جول كوندي... الكنز والرحلة
كان الفرنسي جول كوندي أحد نجاحات ثورة خوان لابورتا رئيس برشلونة، بعدما أعلن عقب استخدام الروافع المالية التعاقد مع اللاعب من إشبيلية في ليلة درامية، اعتقدت فيها الأغلبية أنّ تشيلسي ظفر بخدمات اللاعب، ثم انتهى المطاف بالمدافع الواعد داخل النادي الكاتالوني.
للوهلة الأولى، كان كوندي قلب دفاع مميزاً وبارعاً، لكن برشلونة عاش أزمة في مركز الظهير الأيمن ليصبح تشافي بحاجة إلى تعديل مركزه. وقد يكون اللاعب شعر بأنّه سيجري استهلاكه في الركض طوال المباراة لكنه أطاع الأوامر.
حصل برشلونة على قلب دفاع مميز، وظهير أيمن يجري تصنيفه بأنه من بين الأبرز في أوروبا، خصوصاً في عهد الألماني هانسي فليك، الذي ساهم في تطويره ومنحه سلسلة من التعليمات كي يدعم لامين يامال في هذه الجبهة.
استفاد فليك من قدرات كوندي داخل منطقة الجزاء، فهو قوي البنية، ولديه دراية بالالتحامات، ويمكنه إزعاج دفاع المنافسين، وتصعب مراقبته؛ وإذا اقتضت الضرورة فسيذهب لهزّ الشباك مثلما فعل في مواجهة ريال سوسييداد الأخيرة ومنح برشلونة هدف التعادل، بعدما كان الفريق متأخّراً.
مرّ برشلونة بعدد لا بأس به من التجارب الفاشلة في مركز الظهير الأيمن دفعته للقول في لحظة مواجهة مع النفس: "لماذا نحن هنا؟"، بعدما ضم أسماء مثل البرتغالي نيلسون سيميدو، وأعاد البرازيلي داني ألفيس بعدما شارف على الاعتزال. وفي خضم ذلك دفع رونالد أراوخو للعب في هذا المركز لمراقبة فينيسيوس جونيور نجم ريال مدريد.
اعتقد برشلونة أنه استنفد حلول الأرض للقضاء على أزمة الظهير الأيمن، حتى حين ضم كوندي، الذي كان لغرض قلب الدفاع، لكن الضرورة أيضاً دفعته إلى أن يكون أحد أفضل اللاعبين بسبب قدراته الدفاعية والهجومية.
وحين قرّر برشلونة منح الحرية للمدافع الإسباني إينيغو مارتينيز للذهاب في صفقة انتقال حر إلى النصر، كان يدور في مخيّلته، بحسب الصحف، التعاقد مع قلب دفاع يجيد اللعب كظهير، وكأنه من المنطقي أن تتوفر هذه الميزة باستمرار في اللاعبين الذين يصلون إلى النادي، لأنه -على سبيل المثال- يؤدي إريك غارسيا نفس الدور حالياً.

لن تكون الرحلة سهلة للبحث عن "كوندي جديد"، الكنز في غالبية الأحيان يأتي صدفة، لأنه خلف هذا النجاح سلسلة من التحرّكات النفسية لإقناع اللاعب بأداء دور لم يكن يؤديه من قبل على نحو متكرّر، وأن تمنحه الحرية لأن يتحرّك داخل الملعب بعقليته الدفاعية، وروحه هجومية.
ومن بين أسباب نجاح كوندي أنه لا ينسى دوره الأساسي، فتجده يتّحد مع زملائه في داخل الملعب، إذا ما اتخذ الفريق وضعية دفاعية كي يصبح قلب دفاع ثالث يشتت الكرات، في الوقت الذي يصعب فيه على أي ظهير أيمن أن يتقن هذه الأدوار المركبة، لأنه يتطلب مجهوداً بدنياً كبيراً، وذهناً لا يفارقه التركيز.
يعتقد فليك بأنّ الحياة في هذا الموسم تقتضي الحفاظ على كوندي في أفضل حال، فقرّر في كثير من الأحيان عدم الدفع به في بعض المباريات وإراحته، مع إشراكه إذا ما تعقدت الأمور كي يقدم الحلول مع لامين يامال، باعتباره ورقة هجومية قادرة على فض الاشتباك... فقد كان الفرنسي "الكنز والرحلة ومتعة الوصول في آن واحد".
نبض