بطلة العالم سيلفي سماحة لـ"النهار": لا أندم على تمثيل لبنان

في عالم طالما اعتُبر حكراً على الرجال، اقتحمته اللبنانية سيلفي سماحة بكلّ شجاعة لتُعيد رسم الحدود وتكسر القيود. من الحلبة، حيث القتال والإصرار، إلى منصة التتويج العالمية، رفعت علم لبنان عالياً لتصبح أول لبنانية تُتوج بطلة للعالم في فنون القتال المختلطة، لوزن 52.2 كلغ فئة السيدات فوق 21 سنة، والتي أقيمت أخيراً في جورجيا.
إنجاز لم يكن مجرد فوز رياضي، بل صفعة على وجه كل من ينتقد امرأة لأنها تمارس حقها وقناعاتها لتحقق أحلامها، وهي رسالة لكل فتاة بأنّ المقاتلة في داخلها لا تحتاج سوى إلى إيمان بنفسها لتُغيّر المعادلة.
وتؤكد سماحة "كما هو معروف أن فنون القتال المختلطة تشهد عنفاً وقسوة، وأحياناً نشاهد دماء في النزال، لكن في الوقت ذاته تعلمنا كيفية السيطرة والتحكم بأفعالنا، وفي النهاية المنافس ليس عدواً، ويجب التحكم بالتصرفات".
وتضيف في حديث مع "النهار": "في البداية لم يكن أحد يثق في قدرتي على تحقيق هذا الإنجاز، نظراً لصعوبة ممارسة الرياضة وعدم الاهتمام بها من المعنيين وغياب الدعم. كل هذه الأمور أعطتني دافعاً لتحقيق أهدافي، بدعم من خطيبي، الذي كان السلاح الأقوى في مسيرتي، بالإضافة إلى المدرب وكلماته المؤثرة والداعمة ونصائحه التي دائماً تكون في مكانها".
"لا أندم على تمثيل لبنان"
ومن دون دعم من المسؤولين، أثبتت سيلفي أن الطموح لا ينتظر تصفيق أحد والنجاح الحقيقي يولد من الإصرار لا من المساندة، ورغم ذلك، "أنا فخورة بتمثيل لبنان أمام دول قوية وإحراز الذهب لأول مرة في تاريخ لبنان للسيدات".
تتابع: "في لبنان لا يوجد دعم، خصوصاً في هذه الرياضة، وتحديداً على الصعيد المالي. لا أندم على اللعب باسم لبنان، وفخورة بهويتي، وفي الوقت ذاته، أشعر بغصة حين أرى لاعبات من دول أخرى تشاركن في البطولات، ولديهن أكثر من مدرب وطاقم فني وإداري وطبي مرافق، ولا يسألن عن التكاليف من فنادق وطعام وتذاكر طيران وتأشيرات ومعسكرات وغيرها".
من إصابة إلى التتويج
ولم تكن رحلة سماحة سهلة، بل عاشت مرارة لنحو سنة، بعدما تعرضت لكسر بيدها منعها من المشاركة في بطولة العالم في الدورة الماضية، ثم تعافت لكنها اصطدمت بالحرب الأخيرة.
لكنها، "كنت متعطشة لخوض النزالات وتحقيق انتصارات، فاتخذت قراراً طارئاً في ظل إقفال الصالات الرياضية بسبب الحرب في لبنان، وبدأت أتدرب بمفردي وبشكل مكثّف من أجل الوصول إلى الجاهزية المطلوبة"، تضيف.
وتدرك سيلفي أنها معرضة للإصابة في أي لحظة: "فنون القتال المختلطة رياضة قاسية وعنيفة، وتحتاج إلى قوة تحمّل، لكنها أيضاً تمنح المرأة ثقة كبيرة".
أما المشكلة الأكبر التي واجهتها في البطولة العالمية، فكانت عدم معرفة المنافسة إلا قبل ساعات من النزال، "هذا ينطبق على كل المنافسات، ويصعّب المهمة علينا، وننتظر أول جولة لقراءة إمكانات الخصم".
أنوثة أم لا؟
من كل هذه التحديات التي واجهتها سيلفي، يبقى سؤال الجماهير: "هل يمكن أن تؤثر الرياضة القتالية على أنوثة المرأة؟".
تجيب بطلة العالم: "أول فترة بدأت ممارسة فنون القتال المختلطة، عانيت من بعض التحفظ من العائلة والأصدقاء، لأن المعروف عنها أنها عنيفة، لكن مع النتائج والظهور بشكل مميز، تحوّل التحفظ إلى دعم كبير".
تضيف: "ليست رياضة ذكورية ولا تقلل من أنوثة المرأة، بل العكس تعطيها ثقة أكبر بنفسها، حتى لو كل العالم كان ضدها. في النهاية هذا الأمر يعود إلى شخصية الفتاة وطريقة تعاملها مع اللعبة: بإمكانك أن تكوني قوية وتحافظين على الأنوثة، أو تكوني قوية وتخسرينها".