التّوقف الدولي بين الواجب الوطني وحسابات الأندية

لم تكن العلاقة مثالية يوماً بين الأندية والمنتخبات، لكنها كانت على الأقل واضحة الملامح؛ كل طرف يعرف حدوده ودوره ويسعى لتحقيق المصلحة العامة. لكن في السنوات الأخيرة تصاعد التوتر بين الجانبين تصاعداً ملحوظاً.
معركة متعددة الأطراف
المعركة لا تقتصر على طرفين فقط، بل تشمل الأندية والمدربين واللاعبين والجماهير، ولكل منهم مبرراته الخاصة.
في الماضي، كانت الأندية تفتخر بانضمام لاعبيها إلى منتخبات بلادهم، باعتبار ذلك دليلاً إلى تميّزهم وتألقهم، أما اليوم، فقد تحوّلت فترات التوقف الدولي إلى صداع داخل إدارات الأندية، لما تسببه من إرهاق وإصابات متكررة قد تمتد آثارها لفترات طويلة.
على الجانب الآخر، يرى مدربو المنتخبات أن لهم الحق الكامل في استدعاء لاعبيهم وفق الأجندة الدولية، وأن حضور العناصر الأساسية حتى في اللقاءات الودية ضروري لتحقيق الانسجام وبناء هوية فنية مستقرة تضمن الجاهزية للبطولات الكبرى.
أما اللاعب، فيجد نفسه بين مطرقة النادي وسندان المنتخب. فهو يسعى للحفاظ على مكانته في فريقه، ويخشى فقدانها بسبب الغياب أو الإصابة، وفي الوقت ذاته يدرك أن تمثيل المنتخب يمثل قمة الطموح بالنسبة له. لكن ضريبة هذا الطموح باتت مرتفعة؛ فالحمل البدني المتواصل وكثرة السفر والمباريات يجعلانه عرضة للإصابات المتكررة.
أزمة لامين يامال الأخيرة، جناح برشلونة ومنتخب إسبانيا، الذي تجددت إصابته في منطقة العانة وسط تقارير تؤكد غيابه لأسابيع، تعكس العلاقة المتوترة بين الأندية والمنتخبات بوضوح. فقد انتقد مدرب برشلونة، الألماني هانسي فليك، مدربي المنتخبات الوطنية، وطالب بمراعاة الحالة البدنية للاعبين، خصوصاً أن النادي كان قد طالب إراحة اللاعب في التوقف الماضي، وهو ما رفضه لويس دي فوينتي مدرب إسبانيا الذي تعجب من هذه التصريحات.
خسائر الأندية المتكررة بسبب الإصابات لم تقتصر آثارها على الأجهزة الفنية، بل امتدت إلى المدرجات. فالكثير من الجماهير باتت ترى أن فترات التوقف الدولي “تقتل متعة اللعبة”، وأن الانتماء للأندية بات أقوى من الانتماء للمنتخبات. هذا التحول في المزاج الجماهيري يعكس واقعاً جديداً في كرة القدم الحديثة، حيث تغلب المصالح والاحتراف على العاطفة الوطنية القديمة.