المراهقون الأفضل في التاريخ... يامال يجاور بيليه ومارادونا

لم يكن تألق لامين يامال في برشلونة وليد الصدفة، بل امتداد لسلسلة من المواهب التي صنعت المجد في سن المراهقة، فقبل لاعب البلاوغرانا هناك مجموعة من أعظم اللاعبين الذين كتبوا تاريخهم مبكراً، وجاء النجم الإسباني الشاب ضمن أفضل ثلاثة مراهقين في تاريخ كرة القدم، إلى جانب أسطورتين خلّدا اسميهما في الذاكرة الكروية إلى الأبد: بيليه ومارادونا.
القائمة لا تتحدث فقط عن موهبة مبكرة، بل عن لاعبين تجاوزوا حدود أعمارهم، وتركوا بصمات خالدة في بطولات كبرى، قبل أن يحصلوا حتى على رخصة القيادة.
بيليه... الأسطورة الذي سبق عمره
في صدارة الترتيب جاء الأسطورة البرازيلية بيليه، الذي قدّم للعالم تعريفاً جديداً لعبقرية المراهقين في كرة القدم، قبل أن يبلغ الثامنة عشرة، كان قد خاض 94 مباراة وسجل 119 هدفاً، وأصبح هداف الدوري البرازيلي مرتين متتاليتين.
لكن العلامة الفارقة كانت في عام 1958، عندما حمل بيليه بلاده إلى منصة التتويج في كأس العالم وهو في السابعة عشرة فقط، وأحرز ستة أهداف، بينها ثلاثية تاريخية في نصف النهائي أمام فرنسا وثنائية في النهائي أمام السويد، ولم يكن مجرد طفل موهوب، بل بطل العالم الحقيقي الذي غيّر ملامح اللعبة إلى الأبد.
مارادونا... الموهبة التي كسرت قواعد المنطق
في المركز الثاني، جاء دييغو أرماندو مارادونا، الذي بدأ مسيرته قبل بلوغه السادسة عشرة مع أرجنتينوس جونيورز، كان صغيراً في العمر، لكن ما قدّمه على أرض الملعب فاق الخيال.
خاض مارادونا 92 مباراة وسجل 43 هدفاً قبل أن يبلغ الثامنة عشرة، وكان نجم الدوري الأرجنتيني بلا منازع، امتلك رؤية مدهشة، ومهارة مراوغة جعلت المدافعين يبدون كأنهم ظلال في طريقه، حتى إن أحد خصومه قال بعد أول مواجهة معه: "حاولت أن أوقفه، لكن عندما استدرت كان قد اختفى"!.
لامين يامال... المعجزة الإسبانية التي تعيش بيننا
ويأتي ثالث الأسماء في هذه القائمة الذهبية، لامين يامال، الجناح المذهل الذي يعيش العالم اليوم فصول صعوده لحظة بلحظة، ورغم أنه لم يتجاوز الثامنة عشرة، فقد خاض 127 مباراة وسجل 31 هدفاً بقميص برشلونة ومنتخب إسبانيا.
يمتاز يامال بنضج تكتيكي فريد، وهدوء يليق بلاعب خاض مئات المباريات، لا بمراهق خرج لتوّه من أكاديمية "لا ماسيا". قراراته في المواقف الصعبة، وقدرته على صناعة الفارق أمام الكبار، جعلت الصحافة الإسبانية تعتبره "أصغر نجم بملامح قائد".
رونالدو الظاهرة... الأهداف قبل النضج
في المركز الرابع، حلّ البرازيلي رونالدو نازاريو الذي مثّل مزيجاً نادراً من القوة والسرعة والمهارة، وهو في السابعة عشرة، كان قد سجل 51 هدفاً في 54 مباراة مع فريق كروزيرو، وتوّج هدافاً للدوري البرازيلي.
وصفه المدربون حينها بأنه "الوحش اللطيف"، لأن ملامحه الهادئة كانت تخفي وراءها مهاجماً لا يمكن إيقافه، لم يكن مثالياً في كل الجوانب، لكنه امتلك شيئاً لا يُدرّس في الأكاديميات وهو الفطرة التهديفية الفريدة، وقبل أن يتم عامه الثامن عشر، كان بالفعل ضمن قائمة منتخب البرازيل الفائز بكأس العالم 1994.
