ليس دوري اعتزال... السعودية تُعيد تصدير النجوم إلى أوروبا

تغيّرت الصورة النمطية للدوري السعودي للمحترفين، والذي كان يُنظر إليه سابقاً محطة نهائية في مسيرة النجوم بعد مغادرتهم إلى أندية أوروبا الكبرى. أما اليوم، فقد اختلف هذا التصوّر كلياً في ظل الطفرة الاستثمارية الكبيرة التي شهدها الدوري خلال السنوات الأخيرة.
وبات دوري "روشن" السعودي بطولة تنافسية تفرض احترامها فنياً، وتُغري أندية أوروبا للتفاوض مع لاعبيه الذين تألقوا على ملاعبه، ليعود بعضهم إلى القارة العجوز بأدوار متجددة وفرص أقوى.
منذ انطلاق المشروع الجديد لكرة القدم السعودية، استقطبت المسابقة نجوماً من الصف الأول في أوروبا، يتقدمهم النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، الذين جاؤوا بحثاً عن تحديات جديدة وشهرة أوسع. لكن ما حدث فاق التوقعات، إذ وجد اللاعبون أنفسهم في بيئة احترافية عالية ومنافسة قوية، جعلت بعضهم يعيد اكتشاف مستواه ويثير اهتمام كبريات الأندية الأوروبية من جديد.
شهدت فترات الانتقالات الأخيرة عودة عدد من نجوم الدوري السعودي للمحترفين إلى الملاعب الأوروبية، أبرزهم الإسباني إيميريك لابورت، الذي انتقل من النصر إلى أتلتيك بيلباو في مقابل 17 مليون يورو، ليؤكد أنّ التجربة السعودية كانت خطوة في مسار تطوّره، لا نهاية لطموحه.
وفي الأهلي، اختار الإسباني الشاب غابري فيغا استعادة مسيرته الأوروبية عبر بوابة بورتو البرتغالي، بعد موسمين قدم فيهما لمحات من موهبته التي كانت قد لفتت الأنظار سابقاً في "لا ليغا" برفقة سلتا فيغو.
وقبله، غادر الفرنسي آلان سان ماكسيمان صفوف الأهلي معاراً إلى فنربخشة التركي، قبل أن ينتقل لاحقاً إلى كلوب أميركا المكسيكي.
أما البرتغالي جوتا، فقد أنهى تجربته القصيرة مع الاتحاد، ليعود إلى أوروبا من بوابة نادي رين الفرنسي، ثم يحط الرحال مجدداً في سلتيك الاسكتلندي.
ومن أبرز القصص التي أثارت الجدل، تجربة الإنكليزي جوردان هندرسون قائد ليفربول السابق، الذي انضم إلى الاتفاق وسط ضجة إعلامية كبيرة، لكنه لم يستمر سوى ستة أشهر قبل أن يرحل إلى أياكس الهولندي. تجربة قصيرة لكنها عكست صعوبة التحدي في الدوري السعودي، وضرورة التأقلم الذهني والثقافي، إلى جانب المهارات الفنية.
وفي سيناريو مشابه، لم يتمكن الهداف الكولومبي جون دوران من فرض نفسه مع النصر، رغم قدومه من أستون فيلا في صفقة قياسية، ليغادر سريعاً إلى فنربخشة التركي على سبيل الإعارة، بحثاً عن انطلاقة جديدة في مسيرته.
ولا تزال أنظار العديد من أندية أوروبا تتجه نحو نجوم الدوري السعودي، في مقدمهم الصربي سيرجي ميلينكوفيتش سافيتش، نجم وسط الهلال، الذي دخل دائرة اهتمامات جوفنتوس الإيطالي مع اقتراب نهاية عقده. تألق سافيتش بأدائه المتوازن بين القوة والمهارة جعله هدفاً جذاباً للعودة إلى أوروبا، في تأكيد جديد على أن الدوري السعودي بات منصة لتصدير النجوم، لا مجرد محطة استهلاك.
الأمر نفسه ينطبق على زميله البرتغالي روبن نيفيز، الذي يحظى باهتمام من مانشستر يونايتد وأندية أوروبية كبرى عدة، بعد أن استعاد جزءاً كبيراً من مستواه خلال تجربته مع الهلال، عقب مسيرة مميزة في الدوري الإنكليزي الممتاز.