بطولة الأندية العربية الـ37 بكرة السلة: مخالفات "التجنيس" وأخطاء "التحكيم"

شهدت النسخة الـ37 من بطولة الأندية العربية لكرة السلة التي نظمها الاتحاد العربي لكرة السلة جدلاً واسعاً حول ملفين أساسيين: "اللاعب المجنس" و"الأخطاء التحكيمية"، اللذين كشفا عن عمق المشكلة التي يعاني منها الاتحاد في تطبيق قوانينه وأنظمته.
الكيل بمكيالين في التعامل مع الفرق المشاركة يطرح أكثر من علامة استفهام حول كيفية إدارة البطولة، وطريقة تطبيق النظام والقانون على كل المشاركين بمساواة ومن دون "صيف وشتاء" تحت سقف واحد.
عملياً، لا أحد يمكنه أن ينكر الجهد الذي بذله اللواء إسماعيل الغرغاوي مدى 10 سنوات، منذ توليه رئاسة الاتحاد العربي عام 2015 لتطوير كرة السلة العربية وتحسينها ونشرها وتعزيز حضورها في كل الدول العربية. ولا يمكن لأحد أن يشكك في حرصه على النزاهة والعدالة في التعامل مع كل الفرق.
لكن، يبدو أنّ الملفين يحتاجان إلى تدخل مباشر منه لضبطهما بطريقة حاسمة وحازمة، بعيداً من التفرّد وتضارب المصالح والمحسوبيات من أي جهة أتت ولأي جهة كانت.
ما حصل في النسخة الـ37 على صعيد اللاعب المجنس والتحكيم، من إنحياز لبعض الفرق على حساب فرق أخرى مرفوض وغير مقبول بكل الأعراف والقوانين.
والسؤال برسم الأمين العام للاتحاد الدولي لكرة السلة أندرياس زاغليس والأمين العام للاتحاد الآسيوي أغوب خاجريان، اللذين يرفضان الظلم التحكيمي والانحياز والتلاعب بالقوانين والأنظمة وتحديداً تلك المتعلقة بلوائح اللاعبين.
ونحن بدورنا نسأل، انطلاقاً من حرصنا على الاتحاد العربي الذي تشكل كرة السلة اللبنانية بمنتخباتها وفرقها عموده الفقري، كيف أنّ هناك فرقاً تلعب في البطولة بأكثر من ثلاثة لاعبين أجانب على أرض الملعب خلافاً للقانون والنظام، وتحت ذريعة "لاعب مجنس"، ويحرم فريق الحكمة بيروت من إشراك المجنس أتر ماجوك (حصل النادي على موافقة بإشراكه في البطولة من أحد المسؤولين البارزين في الاتحاد العربي لكن الأخير تراجع عن موقفه بعد وصول بعثة الحكمة إلى مدينة دبي الإماراتية)، والسماح لفريق الريان القطري، الذي نكن له ولإدارته وجهازه الفني ولاعبيه وجمهوره كل التقدير والاحترام، بإشراك أكثر من 3 لاعبين من غير القطريين (أجانب ومجنسين) خلافاً للمادة الثانية من فقرة "أهلية اللاعبين" التي تنص حرفياً على ما يأتي: "يسمح لكل ناد مشارك بتسجيل ثلاثة لاعبين (أجانب أو معارين أو مجنسين) ويحق لعدد 2 منهم اللعب داخل الملعب معاً" (تم رفع عدد اللاعبين على أرض الملعب إلى ثلاثة)".
أما مقولة أنّ اللاعب المجنس تحت 16 سنة يحق له أن يلعب كلاعب محلي "هرطقة"، لا بل ذريعة لتبرير الخطأ. فعلى اللاعب المجنس قبل 16 سنة أن يلعب في دوري البلد الذي حمل جنسيته، وأن يكون أقله مشاركاً مع المنتخب الوطني.
انطلاقاً من هذا الواقع، نتمنى على الأمين العام للاتحاد العربي العميد عبدالله شلبي، بكل محبة وتقدير واحترام، ومن دون أي خلفيات أو أحكام مسبقة، أن يعلمنا من باب "الحشرية والفضول الإعلامي" مع أي فرق قطرية لعب مجنسو فريق الريان القطري في بطولة الدوري المحلي؟ ومتى شاركوا مع المنتخب؟ والسؤال ليس تشكيكاً في عدالة الأمين العام وشفافيته، بل منعاً لأي تأويلات أو ذرائع أو حجج. وما صحة وجود لاعبين أجنبيين في أحد الفرق المشاركة في البطولة يحمل كلاً منهما جواز سفر من دول عربية معبأً بخط اليد؟
أما في موضوع التحكيم والظلم الذي طاول الفريقين اللبنانيين، فندعوك حضرة الأمين العام لإعادة مشاهدة مباريات فريقي الأنطوني بعبدا والحكمة بيروت بروية، بعيداً من ضغط البطولة، والأهم من دون "عقدة" كرة السلة اللبنانية وفرقها ومنتخباتها، واكتشاف الظلم الذي لحق بفريق الأنطوني بعبدا وطريقة إخراجه من البطولة عن سابق إصرار وتصميم! وسوء التحكيم الذي طاول فريق الحكمة بيروت في كل مبارياته ولا سيما منها مباراتي الدورين ربع النهائي ونصف النهائي، أما في النهائي فحدث ولا حرج! ما يدفعنا إلى القول والتأكيد للمرّة المليون "شكراً على نعمة الحكم اللبناني"، الذي يبقى الأفضل والأحسن ليس عربياً فحسب بل قارياً أيضاً.
أما في موضوع تقنية "الفيديو المساعد" (IRS) فكانت غير قانونية لأنّ كاميرات التصوير كانت من جهة واحدة من الملعب وليست من الجهتين، وبالتالي فإنّ العودة الى "IRS" لم تكن متاحة من كل الجهات والزوايا. وهذا غير قانوني ويطرح أكثر من علامة استفهام حول الأسباب والدوافع؟
حضرة الأمين العام، أنتم تعلمون، من دون أدنى شك، أنّ مشاركة المنتخبات والفرق اللبنانية في بطولات الاتحاد العربي ودوراته إضافة فنية وجماهيرية على حد سواء، ولو لم تكن كذلك لما كان إصراركم على مشاركة فريق الحكمة وإعفائه من كل الرسوم، خصوصاً في ظل غياب فرق من دول لها تاريخ في اللعبة مثل مصر، تونس، المغرب، الجزائر الأردن والمملكة العربية السعودية. فلماذا الإصرار على محاربتها؟
أما في موضوع التكريم وتوزيع الدروع في نهاية البطولة، فشعرنا للوهلة الأولى أننا نشاهد مقطعاً من البرنامج الذي اشتهر في السنوات الماضية "L’école des fans" والذي يفوز فيه الجميع ويكون الكل "فرحاناً سعيداً".
ختاماً، لم يخرج موقف رئيس الاتحاد اللبناني لكرة السلة والنائب الأول لرئيس الاتحاد الآسيوي أكرم الحلبي من العدم، ولم تكن صرخته الرافضة طريقة التعامل مع الفرق اللبنانية في البطولة إلا انطلاقاً من وقائع ومعطيات واضحة، وهو المعروف عنه دفاعه المحق عن أنديته وفرقه ولاعبيه ومدربيه بوجه أي ظلم أو إجحاف، وأنه لا يتخذ أي موقف من دون أدلة وبراهين. ولا يبدو، وفق مسار الأمور، أنّ موقفه لن يقتصر على الكلام بل قد يترجم عملياً بقرارات قد تشكل سابقة في تاريخ الاتحادين اللبناني والعربي.