غوارديولا بحاجة إلى رمية "نرد" من يد مورينيو

يحيط المدير الفني لنادي مانشستر سيتي بيب غوارديولا نفسه بحالة خاصة، فهو "عراب" الاستحواذ والسيطرة واتخاذ أنماط هجومية في أغلب أوقات المباريات، سواء حين درّب برشلونة أو بايرن ميونيخ أو حالياً مع مانشستر سيتي. لكنه بعد سنوات من الإيمان بأفكاره، قرّر تحت الضغط الاستغناء عنها نوعاً ما.
خاض غوارديولا مباراة فريقه أمام أرسنال في الدوري الإنكليزي بتكتيك هجومي حتى حصل على التقدم. ومع بداية الشوط الثاني، انعكست أفكاره، ولجأ إلى الدفاع، وسحب عناصر المقدمة مثل إرلينغ هالاند، وفيل فودين، وفرض سياجاً حول مرماه.
كان غوارديولا بحاجة إلى القليل من الحظ، لأنّ خيبة الأمل التي تعرّض لها تكتيكه جاءت في الدقيقة الثالثة من الوقت بدل الضائع، حين أحرز البرازيلي غابرييل مارتينيلي هدف التعادل، لأنّ اللاعب إذا أخفق في هز الشباك كان سيُخرج المدرب الإسباني منتصراً.
الأزمة أنّ الحديث عن الحظ يمكن أن يجلب الكثير من المشكلات؛ فإذا قرّرت أن تنسب نجاح شخص ما إليه فسيتهمك البعض بأنك تقلل من الآخرين. أما إذا رويت قصة فشلك فسيحلو لك استخدام "سوء التوفيق" كسبب رئيسي في الإخفاق. وعلى الأرجح، لن تواجه نفسك بأنّ القرارات المتهوّرة المتخذة من جانبك أدت إلى تدهور موقفك.
تميل التحليلات إلى استخدام المنطق بحيث سيكون مقبولاً ذكر السبب والنتيجة المترتبة، لكن لن يقف أحد أمام الحظ كعامل رئيسي في النجاح. عاش غوارديولا مغامرة ليست سهلة طوال 45 دقيقة خلال الشوط الثاني.
للحظة، كان غوارديولا يمني نفسه بأن يتحوّل إلى البرتغالي جوزيه مورينيو، وأن يحالفه التوفيق في ليالي "الكاتيناتشو" واستخدام كرة القدم القبيحة لحرمان المنافس من هز الشباك. وقد مر شريط حياته أمامه حين خسر التأهل في 2010 أمام إنتر ميلان، عندما كان يدرّب برشلونة، في منافسات دوري أبطال أوروبا.
السؤال نفسه يتكرّر، ماذا لو كان مارتينيلي قد أخطأ التقدير، وذهبت الكرة إلى الخارج أو إلى يد الحارس، وانتهى الحدث بفوز مانشستر سيتي. سيكون مقبولاً تقديم التقدير لاسم غوارديولا الذي قرّر استخدام المرونة التكتيكية والتحوّل المباغت في الأسلوب من النقيض إلى النقيض وحصوله على ما يريد، فقط لأنّ السبب كان مبرّراً للنتيجة أو هكذا يخبرنا المنطق.
خلف غوارديولا عدد كبير من محلّلي البيانات، وبعض المساعدين، وساعات طويلة من رؤية المباريات وتحليلها واكتشاف الأخطاء وتصحيحها، ثم تأتي النتائج في غير صالحه، وسيكون من المنطقي تحديد سبب الإخفاق أنه تنازل عن أسلوبه، وسحب عناصر هجومية من التشكيلة. ولكن في كثير من الأحيان يخسر المدرب الإسباني ويكون السبب الإفراط في شن هجمات على المنافسين من دون حساب المرتدات.
قليل من الحظ قد يفيد في النتائج، لكنه لن يكون مقبولاً الحديث عنه كسبب في النجاح أو الفشل، فالعقول تميل إلى استخدام المنطق والنتائج المترتبة على الأسباب الواضحة، والقرارات المتخذة وتوقيتها. لكنهم في الوقت نفسه يشاهدون تسديدات من مسافة 40 متراً وأكثر تدخل الشباك في أوقات صعبة، بحيث إذا كرّرها أصحابها في الظروف عينها عشرات المرات قد لا ينجحون في إطلاق الكرة على هذا النحو.
وما يخفف من وطأة الحدث على غوارديولا أنّ ميكيل أرتيتيا، مدرب أرسنال، كان يوماً ما يجلس معه في فريق واحد يساعده في إعداد خططه، ولاحظ طريقة تفكيره. أما المثير للحزن من عشاق الفريقين فهو أنّ التعادل يخدم المتصدر ليفربول... ومن يعشقون الحديث عن "التوفيق" بنوع من التوازن فلديهم عبارة مأثورة: "الحظ لا يدقّ الأبواب بطريقة عشوائية... المهم أن تكون موجوداً حين يطرق منزلك".