربه برنار ديوميدي أنه "من الصعب جداً أن تكون ابن زيدان"، لكن إلياس يبدو مستعداً لتحدّي هذا الضغط، مفضلاً أن يصنع اسمه من مركز دفاعيّ بعيد من بريق الأهداف وصناعة اللعب التي اشتهر بها والده.