يعشق خوان لابورتا رئيس برشلونة لغة التفاؤل. يتحدث عن قدوم نيكو ويليامز جناح أتليتك بلباو بعد كسر عقده، ثم ينهار الاتفاق أكثر من مرّة، بعدها يتطرّق إلى عودة الفريق نحو ملعب "كامب نو" لبدء الموسم، ويضطر إلى التراجع والانسحاب مجدداً نحو ستاد "مونتجويك"، ويشدّد على استعادة الوضع الطبيعي، وفقاً لقواعد اللعب المالي النظيف ولا يحدث ذلك على أرض الواقع.

عشرات الوعود والأحاديث، بعضها يتحقق والآخر لا؛ ووسط هذا الصخب، يعيش الألماني هانسي فليك أيامه في حرب بين "الدببة والثيران". تميل الإدارة إلى بيع بعض الأسماء لتحسين الدخل، ويرفض المدير الفني التفريط بممتلكاته داخل قائمة الفريق، وتمر الأيام ولا شيء مضمون، سواء بين رجال القصر أو الردهات أو الحديقة الخلفية.

حرب "الدببة والثيران" اصطلاح معروف في "وول ستريت"، يمثل الصراع بين المتشائمين والمتفائلين، بالنسبة إلى شراء الأسهم والأوراق المالية، وهو الحال نفسه داخل برشلونة. يعشق لابورتا والمدير الرياضي البرتغالي ديكو الاستجابة لعروض بيع بعض الأسماء مثل فيرمين لوبيز، وفي المقابل، يبعث فليك المزيد من الطمأنينة للاعب بأنه سيحصل على فرص كثيرة لا محالة، وأنه دائماً ضمن خططه.

لم يكن فليك بحاجة لأن يثبت صحة قراره، لأنّ لوبيز تألق بشكل لافت في الأسابيع الأولى من الموسم الجديد، سواء في تسجيل الأهداف أأم في السيطرة على وسط الملعب، لينحو المدير الفني الألماني من هذه الحرب بأقلّ الأضرار.

ربما خسر معركة صغيرة في خضم هذه الأحداث بعدما قرّر قلب الدفاع المخضرم إينيغو مارتينيز مغادرة الفريق والذهاب إلى النصر السعودي بموجب صفقة انتقال حرّ. لكن المدرب نال في المقابل جوهرة غالية، بعد ضمان قيد الجناح الإنكليزي ماركوس راشفورد في القائمة، عقب إفساح الطريق أمام مساحة من الرواتب سمحت بتسجيل اللاعب.

ينتمي فليك إلى ألمانيا، لكنه أيضاً يدين بالولاء لعمله بالدرجة الأولى، وقد أدرك أنّ أهم مشكلات برشلونة كانت في مركز حراسة المرمى، الذي كان يشغله مواطنه مارك آندريه تير شتيغن، بعدما أصبح ثغرة واضحة في الأداء؛ لذا كان القرار بقدوم خوان غارسيا من إسبانيول عبر كسر عقده. وأثبتت التجربة نجاح قراره، ولا سيما أنّ هناك الكثير من الكرات التي كانت تتحوّل في الأوضاع العادية إلى أهداف برعاية حامي عرين "المانشافت"، وجرى صدها بسهولة من الوافد الجديد.

انطلاقة متذبذبة لبرشلونة في الليغا. (أ ف ب)

ربما لم يحصل فليك على كل ما كان يريده في سوق الانتقالات الصيفية الماضية، فكان يميل إلى ضم قلب دفاع، ثم ظهير أيمن. لكنّ الحياة مع لابورتا لا تمنح كل شيء، وعليه تقبّل الأمور كما هي كي يسير القارب بسلام وسط أمواج الليغا وعواصف دوري أبطال أوروبا بشكله الجديد، ونداءات الواجب الوطني للمنتخبات التي تأخذ لاعبيه في ذروة الموسم.

يُدرك فليك أنّ التنقل بين ملاعب مختلفة للبحث عن أرض يصيب اللاعبين بالارتباك، خصوصاً بعد قرار النادي خوض مباراة فالنسيا على ملعب "يوهان كرويف" الفرعي الذي يستخدمه الفريق الرديف في مباريات الدرجة الرابعة ثم فرق الشباب، والعودة إلى "مونتجويك" مجدداً، ومراقبة الضغط الذي تمارسه الإدارة على الشركة المنفذة لأعمال "كامب نو" من أجل إمكانية الذهاب إلى هناك وإنهاء هذا الشتات... كل هذه أوضاع استثنائية يعيشها المدرب الألماني منذ وصوله، وربما عليه الآن إدراك أنه وقع أسيراً لألعاب لابورتا لكن عليه العمل.