جاني ريفيرا... فتى إيطاليا الذهبي
يُعد جاني ريفيرا إحدى أبرز قصص الطفولة الكروية في إيطاليا، في عام 1958، لم يكن قد تجاوز الخامسة عشرة من عمره حين شارك لأول مرة في الدوري الإيطالي بقميص فريق أليساندريا، بعدما اضطر النادي للحصول على إذن استثنائي من الاتحاد للسماح له باللعب وسط المحترفين.
ريفيرا لم يكن مجرد موهبة واعدة، بل عقل كروي ناضج في جسد طفل، كان يتحكم في إيقاع المباريات ويمرر بذكاءٍ يثير دهشة المدربين والمشجعين على حد سواء. الأسطورة سيلفيو بيولا قال عنه: "في الخامسة عشرة، يفعل ما لم أكن أحلم به وأنا في العشرين".
وبعد ثلاث سنوات فقط، أصبح قائد ميلان وأحد رموز الكرة الإيطالية، في مشهد يُجسّد كيف يمكن لطفل أن يتحوّل إلى زعيم كرة القدم في بلاده.
واين روني... المراهق الذي أرعب العمالقة
حين ظهر واين روني لأول مرة بقميص إيفرتون، لم يتخيل أحد أن ذلك الفتى ذا الوجه الطفولي سيقلب الدوري الإنكليزي لكرة القدم رأساً على عقب، كان في السادسة عشرة فقط عندما دوّن اسمه في التاريخ بهدف أسطوري في شباك آرسنال، أوقف به سلسلة اللاهزيمة التي استمرت 30 مباراة.
روني كان أشبه بمزيج من القوة البدنية والجرأة الهجومية والذكاء الميداني، بنيته القوية جعلت المدافعين يتجنبون الالتحام معه رغم صغر سنه، فيما امتلك تسديدات صاروخية لا تصدر إلا من أقدام لاعبين ناضجين.
جيانلويجي دوناروما... الحارس الذي كسر حاجز السن
في مركزٍ نادراً ما يشهد ظهور لاعبين صغار، برز اسم جيانلويجي دوناروما ليكتب تاريخاً مختلفاً، عندما جلس على دكة بدلاء ميلان بعمر 15 عاماً، ظن الجميع أن الأمر مجرد تجربة، لكن بعد عام واحد فقط أصبح الحارس الأساسي للفريق في سن السادسة عشرة.
ما أدهش المراقبين لم يكن فقط شجاعته، بل ثباته أمام الضغوط، حارس مراهق يتصدى لركلات جزاء في الدوري الإيطالي وكأنه يملك خبرة عشر سنوات. في السابعة عشرة، حمى عرين منتخب بلاده ليصبح أصغر من يرتدي قميص إيطاليا في التاريخ، ثم توّج لاحقاً ببطولة أمم أوروبا 2020 كأفضل لاعب في المسابقة.
جيمي غريفز... ماكينة الأهداف التي لا تهدأ
قبل أن يتجاوز الثامنة عشرة، كان جيمي غريفز قد سجل ما يفوق المئة هدف في فئات الشباب مع تشيلسي، لينتقل مباشرة إلى الفريق الأول، وفي أول موسم له، أذهل الجميع بقدرته على تسجيل الأهداف من أي زاوية وبأي طريقة، حتى قال مدربه تومي دوكرتي: "هناك قاعدة واحدة فقط ضد غريفز... لا ترمش".
غريفز، الذي أصبح لاحقاً أحد أعظم الهدافين في تاريخ إنكلترا، كان يمتلك غريزة تهديفية فطرية نادرة، تحركاته داخل الصندوق كانت مدروسة كأنه يملك راداراً داخلياً يرصد موقع المرمى والمدافعين في الوقت نفسه.
نيمار دا سيلفا... ظاهرة الإنترنت قبل نضج الشهرة
في أواخر العقد الأول من الألفية، بدأ العالم يتعرف إلى موهبة برازيلي نحيل اسمه نيمار دا سيلفا من خلال مقاطع "يوتيوب" التي غزت الإنترنت، كان مراهقاً يرقص بالكرة على العشب، يراوغ بثقة، ويبتسم وهو يواجه خصوماً أكبر منه سناً وأقوى جسداً.
والده رفض عروضاً من ريال مدريد في البداية، مفضلاً أن يبقى ابنه في سانتوس ليستمتع باللعب قبل أن يطارد المجد، كانت لمساته السحرية تذكيراً ببهجة الكرة البرازيلية القديمة، لم يكن نيمار يلعب من أجل الأرقام، بل من أجل المتعة، لكن مع كل مراوغة وهدف كان يخطو خطوة نحو النجومية العالمية التي لاحقته في برشلونة وباريس سان جيرمان.