يحظى ساحر القبيلة بمكانة رفيعة بين العامة، بفضل الأعمال الخارقة التي يؤدّيها، حتى تأتي لحظة يعتقد فيها الناس أنّ السبب في تفوّقه هي البلورة التي بحوزته. لكن أول خطوة لسقوطه أنه يسارع إلى تهشيمها ليثبت أنه ليس بحاجة إليها، وأنّ ما يقوم به نابع منه فقط!

كشفت مواجهة برشلونة وباريس سان جيرمان، التي انتهت بفوز النادي الفرنسي بهدفين لهدف على ملعب "مونتجويك" في إسبانيا، الكثير عن السحرة. كانت الحرب دائرة بين الأفكار والأدوات، حتى تحقق الانتصار، لكن الطرف الخاسر نال الاحترام لأنّ بعض التفاصيل أوقفت طموحه.

عاش الألماني هانسي فليك مدرّب برشلونة لحظة خاصة حيث شاهد لاعبيه يؤدون بقوة في الشوط الأول، لكنه كان على دراية بأنّ نسق الأداء سينهار مع مرور الوقت لأنّ مقاعد البدلاء ليس فيها أسماء قادرة على تقديم أداء مقارب لما يقدمه النجوم الأساسيون.

شاهد فليك بنفسه كيف أثمر الضغط على البرتغالي فيتينا، نجم وسط باريس سان جيرمان، ودفعه إلى الخطأ، وتسبب بهدف التقدّم، ثم تسارعت الأحداث وتأكد أنّ بيدري الذي تسبّب بإرهاق المنافس انهارت قواه وخرج من أرض الملعب قبل نهاية المباراة بعشر دقائق تقريباً، ليكتشف فداحة الموقف على أرض الواقع.

كانت إصابات برشلونة مؤثرة، لأنها سحبت منه نجوماً مثل الحارس لويس غارسيا، والجناح البرازيلي رافينيا، والثنائي الإسباني غافي وفيرمين لوبيز، ولم يكن لدى فليك نجوم على مقاعد البدلاء يسعفون أفكاره.

أما الإسباني لويس إنريكي مدرب باريس سان جيرمان فيملك قدرات كبيرة تخدم أفكاره الهجومية، وحتى مع الضغط الكبير الذي تعرّض له مع بداية المباراة، استطاع الفريق استيعاب صدمة هدف برشلونة الأول، والضغط والتفوّق في الشوط الثاني والخروج بنقاط المباراة خارج دياره.

المدرب لويس إنريكي. (أ ف ب)

كان لدى باريس إصابات مثل عثمان ديمبيلي الحاصل على الكرة الذهبية أخيراً، بالإضافة إلى الجناح خفيتشا كفاراتسخيليا وديزيري دوي، لكنه في الوقت نفسه يملك بدلاء على درجة كبيرة من التفوّق، بالإضافة إلى الظهيرين نونو مينديش وأشرف حكيمي المصنفين بأنهما الأفضل في مركزهما على مستوى العالم.

خسر فليك لأنه كان ساحراً، لكن ضاعت منه بلورته، وسط أسئلة وجودية عن سوق الانتقالات الصيفية التي مرّت من دون الحاجة إلى مزيد من التعاقدات. ولماذا تراجع مستوى داني أولمو وتفضيل المدرب الألماني لفيرمين لوبيز عليه منذ بداية الموسم؟

ما يميز فليك أنه ليس دائم الشكوى، لكنه يكتفي بذكر ما بداخله من مشاعر في الغرف المغلقة، ويكفي أنّ خوان لابورتا رئيس برشلونة شاهد بنفسه مدى جودة اللاعبين وتأثير الغيابات. وهناك فارق كبير بين مواجهة ريال أوفييدو في الليغا وباريس سان جيرمان في منافسات دوري أبطال أوروبا.

في المقابل، جاء إنريكي إلى ملعب "مونتجويك"، وهو بطل دوري أبطال أوروبا، وآخر المدربين الذين فازوا باللقب مع برشلونة 2015 على حساب جوفنتوس الإيطالي في برلين. لكن أفكاره تخدمها الأدوات التي وفرتها إدارة باريس سان جيرمان بعدما تغيرت الفلسفة الخاصة باقتناء النجوم أمثال ليونيل ميسي ونيمار وكيليان مبابي والحصول على بدائل شابة متعطشة للفوز.

كان فليك كالساحر الذي تعترف الأغلبية بقدراته، ويدرك أنّ الأفكار يجب أن تكون لها أجنحة للتحليق والفوز، لكن من الخطأ ترك البلورة في منزل لابورتا.