الرياضة في الميتافيرس... تجربة تجمع الجسد بالتقنية والهوية الرقمية
الميتافيرس يدمج الواقع والتجربة الرقمية في الرياضة، ما يمكّن التفاعل الجماعي، التمرين الشخصي، والفعاليات الافتراضية، مع فرص للشركات الكبرى لبناء هوية رقمية وتجارب مبتكرة.
يكاد لا يمر يوماً في هذه الأيام إلا ويقدم لنا العالم أفكاراً تقدمية في الحياة المجتمعية، وتعيد صياغة المفاهيم في العمل والعلم وحتى في الترفيه، وعليه الرياضة ليست بعيدة عن هذا الواقع بطبيعة الحال. وفي هذه الأيام برزت الميتافيرس، وهي تجربة تمزج بين الواقع والتفاعل الرقمي، لتصبح ممارسة الرياضة أكثر تفاعلية وابتكاراً، وتفتح آفاقًا غير مسبوقة للعلامات التجارية والرياضيين.
تعريفياً، الميتافيرس هو رؤية لشبكة مترابطة ومستمرة من العوالم الافتراضية ثلاثية الأبعاد حيث يمكن للمستخدمين، الذين يتم تمثيلهم بواسطة الصور الرمزية، التواصل الاجتماعي والعمل واللعب باستخدام تقنيات مثل الواقع الافتراضي والمعزز. ويعتبر التطور القادم للإنترنت، حيث يمزج التجارب الرقمية مع العالم المادي من خلال أجهزة مختلفة ويهدف إلى أن يكون بيئة سلسة وغامرة لمجموعة واسعة من الأنشطة. رغم أن هذا المفهوم لا يزال غامضاً لدى كثير من قادة الأعمال، فإن شركات رياضية كبرى بدأت بالفعل استكشاف هذه الإمكانات. وأصبحت التجارب المبكرة مثالاً على كيفية دمج الجهد البدني مع التفاعل الرقمي لإعادة تعريف تجربة المستخدم في الرياضة.
الشركات الكبرى تلحق القطار
كانت العلامة التجارية NIKE من أوائل الشركات التي دخلت واستثمرت في هذا العالم. في 2022 أطلقت مشروعها الافتراضي Nikeland ضمن منصة Roblox، لتقدم ما يُعرف بـ"الميتافيرس المصغّر". صُممت Nikeland باستخدام Roblox Studio لتتيح للمستخدمين تجربة منتجات Nike، المشاركة في ألعاب مصغّرة، وشراء NFTs تمثل أحذية وملابس رقمية.
الأكثر تميزاً هو صالة العرض الافتراضية، حيث يمكن للمستخدمين ابتكار منتجاتهم الخاصة، وهو ما يعكس تحول Nike من مجرد بيع منتجات إلى بناء مجتمع تفاعلي رقمي.
نجحت التجربة بسرعة، إذ تجاوز عدد الزوار 7 ملايين شخص من 224 دولة، وأصبحت جزءاً أساسياً من استراتيجية نايكي التسويقية والترويجية، بما في ذلك استضافة فعاليات كبرى مثل مشاركة النجم ليبرون جيمس خلال أسبوع NBA All-Star.
في المقابل، أديداس- الخصم الأول لنايكي في عالم الملابس والتجهيزات الرياضية- سعت لاستعادة حضورها بين الجيل الشاب عبر مشروع Ozworld عام 2022، بالتعاون مع منصة Ready Player Me. تقوم الفكرة على منصة لإنشاء الصور الرمزية (Avatars) باستخدام الذكاء الاصطناعي، ما يمكّن المستخدمين من تصميم هويتهم الرقمية الخاصة، مستوحاة من مجموعة أديداس الجديدة.
وقد حققت التجربة تفاعلًا كبيرًا، مع 250 ألف مستخدم فريد في الأسبوع الأول وخلق 10 ملايين صورة رمزية فريدة، ما جعل adidas تتحول إلى رائدة في تقديم تجربة هوية رقمية مبتكرة داخل الميتافيرس.
الميتافريس. (وكالات)
التكنولوجيا والميتافيرس
يمكن ممارسة الرياضة داخل الميتافيرس من خلال مجموعة من التقنيات المترابطة، وأهمها أجهزة الاستشعار القابلة للارتداء (Wearables) لقياس الأداء البدني ونقله للبيئة الافتراضية. وأيضاً نظارات الواقع الافتراضي (VR) لمحاكاة الملاعب والصالات الرياضية بتجربة غامرة. ويمكن إضافة الذكاء الاصطناعي لتخصيص التمارين وتحليل سلوك المستخدمين. ,اخيراًً، الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs) لتوثيق ملكية المنتجات الرقمية. هذه الأدوات مجتمعة تجعل من التدريب الرقمي تجربة تفاعلية، محفزة، وشخصية، مع قدرة العلامات التجارية على بناء علاقات أعمق مع المستهلكين.
الميتافريس. (وكالات)
المستقبل والميتافيرس
الرياضة في الميتافيرس تمنح تجربة مختلفة تمامًا: ممارسة جماعية رغم المسافات، تحفيز مستمر عبر الألعاب والفعاليات الافتراضية، وإمكانية الوصول للجميع بما في ذلك ذوي الإعاقة أو من يفتقدون البنية التحتية الرياضية الواقعية.
ورغم هذه المزايا، هناك تحديات مثل تكلفة الأجهزة المتقدمة، ضعف الإحساس الجسدي مقارنة بالواقع، ومخاطر الإفراط في التفاعل الرقمي.
مستقبل الرياضة في الميتافيرس شركات مثل Nike وadidas أثبتت أن الميتافيرس واقع اليوم. بحلول 2030، من المتوقع أن تصبح الصالات الرقمية جزءاً من حياتنا اليومية، مع بطولات افتراضية وبرامج تدريب شخصية تعتمد على بيانات كل مستخدم.
الرياضة في الميتافيرس تعيد تعريف العلاقة بين الجسد والتقنية والهوية الرقمية، لتصبح التجربة متكاملة: رقمية وواقعية في الوقت نفسه، وتتجاوز حدود المكان والزمان.