غرفة ملابس مدريد… الضريبة التي يدفعها ألونسو من إرث أنشيلوتي

دخل تشابي ألونسو إلى ريال مدريد وهو محمل بآمال كبيرة لتجديد الفريق وتغيير صورته النمطية، فقد أراد المدرب الباسكي أن يطبق فلسفة "كرة القدم الحديثة"، التي تعتمد على الانضباط التكتيكي والالتزام الجماعي، ويصبح اسم اللاعب وتاريخه أمراً ثانوياً أمام دوره ضمن المنظومة.
هذه الفلسفة هي التي صنعت نجاحه الساحق مع باير ليفركوزن، وجعلت منه واحداً من أكثر المدربين طلباً في أوروبا، ثم لمّا وصل إلى "سانتياغو برنابيو"، اكتشف أن التطبيق أصعب بكثير ممّا كان يتخيّل.
تركة أنشيلوتي... ثقافة التدليل
ما يعيق ألونسو اليوم ليس خصومه في الملعب، بل الإرث الداخلي الذي تركه كارلو أنشيلوتي؛ فالمدرب الإيطالي اشتهر بمرونته مع النجوم، وبتقديم "المعاملة الخاصة" للفئات المحمية في غرفة الملابس. وفي سنواته الأولى، جنى ثمار هذه السياسة من خلال الألقاب، أبرزها دوري أبطال أوروبا 2022. لكن الموسم الماضي كشف حدودها بوضوح، بعدما أصبح الفريق أسير الأسماء أكثر من الحالة الفنية.
ألونسو، الذي جاء ليفرض النظام على الجميع، وجد نفسه أمام غرفة ملابس مليئة بالنجوم، الذين اعتادوا أن تُحترم أسماؤهم قبل جاهزيتهم. كل قرار باستبدال نجم كبير أو تركه على الدكة يقابله امتعاض، وجوه عابسة، رفض للإحماء أو مواقف سلبية معلنة، والأخطر أن هذه الاعتراضات تجد دعماً من زملاء آخرين يخشون أن يكونوا الضحية التالية.
صراع داخل الصراع
المدرب الباسكي لا يخوض معركة تكتيكية فقط، بل معركة نفسية يومية، فعليه أن يوازن بين تنفيذ خططه وضمان رضا النجوم الكبار. وبدلاً من أن يركز فقط على تحضير المباريات ونقل أفكاره عبر التدريبات والفيديوات، صار مطالباً بالبحث عن مكان دائم لـ"البقرات المقدسة" في تشكيلته، حتى لو كانوا بعيدين عن الفورمة البدنية أو الذهنية.
بهذا الشكل، يتضاعف الضغط على ألونسو، ويصبح مشروعه الإصلاحي مهدداً من الداخل قبل أن يواجه أي خصم أوروبي أو محلي.
فلورنتينو بيريز في قلب المعادلة
الواقع الحالي يضع رئيس النادي فلورنتينو بيريز أمام معضلة جديدة، فتاريخ ريال مدريد الحديث أثبت أن النجاحات جاءت عبر استرضاء النجوم أكثر من فرض الأنظمة، كما حدث مع ديل بوسكي، زيدان، وأنشيلوتي، لكن كرة القدم تطورت، والفرق الكبرى أصبحت اليوم أقرب إلى رقعة شطرنج، إذ تحسم التفاصيل والانضباط أكثر من الأسماء الكبيرة.
وبات القرار الآن بيد بيريز، فإما أن يمنح ألونسو صلاحيات كاملة لفرض نظامه، وإما أن يكرر المعادلة القديمة التي قد تحفظ هدوء النجوم لكنها تهدّد استمرار المشروع.
ما يعيشه تشابي ألونسو هو ضريبة مباشرة لسنوات من التساهل والتدليل، إذ ورث غرفة ملابس مشبعة بثقافة الامتيازات، وعليه أن يدفع ثمن إعادة ضبطها؛ فالمعركة الحقيقية للمدرب ليست فقط على أرض الملعب، بل في كواليس مدريد، إذ تحدد الوجوه الغاضبة والمواقف الفردية مستقبل مشروعه.