"نسور قرطاج" يحلقون عالياً في سماء أفريقيا

يبدو أنّ منتخب تونس قد وضع قدمه أخيراً على أولى خطوات طريق النجاح، إذ يعيش واحدة من أفضل فتراته الفنية منذ وقت طويل، تحت قيادة الوطني سامي الطرابلسي، الذي نجح في إعادة التوازن إلى صفوف "نسور قرطاج"، ومكّنهم من التحليق مجدداً في سماء القارة السمراء، بعد أن بات منخبه من المنتخبات العربية التي حجزت رسمياً مقعدها في كأس العالم 2026.
أكد المنتخب التونسي أنه واحدٌ من أكثر المنتخبات العربية استقراراً على المستويين الفني والإداري، بفضل الأداء المميز الذي قدّمه منذ انطلاق التصفيات، حيث ظهر بصورة مغايرة عمّا كان عليه في السنوات الماضية. فقد تميّز مستواه بالثبات والانضباط.
مستفيداً من "توليفة" جديدة من اللاعبين، نجح الطرابلسي في دمجهم مع أصحاب الخبرة، ليصنع فريقاً متجانساً، يضم أسماء مثل العيدوني، بن رمضان، والعربي المجبري، إلى جانب مجموعة من الوجوه الشابة الواعدة.
خلال هذه التصفيات، أشرعت "نسور قرطاج" مناقيرها، محققة أفضل النتائج بين كل المنتخبات الأفريقية، بعدما جمع التوانسة 28 نقطة من 9 انتصارات وتعادل وحيد، ليصبحوا أكثر المنتخبات حصداً للنقاط، وليحسموا تأهلهم إلى المونديال مبكراً خلال المرحلة الثامنة.
لكن اللافت في مسيرة تونس لم يكن فقط عدد الانتصارات أو حفاظها على سجلها خالياً من الهزائم، بل تحقيقها إنجازاً تاريخياً غير مسبوق في القارة، إذ أصبح منتخبها أول المنتخبات الأفريقيّة تأهّلاً من التصفيات من دون أن تستقبل شباكه أي هدف.
سجّلت تونس 22 هدفاً في 10 مباريات، من دون أن تهتزّ شباكها منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2024، لتبرهن أنّ الشراسة الهجومية لا تتعارض مع الصلابة الدفاعية، بل يمكن الجمع بينهما في منظومة واحدة متكاملة.
هذه الأرقام التاريخية تؤكد حجم التغيير الذي أحدثه الطرابلسي في هوية "نسور قرطاج"، التي لم تعد تعتمد على نجم واحد، بل على منظومة مترابطة تعرف كيف تهاجم بذكاء وتدافع بانضباط، مما جعلها خصماً صعباً لأي منافس، يصعب التفوّق عليه أو هزيمته.
ومع اقتراب انطلاق كأس الأمم الأفريقية 2025، تتجه الأنظار إلى تونس، وسط تساؤلات حول مدى قدرتها على مواصلة هذا النسق القوي ومقارعة كبار القارة في بطولة تُعرف بتنافسيتها الشرسة منذ أدوارها الأولى وحتى المباراة النهائية.
التجانس الكبير بين اللاعبين، والثقة المتزايدة التي اكتسبها الفريق خلال التصفيات، جعلت الطموح يتجاوز حدود المشاركة المشرفة إلى المنافسة على اللقب الغائب منذ عام 2004.
يمتلك المنتخب كل المقومات، التي تؤهله لذلك، من الدفاع الصلب، إلى الوسط المنظّم، حتى الهجوم الذي بدأ يستعيد خطورته، ومعه جمهور تونسيّ وفيّ ظلّ دائماً الوقود الحقيقي للمنتخب في المحافل الكبرى، مؤمناً بأنّ "النسور" قادرة على التحليق مجدداً في سماء القارة السمراء وكتابة فصل جديد من المجد التونسي.