بن رمضان "المايسترو الصامت" في الأهلي

رغم مرور أشهر عدة على إبرام النادي الأهلي المصري للصفقة التي طالما انتظرها الجمهور، والتي طالب بها المدرب السابق مارسيل كولر كثيراً، والمتمثلة في ضم التونسي محمد علي بن رمضان، إلا أنها لم تُثمر بعد بالشكل المنتظر. فحتى الآن، لا يزال اللاعب بعيداً من الصورة التي رسمها له الجمهور، ولم يقدّم الإضافة الكبيرة المنتظرة في وسط ملعب الفريق.
بن رمضان الذي كان "المايسترو الحقيقي" لوسط الترجي التونسي، وواحداً من أبرز المواهب في القارة الأفريقية، لم يظهر بالبريق نفسه داخل "القلعة الحمراء". فالرجل الذي أدار منظومة الترجي بذكاء، وصنع الفارق بتمريراته الحاسمة ورؤيته الواسعة، بدا في الأهلي كأنه مقيّد بأدوار لا تُناسب قدراته.
يمتلك بن رمضان كل ما يُميّز لاعب الوسط العصري؛ سرعة، ومهارة عالية، وقدرة على المراوغة وصناعة اللعب، إلى جانب تسديدات قوية، وشخصية قيادية جعلته محور أداء الترجي لسنوات. غير أنّ ماكينة اللاعب لم تعمل بطاقتها كاملة في منظومة الأهلي، التي لم تمنحه حتى الآن الحرية الكافية لإظهار إمكاناته. فبدا كأنه "مايسترو صامت" لا يستطيع أن يبدأ بعزف معزوفته الخاصة.
منذ مشاركته الأولى في كأس العالم للأندية، ومروراً بمبارياته المحلية، ظهر بعض اللمحات من بريقه المعروف، خصوصاً في المباريات الكبرى، لكنها بقيت محدودة. مع كل مباراة يشارك فيها بن رمضان يظهر كأنه يختنق داخل نظام لا يمنحه حرية الحركة، ولا يُتيح له أداء دوره المفضل كصانع ألعاب حر "رقم 10"، وهو المركز الذي برع فيه سابقاً سواء مع الترجي أو منتخب تونس، إذ كان يربط الدفاع بالهجوم ويقود الفريق من العمق بذكاء وثقة.
ومع حالة عدم الاستقرار الفني التي عاشها الأهلي أخيراً، بين مغادرة خوسيه ريفيرو وتولي عماد النحاس الموقت، لم يجد اللاعب بيئة فنية مستقرّة تمنحه الثقة أو الدور المناسب، ليصبح أحد ضحايا التغيرات المتكرّرة في الجهاز الفني.
لكن قد يحمل المستقبل القريب صفحة جديدة؛ فمع إعلان التعاقد مع الدانماركي بيس توروب، المعروف بفلسفته الهجومية وعدم اعتماده على التحفظ الدفاعي، قد يحصل بن رمضان أخيراً على الفرصة التي ينتظرها. المدرب الجديد الذي بدأ دراسة ملفات جميع اللاعبين، وقد يُعيد اكتشاف اللاعب التونسي ويمنحه الحرية التي تُمكّنه من التحليق مجدداً.
يمتلك الأهلي بالفعل جوهرة حقيقية في وسط الملعب متمثلة في محمد بن رمضان، لكنها تحتاج إلى من يعرف كيف يصقلها ويوظفها بالشكل الصحيح. فحين يُطلق العنان لإبداعه، يمكن أن يتحوّل من "قطعة لامعة" إلى سلاح حاسم في معارك الأهلي الكبرى محلياً وقارياً.