في كرة القدم الحديثة، أصبح الحفاظ على القوّة الدفاعية تحدياً بالغ الصعوبة، خصوصاً مع تزايد الانتقالات ومغادرة اللاعبين الأساسيين الفرق الكبرى. هذه التحوّلات أدّت إلى انخفاض ملحوظ في أداء الخطوط الخلفية للعديد من الفرق مع بداية الموسم الحالي، وجعلتها أكثر عرضة لتلقي الأهداف بشكل متكرّر.

نادي بورنموث كان استثناءً لافتاً، إذ أظهر انسجاماً دفاعياً غير مسبوق؛ ففي فترة انتقالات مليئة بالتحديات، استطاع المدرب الإسباني أندوني إيراولا أن يحافظ على صلابة فريقه بفضل رؤيته المميزة وشخصيته القيادية المثالية.

الصيف لم يكن سهلاً على بورنموث، إذ فقد أربعة لاعبين كباراً أثر رحيلهم كان يمكن أن يكون كارثياً على منظومة الفريق الدفاعية؛ هم زابارني الذي انتقل إلى باريس سان جيرمان، وهويسن الذي انضم إلى ريال مدريد، وكيركيز الذي ذهب إلى ليفربول، وكيبا الذي انتقل إلى أرسنال. ومع ذلك، لم يظهر الفريق أي علامات ضعف أو تراجع، بل عزز قوّته وتماسكه بشكل لافت.

ومع غياب هؤلاء النجوم المؤثرين، تمكن إيراولا من إيجاد الحلول البديلة التي تتناسب مع أسلوب لعبه بمرونة عالية؛ ففريقه الآن يظهر انضباطاً جماعياً وتنسيقاً مميزاً بين خطوطه، بحيث بات قادراً على مواجهة أي تهديد من دون الاعتماد على لاعب فقط، وأصبح النظام التكتيكي يرتكز على التعاون الكامل بين جميع أفراد الفريق، بدءاً من الهجوم وحتى الدفاع، مع دور رئيسي لخط الوسط في الربط بين الجبهات.

المدرب الإسباني أندوني إيراولا. (وكالات)

بعد مرور ست مباريات في الدوري الإنكليزي الممتاز هذا الموسم، أثبتت رؤية إيراولا جدواها بشكل حاسم، ونجح بورنموث في الحفاظ على صلابته الدفاعية، واستقبل سبعة أهداف فقط حتى الآن، وتمكن من احتلال المركز السادس في ترتيب الدوري بفارق نقطة عن كريستال بالاس ونقطتين خلف توتنهام وثلاث نقاط عن ليفربول المتصدر، وسجل الفريق ثلاثة انتصارات وتعادل مرّتين وخسر مباراة فقط.

ما يميز بورنموث تحت قيادة إيراولا هو تقديم نموذج مبتكر لكرة القدم المنظمة والجماعية، بحيث يعتمد الفريق على الضغط العالي والارتداد الهجومي السريع. ومع أنّ إيراولا لم يكن معروفاً على نطاق واسع سابقاً، إلا أنه يعمل بصمت لتطوير مشروع فريد من نوعه بعيداً من الضجيج الإعلامي، وتظهر بوضوح قدرته على بناء هوية متميزة لفريقه.